قطع الرئيس الامريكي المنتخب باراك اوباما علي نفسه عهدا بأن يغلق معتقل جوانتانامو رمز الظلم والجبروت الذي مارسته ادارة سلفه جورج بوش الابن.. وقد تضاربت الانباء مؤخرا بشأن اتخاذ اوباما قرارا يقضي بإغلاق اسوأ سجون العالم سمعة غير ان مستشاره للشئون الخارجية رنيس ماكدوناه سارع الي نفي هذه الانباء مؤكدا التزام اوباما بتصريحاته الانتخابية السابقة غير ان تحديد آلية لمحاكمة معتقلي جوانتانامو لا يزال سابقا لاوانه ولن يحدث قبل الانتهاء من تشكيل عناصر الامن القومي والشئون القانونية في الادارة الامريكيةالجديدة. ومن المؤكد أن اغلاق معتقل جوانتانامو احدي اصعب القضايا التي ستواجه الرئيس الامريكي الجديد، ورغم ان المرشحين الديمقراطي باراك اوباما والجمهوري جون ماكين قالا انه يجب اغلاق المعتقل الا ان اي منهما لم يقل كيف سيفعل ذلك. وفتح المعتقل ابوابه عام 2002 في قاعدة عسكرية امريكية في جنوب شرق كوبا لاحتجاز معتقلي "الحرب علي الارهاب"، وقد تغير منذ ايامه الاولي التي كان فيها السجناء يحتجزون ببدلاتهم البرتقالية في اقفاص في مشهد اثار غضب العالم. ويحتجز في هذا المعتقل تحت حراسة مشددة حاليا 255 من اصل 800 معتقل اعتقلوا فيه عند افتتاحه. ويقول جوناثان هافيتز من نقابة الحريات المدنية الامريكية ان المعتقل لا يزال "اخفاقا يقوض ليس فقط سمعة ومصداقية الولاياتالمتحدة بل كذلك امنها". وتطلق اللجان العسكرية الامريكية المكلفة محاكمة هؤلاء المعتقلين، عليهم اسم "المقاتلين الاعداء". ويحتجز هؤلاء المعتقلون لفترة غير محدودة دون توجيه الاتهامات لهم. ولم تتح لهم فرصة الطعن في احتجازهم امام محكمة مدنية سوي في يونيو 2008 . واقر البيت الابيض الاسبوع الماضي انه من المرجح ان لا يغلق الرئيس الامريكي جورج بوش معتقل جوانتانامو قبل تسلم خلفه مقاليد السلطة في 20 يناير. وذكرت دانا بيرينو المتحدثة باسم البيت الابيض بشان جوانتانامو الذي يعتبر في انحاء العالم رمزا لاساليب البيت الابيض المتشددة في الحرب علي الارهاب "لقد قلنا منذ فترة ان المعتقل لن يتم اغلاقه قبل نهاية عهد الرئيس". واضافت ان "الرئيس وادارته يعملون للوصول الي وضع يمكن فيه اغلاق جوانتانامو -- ونعمل علي ذلك منذ فترة". وصرح وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس ان اغلاق جوانتانامو يتطلب أولا قانونا يصدره الكونجرس يحظر هجرة المفرج عنهم الي الولاياتالمتحدة. واضاف الشهر الماضي "اخر ما نريده هو ان يعود اي من هؤلاء الي الولاياتالمتحدة". الا انه اشار الي انه "لا يمكن الحصول علي قرار من الكونجرس بشان جوانتانامو في منتصف عام الانتخابات" واضاف "اعتقد ان هذه مسألة يجب ان تعالج في مطلع الادارة المقبلة". ويتفق الخبراء علي ان اغلاق معتقل جوانتانامو سيمثل معضلة لأوباما. وكما فعلت ادارة بوش مع اكثر من 500 معتقل، فان الادارة المقبلة يجب ان تبدأ بارسال معظم المعتقلين المتبقين الي اوطانهم. وهناك كذلك مسالة ما يجب فعله بشأن المعتقلين الذين يواجهون خطر ملاحقتهم في حال ارسالهم الي اوطانهم بمن فيهم السجناء الاويجور الصينيون والجزائريون والليبيون. وفي مسعاها لايجاد بلد ثالث يمكن ان يقبل به، وجدت الحكومة الامريكية عددا من الدول التي تطوعت بذلك ويري هافيتز ان الحل هو "اطلاق سراحهم مؤقتا في الولاياتالمتحدة". الا ان ستيفن اوليسكي المحامي الذي يدافع عن ستة من المعتقلين، انه نظرا لان بوش وصف معتقلي جوانتانامو اكثر من مرة بانهم "اسوأ الاسوأ" فان الولاياتالمتحدة لن تكون مستعدة لقبولهم. وتدور معركة قضائية حاليا حول مصير 17 من مسلمي الاويجور المتحدرين من مقاطعة شينجيانج شمال غرب الصين بعد ان امرت محكمة امريكية بالافراج عنهم علي الاراضي الامريكية واقامتهم عند عائلات من الاويجور تقبل باستضافتهم. وازالت الحكومة الامريكية صفة "المقاتلين الاعداء" عن هؤلاء المعتقلين في عام 2003 وسمحت بالافراج عنهم في عام 2004، الا ان الحكومة اوقفت الافراج عنهم علي الاراضي الامريكية وقالت ان ذلك سيشكل "خطرا واضحا علي هذه البلاد". والسؤال الاخر الملح هو ما الذي سيحدث لعشرات المعتقلين الذين يحاكمون او سيحاكمون في قضايا جرائم الحرب امام لجان عسكرية. وسيواجه الرئيس الامريكي المنتخب وقتا صعبا في اقناع الناخبين المحليين بقبولهم في السجون العسكرية داخل الولاياتالمتحدة. وربما يكون السؤال الاكثر تعقيدا هو: هل اغلاق جوانتانامو يعني اغلاق محاكم اللجان العسكرية، وهو النظام الذي انتقده اوباما واشاد به ماكين؟ وقد شكل الكونجرس تلك المحاكم للحكم علي المعتقلين في "الحرب علي الارهاب". وبحلول الوقت الذي سيتولي فيه اوباما السلطة، ستكون تلك المحاكم قد حاكمت نحو ستة من المعتقلين. ولا يشتمل ذلك الخمسة المتهمين بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر.