في أواخر السبعينيات من القرن الماضي زادت وتيرة ضرب التلاميذ في المدارس عن حدها مما استوجب تسليط الصحافة الضوء علي هذه الظاهرة.. كنت في بداية حياتي الصحفية.. كما أنني كنت ذات يوم أحد التلاميذ الذين نالوا من الضرب أشكالاً وألوانًا.. فقررت عمل تحقيق صحفي حول هذه الظاهرة.. وسألت الخبراء هل الضرب وسيلة تربوية فعالة؟!.. وكان أول ما فطن إلي ذهني الأستاذ الراحل زكي الشيباوي ناظر مدرسة المبتديان الثانوية الحكومية بالسيدة زينب "مدرستي" باعتباره كان أكثر المستخدمين لهذه الوسيلة حيث يملك "خيزرانة" محترمة كان نصيبي منها ذات يوم 60 ضربة علي قدمي وأذكر أنني ظللت طوال هذا اليوم حافيا لست بقادر علي ارتداء الحذاء من شدة الألم!!.. وسبب معاقبتي.. تغيبي عن المدرسة.. وبمعني أدق "تزويغي"!!. توجهت إلي الأستاذ زكي الشيباوي بصفتي صحفيا.. وتبادلت معه حديث الذكريات وسألته هل تري فعلا أن الضرب وسيلة فعالة لمعاقبة التلميذ؟!.. ابتسم وقال لي اسأل روحك.. لو لم أضربك ربما كان مصيرك غير ما أنت عليه الآن.. وهناك لواءات وأطباء ومهندسون كانوا تلامذة عندي ومازالوا يزورونني.. بل ويشكرونني علي ما نالوه من ضرب!! الأستاذ الراحل زكي الشيباوي كان شخصية تربوية جديرة بالاحترام.. كان أي أستاذ في المدرسة لا يجرؤ علي إشعال سيجارة أمامه.. بل شاهدت مرارًا مدرسين وهم يتخلصون من السيجارة التي أشعلوها للتو بمجرد ظهوره في فناء المدرسة.. ابنه كان زميلا لنا في المدرسة ولم نسمع يومًا أن حظه أوفر منا!. تذكرت تلك المشاهد من شريط الذكريات بعد الضجة التي أثيرت حول تصريحات الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم التي قال فيها إن إلغاء ضرب التلاميذ بالمدارس أضاع هيبة المعلم.. وأنا متفق معه تمامًا في هذا الأمر.. بل وأؤيده بشدة.. في حال إذا كان للمعلم هيبة أصلا في ظل تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية التي كانت ولاتزال السبب الحقيقي في إضاعة هيبته.. بل والسبب الأهم في عزوف الكثير من الطلاب عن الذهاب إلي مدارسهم والاكتفاء بالمدرس الخاص!. يا دكتور أحمد زكي بدر.. أزعم أنك تدرك تلك الأمور جيدًا.. ولذا أقول لك: "إذا أردت أن تطاع.. فأمر بما يستطاع".. إذا أردت السماح بضرب التلاميذ في المدارس فعليك أولا إلغاء الدروس الخصوصية التي جعلت من العملية التعليمية مجرد "سبوبة" يستفيد منها المعلم والناظر.. أقصد مدير المدرسة بلغة هذه الأيام!! فقط للتذكرة.. كان الراحل زكي الشيباوي في ذلك الوقت يشغل منصب مدير التعليم الخاص وكان يمتلك مدرسة خاصة أمام مدرستنا الحكومية.. وأشهد أن مدرستنا بفضل إدارته كانت أكثر انضباطاً من مدرسته التي يمتلكها.. الله يرحمك يا زكي يا شيباوي.. ويعطيك طول العمر يا دكتور أحمد زكي بدر لإعادة هيبة المدرس!!. كلام في الهوا: هل ثمة علاقة بين العبوة الناسفة التي ألقيت علي المعبد اليهودي بشارع عدلي.. ووصول السفير الإسرائيلي الجديد إسحق ليفانون إلي القاهرة خاصة أن الحادث وقع قبيل ساعات من تسليم السفير الإسرائيلي نسخة من أوراق اعتماده إلي وزير الخارجية أحمد أبوالغيط؟! الحادث رغم بدائيته يبدو وكأنه رسالة من جهات ربما تكون غير مصرية.. وعلي أجهزتنا الأمنية فك شفرته والتعامل معه بمنتهي الحذر.