تواجه وزارة المالية ورطة فعلية لانخفاض الإيرادات العامة المتوقعة للعام المالي المقبل مقابل المصروفات المطلوبة لتنفيذ عدد من الخطط المؤجلة قبل الأزمة مما أعطي مؤشراً واضحًا لارتفاع العجز الكلي بالموازنة العامة بعد توالي ارتفاع المصروفات العامة لتصل إلي 351.5 مليار جنيه مقارنة ب282.3 مليار العام السابق في حين انخفضت الإيرادات تبعا للتقرير المالي عن الأداء الاقتصادي خلال النصف الأول من العام المالي الحالي بنسبة 48 ٪ لتسجل 94.7 مليار جنيه مقارنة ب127.7 مليار العام السابق الأمر الذي دفع بمعدل العجز إلي تسجيل أرقام كبيرة لم تكن وزارة المالية تأخذها في الحسبان عند إقرار الموازنة السابق. وأكدت مصادر بوزارة المالية ل"روزاليوسف" أن الموازنة الجديدة لم تظهر ملامحها بعد بسبب ارتفاع مطالب جميع الجهات المختلفة خاصة في بند الأجور الذي سجل ارتفاعا بنسبة 14.1٪ لتصل إلي 38 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام مع توقعات بارتفاع مخصصات الأجور البالغة 74 مليار جنيه بنحو 8 مليارات جنيه أخري. أوضحت أن عودة ارتفاع أسعار السلع مرة أخري متأثرة بارتفاع أسعار البترول سيرفع مخصصات الدعم والشراء الحكومي بنسبة تتراوح بين 10و15٪ لتعود مرة أخري إلي نفس معدلات العام السابق. أضافت المصادر أن المحصلة النهائية التي تواجه الوزارة هي ارتفاع معدل العجز إلي 11 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 8.5٪ حاليا رغم أن منحني الخطر الذي كانت قد حددته الوزارة قبل ذلك بواقع 9 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي لافتة إلي أن العجز يواصل ارتفاعه حاليا مسجلا 57.5 مليار جنيه مقارنة ب36.1 مليار بسبب استمرار التباطؤ الاقتصادي والانخفاض الكلي للإيرادات مقابل المصروفات. أشارت المصادر إلي أن الموازنة الجديدة المقرر إحالتها للبرلمان في موعد أقصاه 31 مارس المقبل تسعي جاهدة لتقليل الفجوة بين الإيرادات والمصروفات من خلال زيادة المتوقع من الحصيلة الضريبية المحددة بواقع 145 مليار جنيه من خلال التركيز علي ملف المتأخرات الضريبية وبحث ملفات التهرب الضريبي مع التركيز علي القطاعات القائدة للنمو مثل الاتصالات والبناء والتشييد والبترول مع ضغط مخصصات الاستثمارات الحكومية واستبدالها بمشروعات منفذة بالشراكة مع القطاع الخاص. أوضحت المصادر أن إجمالي الاستثمارات المنفذة من المتوقع أن ترتفع خلال العام المقبل بواقع 8 مليارات جنيه وتغطية 3.5 مليار جنيه التي طلبها رئيس مجلس الوزراء استثمارات إضافية في التعليم خلال 3 سنوات لافتة إلي أنه سيتم رفع إجمالي الاستثمارات المنفذة عن طريق الشراكة مع القطاع الخاص واستمرار تحسن الأداء الاقتصادي مع التركيز علي المتأخرات الحكومية التي تصل إلي 150 مليار جنيه. ويري الدكتور شريف دلاور الخبير الاقتصادي أن مصر لا ينقصها موارد ولكن المشكلة في عدم استخدام الموارد فنحن نحتاج خلال الفترة المقبلة إلي زيادة كفاءة استخدام تلك الموارد والتعامل مع الفاقد لافتا إلي أن اليابان قامت بتنفيذ برنامج قومي للفاقد وفر لها عدة مليارات استخدمتها في خطط التنمية حيث من المتوقع أن يوفر برنامج مثيل في مصر نسبة تتراوح بين 1 و2٪ من الموازنة العامة للدولة. أضاف أن تطبيق الضريبة التصاعدية أحد الموارد التي من الممكن أن تلجأ إليها الحكومة لزيادة مواردها مع خفض نسب التهرب الضريبي والذي تصل تكلفته إلي 20 مليار جنيه فضلاً عن منظومة لضم الاقتصاد غير الرسمي والذي سيسفر عن موارد ضريبية جديدة تدعم الحصيلة وتمكن الدولة من تنفيذ برامجها. أشار دلاور إلي أن العلاج لن يأتي دون محاولات لإعادة النظر في الموارد الموجودة بالفعل وكيفية توظيف عوائدها وتقليل الهدر المتوقع عنها مع تنفيذ استثمارات في قطاعات الزراعة والصناعة تظهر نتائجها علي المدي الطويل. وأكد الدكتور محمد عبدالعزيز حجازي- الخبير الاقتصادي- أن دفع البنوك للقيام بدورها التنموي في تخصيص محفظة استثمارية بدلا من الاقتصار علي توظيف السيولة في الإقراض الفردي سيعمل علي تنفيذ استثمارات كبيرة سيكون لها عائد كبير مع حفز قدرة الاقتصاد المصري علي النمو للعودة بالمعدلات الطبيعية محذرًا من استمرار اللجوء إلي الاستدانة وزيادة عجز الموازنة.