ربما لا تعني التغيرات المناخية الكثير بالنسبة للعالم المتقدم حتي وان كان هو المتسبب فيها، وذلك لأن الفقراء وسكان الدول النامية أو الجزء الجنوبي من العالم سيكون الأكثر تأثرا بالاحتباس الحراري دون أن يملك الموارد الكافية لمواجهة هذا الخطر ليقف يشاهد في سكون ما سيحل بأرضه ومائه وأخضره ويابسه عاجزا عن درء الوحش المناخي. المعهد الدولي للبيئة والتنمية في بريطانيا أصدر مؤخرا دراسة مفصلة بعنوان "التغيرات المناخية والحضر الفقير" تحدد أكثر 15 مدينة ستتأثر بالتغيرات المناخية في العالم مع قياس حجم الخطورة علي كل منها. تشمل هذه المدن مدنا ساحلية يتوقع أن يرتفع فيها منسوب البحر ليغطي علي الأرض المنخفضة التي يعيش فوقها السكان ومدنا جافة تعاني من شح الموارد المائية بسبب فترات الجفاف الممتدة وأخيرا مدنا داخلية تعاني من الفقر وتسارع وتيرة التمدن فيها. اللافت في هذه الدراسة أن 12 مدينة من بين ال15 موضوع التقرير كانوا مدنا افريقية والمدن الثلاث الباقية كانوا في آسيا. بالنسبة لتصنيف المدن الساحلية، حددت الدراسة مدن مابوتو (موزمبيق) ودار السلام (تنزانيا) ومومباسا (كينيا) وخولنا (بنجلاديش) وكوتونو (بنين) كأكثر المدن تأثرا بتغير المناخ. وقالت ان هذه المدن تعاني من الفيضانات وارتفاع مستوي البحر والتعرية نتيجة الأعاصير الحلزونية في مدينة مابوتو في موزمبيق مثلا، فيما ستعاني هذه المدن أيضا من تقلص مساحة الأراضي الصالحة للزراعة نتيجة لاغراق هذه الأراضي بمياه البحار المالحة والتي ستحدث تغييرات في المنظومة البيولوجية للكائنات الحية. وفيما يخص المدن الجافة التي تقل بها الأمطار وبالتالي يؤدي الجفاف فيها إلي نقص في مياه الشرب وارتفاع في أسعار الغذاء عوضا عن التسبب في غبار شديد واثارة عواصف رملية تسبب الأمراض التنفسية ويؤذي العين نتيجة التلوث، فقد شملت القائمة مدن نواكشوط (موريتانيا) وديوربل (السنغال) وباماكو (مالي) والخرطوم (السودان). أما بالنسبة لتصنيف المدن الداخلية التي تتغير فيها نسب الأمطار مثل مدن تيمبو (بوتان) وكاتماندو (نيبال) وهيراري (زيمبابوي) وكمبالا (أوغندا) ولوساكا (زامبيا) وبلانتاير (مالاوي)، فقد تحدث فيضانات نتيجة لزيادة المياه في الأنهار أو تركز مياه الأمطار بكميات قليلة وعواصف شديدة. هذه الفيضانات كما تقول الدراسة تدمر البنية التحتية بما قد يسبب أضرارا لصحة السكان بينما تؤثر الأضرار التي تلحق بالطرق علي معيشة السكان ومستوي دخولهم وقد تتسع الأضرار لاصابة المحاصيل الزراعية بما قد يؤدي لانتشار المجاعة وانتشار المياه الملوثة بما يسبب الأمراض من كوليرا وملاريا واسهال.