مع انطلاق فعاليات قمة كانكون, يأمل الجميع في أن تنجح في إزالة الصورة السيئة للدول المتقدمة التي رسختها قمة كوبنهاجن التي شارك فيها130 رئيس دولة وحكومة في التاسع عشر من ديسمبر الماضي. وانتهت باتفاق هزيل ينص علي ضرورة خفض انبعاثات الكربون للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض. بواقع درجتين دون وضع تاريخ محدد لذلك, وهو ما لاقي معارضة شديدة من جماعات الحفاظ علي البيئة والدول النامية علي حد سواء بسبب عدم وضع خطوات محددة للحد من تلك الانبعاثات, كما أن الاتفاق لم ينص علي ضرورة تقليل أقصي مدي وصلت إليه الانبعاثات الغازية المتسببة في ظاهرة الاحتباس الحراري وزيادة درجة حرارة الأرض وذلك بسبب رفض الصين القاطع لذلك. وقد احتدم الخلاف بين الدول الغنية والفقيرة في كوبنهاجن بسبب إصرار الأخيرة علي ضرورة النص علي عدم السماح بزيادة درجة حرارة ونصف فقط مع تحديد نسب حقيقية وعملية لخفض الانبعاثات المتسببة في المشكلة, وهو الأمر الذي رخصته الدول المتقدمة لنفسها لأن أنشطتها الصناعية الواسعة النطاق هي التي تتسبب في زيادة الانبعاثات الغازية. وأكدت كل المجموعات الإقليمية للدول النامية أن هذا الاتفاق ضعيف للغاية, وأن الفرصة التي كان العالم أجمع ينتظرها لحماية الأرض من الآثار السلبية للتغيرات المناخية قد ضاعت, وأن قمة كوبنهاجن لم تكن إلا قمة للحلم الضائع. وأشارت الدول النامية كذلك إلي أن اتفاق كوبنهاجن سيتسبب في المزيد من الفيضانات والكوارث والجفاف والانهيارات الطينية وارتفاع منسوب البحر وغيرها من الكوارث البيئية التي ستشهدها الدول النامية بسبب سماح تلك المتقدمة بزيادة درجة حرارة الأرض بمقدار درجتين, لا لشئ إلا لعدم رغبتها في تقليل انبعاثاتها بالدرجة التي كان يأملها العالم لكبح جماح التغيرات المناخية, وذلك حتي لا تتوقف خزائنها عن الامتلاء وليذهب الفقراء إلي الجحيم. وربما كان الشيء الوحيد في قمة كوبنهاجن هو تعهد الدول المتقدمة بتقديم مساعدات مالية للدول النامية تصل إلي30 مليار دولار حتي عام2012, بينها11 مليارا من اليابان, ومليار واحد من الاتحاد الأوروبي و3.6 مليار من الولاياتالمتحدة, كما تضمن الاتفاق كذلك تقديم100 مليار دولار سنويا بعد ذلك التوقيت للدول النامية لمساعدتها في التكيف والتصدي للتغيرات المناخية. ووضع الاتفاق أيضا إطارا للشفافية الدولية فيما يتعلق بالتحركات المناخية بالنسبة للدول المتقدمة والنامية علي حد سواء. واليوم فإن العيون كلها تتركز علي مدينة كانكون المكسيكية لعلها تشهد حدوث المعجزة التي تتمثل في التوصل إلي معاهدة جديدة تلزم الدول المتقدمة, وفي مقدمتها أمريكا والصين, بخفض محدد ومشروط لانبعاثاتها, ودعم الدول النامية بميزانيات أكبر لدعم إجراءات تكيفها لمواجهة المشكلة. واذا كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد دافع عن اتفاق كوبنهاجن للتغير المناخي, وقال عقب مغادرته القمة إن الاتفاق خطوة أولي علي طريق طويل, واعترف أنها غير كافية وتحتاج إلي خطوات أخري. وأضاف أن الدول الصناعية الكبري: توافقت علي تحمل مسئولية اتخاذ خطوات كفيلة بالحد من خطر التبدلات المناخية ووضع حد لارتفاع حرارة الأرض بحيث يقتصر ذلك علي درجتين فقط, إلا أنه أردف أن الاتفاق لن يكون كافيا للوصول إلي ما يطمح البشر إليه علي المستوي المناخي بحلول عام2050 وبالتالي فعليه أن يتحرك في كانكون لاصلاح ماشارك في إفساده في كوبنهاجن قبل فوات الأوان لأن استمرار تباطؤ الدول الكبري في اتخاذ قرارات حاسمة في مواجهة التغيرات المناخية يعطي الحق لجميع الدول في إطلاق العنان للصناعات الملوثة للبيئة تحت اسم التطور والنمو الصناعي. وبالرغم من تأييد الاتحاد الأوروبي للاتفاق, فإنه لم يلب الطموحات الأوروبية حيث قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إنها تؤيد التسوية التي أفضت إلي الاتفاقية, علي الرغم من وجود تحفظات لديها عليها. وقالت: القرار كان صعبا جدا علي. لقد تقدمنا خطوة واحدة, لكننا كنا نأمل بالتقدم عدة خطوات. ووصف رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون قمة المناخ في كوبنهاجن بأنها: خطوة أولي علي طريق معاهدة ملزمة يجب أن تقبل بها الدول سريعا. ولم يسلم من الانتقادات الأوروبية أيضا فقد أعرب وزير البيئة البلجيكي بول مانييت عن خيبة أمله إزاء الاتفاق, مؤكدا أن القمة كانت بمنزلة: فرصة ضائعة. وهذا ليس اتفاقا وإنما وسيلة وإطار من أجل التوصل إلي اتفاق لا أكثر من هذا. وقال رئيس الوزراء السويدي فريدريك رينفيلدت في مؤتمر صحفي عقد في كوبنهاجن: لنكن صادقين, إن هذه ليست اتفاقية جيدة ولن تعالج مشكلة المناخ. وقد انقسمت الجماعات البيئية حول الاتفاق, حيث رحبت به المنظمات الكبري, مثل مجلس الدفاع عن المصادر الطبيعية, باعتباره خطوة أولي, بينما نددت به المنظمات الأكثر ليبرالية, مثل جماعة السلام الأخضر. وأعرب رئيس الصندوق العالمي لحماية الحياة البرية عن خيبة أمله لنتائج قمة كوبنهاجن للمناخ, واعتبرها تمثل هوة بين النظرية والتطبيق. كما انتقد نشطاء البيئة اتفاق الحد الأدني لمعالجة ظاهرة الاحتباس الحراري, فيما حلق عدد من الناشطين رءوسهم تعبيرا عن خيبة الأمل من النتائج التي خرجت بها قمة كوبنهاجن. ووصفت منظمة السلام الأخضر في بيان صدر بعد اتفاق اللحظة الأخيرة, مؤتمر كوبنهاجن بأنه كان فاشلا بامتياز, وعجز عن التوصل إلي اتفاق يقترب حتي مما هو ضروري للسيطرة علي تغير المناخ, بما في ذلك وضع جدول زمني واضح وتفويض لمعاهدة ملزمة, معربين عن خيبة أملهم من الدور السلبي للاتحاد الأوروبي.