مبني متهالك.. مهجور.. عراقته لم تشفع له بالبقاء فتم نقل آثاره ومقتنياته لمكان آخر.. إنه متحف الشرقية القومي الذي افتتح عام 1973 ليضم وثائق ومعروضات تتعلق بالزعيم أحمد عرابي ولذلك أنشئ في قرية هرية رزنة مسقط رأس الزعيم التي تقع علي بعد 2 كم من الزقازيق بمحافظة الشرقية. المبني تم إغلاقه منذ 10 سنوات وهو ما دعا الأهالي إلي إقامة متحف لعرابي بالجهود الذاتية حبا له وتكريما وتخليدا لذكراه. يبدو للوهلة الأولي بنوافذه الزجاجية المحطمة والقمامة المحيطة بجانب بوابته مجرد مبني مهجور منذ سنوات ونظرا لكون المتحف مغلقاً وممنوع من الزيارة حاولنا الدخول عن طريق مساعدة أحد العاملين فيه لمشاهدة وضع المتحف من الداخل الذي لا يختلف كثيرا عن حالته الخارجية، مجرد صالات عرض خاوية لا توجد بها سوي قطع خشبية لعرض المقتنيات والمعروضات بالمتحف متهالكة ومخازن مغلقة بها ما تبقي من معروضات المتحف بعد نقل الآثار الفرعونية به إلي متحف تل بسطة وخروج معروضات مدرسة بحر البقر بالكامل، كما أشار أمجد ماهر موظف بالمتحف إلي أن المقتنيات الخاصة بالواقعة الشهيرة للعدوان الإسرائيلي علي مدرسة أطفال بحر البقر بالشرقية من حقائب التلاميذ الشهداء وملابسهم الملوثة بالدماء وألعابهم وقنبلة لم تنفجر من ضمن القذائف التي ألقيت علي المدرسة وغيرها من المقتنيات المتعلقة بها تم تحميلها علي جرار منذ 7 سنوات وخرجت من المتحف دون وجود أي محضر جرد ولا نعلم الجهة التي ذهبت إليها المعروضات لسوء الإدارة بالمتحف. ويلقي إغلاق المتحف وعدم الاهتمام به استياءً من قبل أهل القرية حيث يعتبرون وجوده بقريته مسقط رأس الزعيم أحمد عرابي أقل تكريم له. ويشير طارق الشهيدي عضو المجلس المحلي بمحافظة الزقازيق ومن أهل القرية - إلي أن إغلاق المتحف تم منذ ما يقرب من 10 سنوات ونقلت مقتنياته إلي أماكن أخري في غفلة من أهل القرية وبدون أن يشعر أحد لأنه لو علموا لاعترضوا علي هذا الأمر علي أساس أن قرية أحمد عرابي أحق من أي مكان آخر بالشرقية بإقامة المتحف بها وباعطائه الاهتمام الكافي. ويضيف أنه في السابق كان المتحف قبل إغلاقه يعد من أهم معالم الشرقية ومزاراتها التي كان يتوافد إليها السائحون وتلاميذ المدارس والجامعات علي مستوي الجمهورية لذا كان مفتوحاً علي مدار 24 ساعة. أشرف رجب - محاسب من أهل القرية - يبدي اندهاشه من الإهمال الذي يعاني منه المتحف وإغلاقه علي مدار السنوات الماضية ونقل مقتنياته إلي مكان آخر بدلا من إعطائه الاهتمام الكافي تخليدا لذكري زعيم من رموز الأمة، واعتبر عودة المقتنيات إلي المتحف مرة أخري مطلباً جماهيرياً لأهل القرية إلي جانب وضع تمثال للزعيم أحمد عرابي بمدخل القرية. وينتقد محمود أبوزيد - موجه بالأزهر- وجود أعداد كبيرة من موظفي المجلس الأعلي للآثار علي الرغم من إغلاق المتحف وخلوه من المقتنيات علي مدار سنوات طويلة ويقول كان الأجدر بالمسئولين بدلا من الاهتمام بوجود هذا العدد من الموظفين ترميم المتحف وإعادة المقتنيات.. لافتا إلي معاناة بيت الزعيم أحمد عرابي المتواجد بالقرية من نفس المشكلة من ناحية عدم الاهتمام علي الرغم من كونه مسجلاً بالآثار ولكن لا يعرفه الكثيرون وخاصة بعد إغلاق المتحف. ونظرا ليأس أهل لاقرية من إعادة المتحف مرة أخري بعد إغلاقه قاموا بإنشاء متحف خاص بالجهود الذاتية لأحمد عرابي ويضم متحفهم الخاص تماثيل لعرابي ورفاقه وبعض المقتنيات الخاصة به ولوحات تمثل وقائع موقعة التل الكبير وغيرها. عبدالفتاح أحمد - حفيد الزعيم عرابي - يؤكد أن تخزين المقتنيات المتواجدة بمتحف آثار الشرقية وخاصة ما يتعلق بأحمد عرابي ومدرسة بحر البقر لكون باقي الآثار الفرعونية ذهبت إلي متاحف أخري في عهد محافظ الشرقية الأسبق حسين رمزي كاظم بحجة ترميم المتحف وعندما وجدنا إهمالاً وتراخياً يأسنا من إعادة فتحه مرة أخري وقمنا بإنشاء جمعية أحمد عربي الثقافية بالقرية بالجهود الذاتية واستطعنا أخذ قطعة أرض لبناء متحف صغير خاص بالزعيم أحمد عرابي. ويطالب عبدالفتاح بمحاسبة المسئولين عن الاهمال في معروضات أحمد عرابي ومدرسة شهداء بحر البقر، ويتسأل أين هذه المعروضات الآن، أم طالتها يد الإهمال. أحمد شرف - مدير عام المتاحف الإقليمية يوضح أن متحف آثار الشرقية القومي بقرية هرية رزنة يعاني من مشاكل معمارية مما جعله آيلاً للسقوط ووجدنا أن ترميم المبني نفسه غير مجدِ وسيتكلف مبالغ مالية كبيرة إلي جانب أن المبني نفسه تجهيزاته محدودة في الوقت الذي يوجد فيه متحف آخر علي بعد 4 كيلو منه بمنطقة تل بسطة وجارِ تجهيزه علي أعلي مستوي ونقلت الآثار المتواجدة به إلي تل بسطة لتجهيزها للعرض في المتحف الجديد أما معروضات عرابي فهي بمخزن متحف هرية رزنة وهي عبارة عن تماثيل جصية حديثة وبانوراما لعرابي ورفاقه ولا توجد لعرابي أي مقتنيات شخصية بجناحه. وعن معروضات مدرسة بحر البقر يؤكد أنها ليست بالمتحف ولا يعلم عنها شيئاً لكونها خارج سلطته التي تقتصر علي مجرد المقتنيات الآثرية التي تمتد لأسرة محمد علي وتنتهي بالملك فاروق ومن بعد ذلك العصر الحديث كواقعة مدرسة بحر البقر أثناء حرب الاستنزاف لذا تخضع مثل هذه المقتنيات إلي المحليات. ويعبر شرف عن أسفه لعدم تقدير المحليات لقيمة هذه المقتنيات كونها ذاكرة أمة وشاهدة علي بشاعة العدوان الإسرائيلي ولذا عندما توضع مثل هذه الأشياء بعهدة موظف لا يعي أهميتها يكون مصيرها الضياع. ويضيف أن مباني متحف آثار الشرقية الحالي بهرية رزنة جاري التفكير في كيفية التصرف فيه من حيث استخدامه كمبني إداري مؤقت للمجلس الأعلي للآثار أو تسليمه للمحافظة للتصرف فيه كما يتم التفكير في عمل قاعات عرض لأحمد عرابي تضم المعروضات الخاصة به والبانوراما في قريته، مشيرا إلي أن عرابي ليست له مقتنيات شخصية بالمتحف وقد يكون ذلك ناتجاً عن أخذ أقاربه لمقتنياته الشخصية. من جانب آخر أشارت أصابع الاتهام من جانب بعض العاملين بالمتحف في اختفاء معروضات بحر البقر ولوحة نادرة لموقعة التل الكبير لأحمد عرابي التي لم يتبق منها غير بروازها الخشبي فارغاً لمدير المتحف السابق الذي تم نقله منذ أيام قليلة لسوء إدارته.