فتاة مصرية جميلة تركت وطنها لتتزوج من مناضل، وبالرغم من معارضة الأهل وعلمها بما ستواجهه من قدر مجهول ينتظرها في أفريقيا، فإنها قبلت تحمل هذه المسئولية واختارت البقاء بجانب القائد المناضل واختارت أن تصحبه في رحلته نحو الحرية والكرامة والاستقلال.. هي فتحية رزق زوجة الزعيم الغاني كوامي نكروما أول رئيس لغانا. جمال نكروما والابن الأكبر يروي: جاء التعارف بين والدته ونكروما غريبا، حيث أعجب نكروما في البداية بخالته الصغري قبل أن يري فتحية ولأنه في ذلك الوقت وفقا للتقاليد الأخت الكبري هي التي يجب أن تتزوج أولا فشاهد فتحية وأعجب بها وقال: إنها أجمل بكثير من أختها وقرر الزواج منها ووافقت أمي، فقد كانت رمزاً للمرأة القوية الشجاعة إذ قررت الزواج من قائد أسود أفريقي وتحدت بذلك الجميع، بينما رفضت أمها الزواج خشية مغادرتها للبلاد مع نكروما أسوة بشقيقها الذي تزوج من إنجليزية وغادر مصر، وقالت لها هاياكلوكي هناك في أفريقيا إلا أنها لم تنصت لكلام أمها فقد كان سر إعجابها بنكروما أنه أول زعيم أفريقي يحصل علي استقلال بلاده من بريطانيا، وقرأت كثيراً وقتها عن كفاحه ضد الاستعمار فكان لها البطل الذي تبحث عنه. ويضيف جمال أن الشعب الغاني كان شغوفاً جداً برؤية زوجة نكروما المصرية ولما رأوها قالوا: إن نكروما ذهب إلي مصر وتزوج عروسة النيل من شدة جمالها.. أما جدة جمال وحماة فتحية فكانت غاضبة لزواجه من صاحبة البشرة البيضاء علي الرغم من أن كوامي أقنعها بأن زوجته من أفريقيا، وعلي الرغم من كونها فاقدة للبصر إلا أنها أصرت علي أن تتلمس شعرها ومن ملمسه الناعم أدركت أنه يخدعها وأنها صورة مختلفة تماما عما عهدته في نساء غانا. عاشت فتحية في غانا 16 عاماً منهم 8 أعوام مع الرئيس كامي وأنجبت منه ثلاثة أبناء هم جمال وسيكو وسامية والثلاثة يشبهون والدهم وكانت تحظي بشعبية كبيرة بين أبناء الشعب لما كانت تقوم به من أعمال خيرية لدرجة أنهم أطلقوا علي ملابسهم اسم فتحية إذ كانت تقوم بشراء الملابس والهدايا للفقراء وتوزعها عليهم.. حتي الإطاحة بكوامي في عام 1966 وعادت إلي مصر في حماية الرئيس جمال عبدالناصر. وعن حياتها يقول جمال إنها عانت كثيراً لأجلهم ورغم شعورها بالوحدة أثناء انشغال والدهم بالسياسة إلا أنها حرصت علي ألا ينعكس هذا علي حياتهم وأن يحيوا كأطفال عاديين ويحصلوا علي حقهم من الدنيا في كل شيء، وبعد وفاة الرئيس جمال عبدالناصر قررت العودة إلي غانا بعد أن تغيرت الحكومة بأخري موالية حرصاً منها علي أن يعودوا إلي جذور والدهم ولكن حدث انقلاب عسكري ثاني عام 1979 وسافرت بعد انقضاء السنة إلي القاهرة مرة أخري وتوفيت 31 مايو 2007 في القاهرة نتيجة نزيف حاد أصابها بعد فترة من المرض عن عمر يناهز 75 سنة، أقيم لها قداس جماعي في الكاتدرائية المرقصية بالقاهرة وترأس القداس البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية في يوم الجمعة 1 يونيو 2007 ودفنت إلي جوار قبر زوجها في غانا نزولاً علي طلب الرئيس الغاني جون كوفور بدفن أم الشعب الغاني في أرض غانا لتشهد جنازة سيدة غانا الأولي علي حب الشارع الغاني لامرأة مصرية كانت أماً حقيقية لشعب بأكمله.