كان من المفترض أن أنشر هذا المقال قبل شهر تقريباً أو تحديداً في 6 يناير الماضي ليتواكب مع مرور 100 سنة بالتمام والكمال علي صدور جريدة "الهدي" كجريدة دينية أدبية تصدر كل أسبوع من الإسكندرية. وهي تعتبر من أوائل الجرائد الدينية المسيحية التي تصدر عن الكنيسة الإنجيلية. وحسناً فعلت مجلة "الهدي" حينما نشرت مع عددها لشهر يناير 2010 صورة طبق الأصل من العدد الأول لها والذي صدر في 6 يناير 1911. وهو العدد الذي تضمن بعض الموضوعات التي تمت كتابتها بلغة عربية رصينة.. تحمل العديد من المفردات والكلمات التي لا نستخدمها الآن، بل ولا نفهم بعضها. الطريف في أمر العدد الأول من مجلة "الهدي" أن لغتها تشبه إلي حد كبير لغة القرآن الكريم، ولم يكن هناك أي مشكلة في ذلك حيث نجد بعض الكلمات الدالة، وعلي سبيل المثال: »الفاتحة - الحمد لله رب الهدي - الوسواس الخناس- فأنزل كتابه الحق، هدي ونوراً ورحمة للعالمين«. ولقد أسعدني كثيراً أن شاركت في لقاء لتقييم مجلة "الهدي" من خلال دعوة كريمة من د. إكرام لمعي (رئيس تحريرها). وهو تقليد لا تتبعه العديد من الجرائد والمجلات.. رغم أهمية التقييم في مراجعة سياسات النشر السابقة من أجل التطوير والتعديل في سياسات النشر وموضوعاته. ومن أهم ما عرفته في هذا اللقاء أن مجلة "الهدي" تصدر بتصريح رسمي قديم، وهو ما يعني أنها يمكن أن يتم تطويرها واستغلال المواهب الصحفية الشابة فيها واستغلال شرعيتها في ضم العديد من شباب الصحفيين لنقابة الصحفيين.. وهو ما يتطلب حينذاك تطويرها بشكل يتجاوز إطار تأسيسها الديني إلي الإطار المصري العام الذي تظهر بعض ملامحه في مقالات المجلة وموضوعاتها. وآثرت أن أنقل هنا بعض ما جاء في (فاتحة) المجلة لأهميته ودلالته: (الحمد لله رب الهدي. المانح لعباده المتقين الحكمة والحجي المنير. بوحيه الصادق حنادس الدجي. الحافظ من اتبع صراطه من الغواية والهوي. المرشد المعتصمين بعروة إنجيله الوثقي. إلي محبته الوسطي. المعلن حقه في إنجيل طاهر. تنزيل سماوي هو النور الباهر. المدبر خلاصاً لجميع بني البشر. في مسيحه الإله المتأنس والإنسان البار المقتدر. هذا ولما كان الناس قد ضل عن الهدي. وسار في سبيل الغواية والهوي. وأطاع الوسواس الخناس. الذي يوسوس في صدور الناس. وابتعد عن ربه الأعلي. الذي خلق فسوي..). وتنتهي فاتحة المجلة بما يلي (ولما كان قصدنا في إصدار هذه المجلة تبيين الهدي الحقيقي الآتي من عند الله في المسيح المرسل هدي للعالم فإننا سنجعل جل أبحاثنا قاصرة علي وصف كمال هذا الهدي وتأثيره في النفوس بكيفياته الهادئة وطرقه السليمة والله يهدي قلوب جميعنا إلي محبة الله والمسيح). تحية تقدير لمجلة "الهدي" التي تحتاج لاحتفال يليق بمكانتها وبتاريخها. وتحية تقدير للقائمين عليها من الأصدقاء د. إكرام لمعي (رئيس التحرير) والقس نصر الله زكريا (مدير التحرير)، وسكرتير التحرير: القس أشرف شوق والقس رفعت فكري.