تحقيق وتصوير : محمود جودة هبة حسني مروة عمارة ميرفت عبدالرحمن حسن أبوخزيم عبدالوكيل محمد استمر أمس تصاعد أزمة البوتاجاز علي مستوي الجمهورية باستثناء المحافظات الحدودية الوادي الجديد ومطروح وشمال وجنوب سيناء والبحر الأحمر التي لم يشعر سكانها بالأزمة نظرًا لعدم وجود كثافة سكانية كبيرة بها. وشهدت مناطق وسط العاصمة زحاما شديدا ومشاحنات لليوم الثالث علي التوالي بين الجماهير المنتظرين علي أبواب مستودعات البوتاجاز، ففي مستودع اسطوانات بشارع محمد فريد، قال أحد الموظفين الذي حصل علي أجازة من عمله لتوفير أنبوبة بوتاجاز لاسرته، إنه حضر من السيدة زينب لاستبدال اسطوانتين إلا أن الزحام لم يمكنه من ذلك، ولذلك اضطر إلي دفع 25 جنيهًا لأحد الشباب السريحة لاستبدالهم رغم حضوره إلي المستودع، وأشار إلي أن أسرته تضطر إلي شراء الأطعمة الجاهزة منذ 3 أيام، مما أضاف أعباءً مادية كبيرة عليه بسبب عدم وجود الأنبوبة كما اضطره إلي الحصول علي اجازة عارضة من جهة عمله للذهاب إلي المستودع. أحد السريحة كان يدور في الشوارع قرب المستودع ومعه اسطوانات مليئة بالغاز، إلا أنه نزع الغطاء الذي يضمن عدم تسرب الغاز منها، وعلل ذلك بأنه فعل ذلك بسبب تعرضه لهجوم من المواطنين الذين يبحثون عن أسطوانات الغاز منذ أيام وانتزاعها منه ودفع مبلغ أقل من القيمة المطلوبة له، فاضطر إلي ذلك لخداع المواطنين وإيهامهم بأن الاسطوانة فارغة. واستغل بعض الشباب هذه الأزمة طالبين من السكان الحصول علي الاسطوانات الفارغة منهم وإعادتها لهم في اليوم التالي بعد ملئها مقابل 15 جنيهًا. من فات قديمه تاه في حي عين شمس تحكي زينب محمد 45 عامًا ربة منزل ومقيمة بشارع حسين إبراهيم قائلة: ذهبت منذ أسبوع تقريبًا لاستبدال أنبوبة الغاز بعد نفادها من المستودع المتواجد بنهاية شارع الأربعين، ولكني فوجئت بطابور طويل منذ الساعة التاسعة صباحًا حتي الساعة الثانية ظهرًا، ولم يحصل سوي عدد محدود منهم علي أنابيب الغاز، ومعظمهم حصل عليها عن طريق المشاجرات بعد وصول سعرها ل20 جنيهًا، رغم أنه لا يتعدي في الظروف العادية 8 جنيهات. وتضيف: الأنابيب تباع بالسوق السوداء بشارع الأربعين بأسعار خيالية تصل إلي 40 جنيهًا، ولم أتمكن من شرائها لعدم قدرتي المالية، لذا اضطررت للاستغناء عن الأنبوبة واستخدام وابور الكيروسين مؤقتًا لحين انتهاء الأزمة. سيارات الأنابيب تمر ليلاً وتوافقها الرأي سكينة محمد ربة منزل ومقيمة بشارع الأربعين بحي عين شمس قائلة: كنا متعودين علي مرور عربات الأنابيب لمرة أو اثنتين يوميا حتي فترة قريبة، ومؤخرًا فوجئنا بالأزمة، فأصبح مرورها ليلاً وتباع الأنبوبة بما لا يقل عن 40 جنيهًا، وحاولت الذهاب للمستودع الرئيسي بعرب الطوايلة ولكن لم أجد لديهم أنابيب. وتضيف: نحمد الله أننا الآن في الاجازة نصف السنوية للمدارس، فأغلب الأفران الآلية أغلقت لعدم وجود أنابيب للغاز لديها، ولا أعلم ما سنفعل بعد نفاد الأنابيب لدينا. وفي منطقة سكة الوايلي بشارع بورسعيد يقع أكبر مستودع للأنابيب، كما ورد علي لسان الأهالي الذي يخدم 7 مناطق وهي أحياء الشرابية، الزاوية، روض الفرج، الساحل، حدائق القبة، الزيتون، المطرية.. أطلق عليه المترددون مشروع أنابيب مشروع الشباب إذ يمول عرباتها شباب الخريجين ليبيعوها تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعي. يصطف الأهالي يوميا من الساعة السادسة صباحًا بطول رصيفها علي الشارع منتظرين استبدال الفوارغ علي الرغم من فتح أبواب المستودع في تمام الساعة الثامنة صباحًا.. ويصل عدد المترددين علي المستودع أكثر من 500 فرد يوميا، خاصة أنه يغلق أبوابه الساعة الثامنة مساءً وقد تتجاوز ساعات العمل هذا الموعد بقليل، وهناك زحام ومشادات كلامية تجعل من المنطقة مكانًا محظور المرور فيه سواء للسيارات أو المارة حتي لا يعلقوا في الزحام والمشاجرات التي لا تنتهي. لكل مواطن أنبوبة وحيد هنري شاكر 53 عامًا موظف بوزارة الصحة ترك عمله ليقف أمام المستودع لاستبدال أنبوبتين ولكنه فوجئ برفضهم استبدالهما حيث إن شعارهم لكل مواطن أنبوبة واحدة فقط لذا فقد استعان بفرد آخر من أسرته ليتقاسما تلك المسئولية الصعبة في مقابل ترك أعمالهما. أما عبدالعزيز خلف فقد أتعبه الجري وراء حلم تغيير اسطوانته فاستعان بالكرسي المتحرك لوالدته المريضة حتي يستطيع نقلها خطوة خطوة كلما تحرك الطابور الطويل الذي لا يستطيع الغير الوصول إلي نهايته. وفي محافظة حلوان استغل معظم بائعي الأنابيب أزمة اسطوانات الغاز شأن باقي المناطق والمحافظات فجمعوا أعدادًا كبيرة منها لبيعها للمواطنين بأسعار مرتفعة، تراوح سعر الواحدة بين 18 و25 جنيهًا، رغم أنهم يستبدلونها من المستودعات ب2.5 جنيه، وأرجعوا سبب رفع أسعارها إلي عدم وجود كمية كافية من أنابيب الغاز، إضافة إلي زيادة الاستهلاك، حيث يتفق السريحة مع العاملين بالمستودع علي استبدال أعداد كبيرة من الأنابيب وتزيد علي 20 أسطوانة للفرد الواحد مقابل نسبة يدفعها لهؤلاء العمال، وهي الفارق الواضح بين مقابل استبدال الاسطوانة وهو 2.5 جنيه، والقيمة الحقيقية التي تستبدل بها وهي7 جنيهات، مع ملاحظة غياب أدني دور لمفتشي التموين والتضامن الاجتماعي الذين يكتفون بمتابعة الزحام والمشاجرات بين المواطنين والسريحة لاستبدال الاسطوانات. توقف المطاعم عن العمل وفي المعصرة بحلوان لاحظنا أن سيارة الأنابيب تأتي مرتين يوميا في الصباح والمساء ولكنها لم تكن محملة بالاسطوانات عن آخرها، وعلل بعض المواطنين ذلك بأن الموظفين أنزلوا أعدادًا كبيرة من الاسطوانات المملوءة بالغاز في منطقة أخري لأصحاب الأفران والمطاعم بأسعار مرتفعة رغم أن تلك الاسطوانات من الحجم الصغير وغير تجارية ولكنهم استغلوا ذلك بسبب عدم وجود الاسطوانات ذات الحجم الكبير التي كانت تستبدل للأغراض التجارية. من جانبه أكد اللواء إسماعيل قطب رئيس المجلس المحلي لمحافظة حلوان، أن مشكلة البوتاجاز مازالت قائمة حتي أمس، وبسبب استمرار عدم وصول عدد الاسطوانات التي كانت تصل إلي مستودعات الأنابيب، خاصة أن هناك أعدادًا كبيرة من مصانع الطوب والورش الحرفية، تعتمد علي الاسطوانات المنزلية في حالة عدم وجودها. في الوقت الذي أكد فيه العديد من أعضاء المجلس المحلي بأن هناك مئات المطاعم والورش توقفت بسبب عدم توافر أنابيب البوتاجاز ويبحثون عبد بديل آخر للوقود.. رغم الحملات التي تقوم بها مديريات التموين في 6 أكتوبر للسيطرة علي سعر الأنبوبة الذي وصل إلي 15 جنيهًا، وحصول البلطجية والسريحة علي الأنابيب وبيعها في السوق السوداء بأسعار خيالية حيث تشهد المحافظات اجتماعات يومية برئاسة المحافظين للسيطرة علي الأزمة خاصة بالمناطق الشعبية بالجيزة، وتم إعادة فتح المستودعات المغلقة، والتنسيق بين وزارتي البترول والتضامن الاجتماعي لتوفير حصة إضافية من الاسطوانات لعبور الأزمة حيث تقوم المخابز الطباقي بالمناطق الشعبية بالجيزة باستخدام اسطوانات البوتاجاز للتشغيل بالمخالفة لضعف الرقابة.