أقام الدكتور رضا عبد السلام، معرضا بقاعة "جوجان" تحت عنوان "عفوية وإبداع"، قدم به مجموعة من أعماله الصغيرة الحجم في معرضه الأخير، مثلت رحلة في مراحله المختلفة وتقنياته المتنوعة. عرض عبد السلام حوالي 29 لوحة، هي نماذج من مجموعاته الفنية المختلفة، التي أنتجها في فترات زمنية مختلفة، بعضها تمثل مرحلة فترة التسعينيات، والبعض الآخر فيما بعد عام 2000.، فنجد إحدي مجموعاته تتناول تقنية مزدوجة ما بين التصوير ورسوم الأسطح المختلفة، والتصوير الجداري -بحكم مجال تخصصه- حيث التعايش بين نمطين مختلفين من نسيج واحد، في صياغة موضوعات ذات طابع رمزي. وفي مجموعة أخري من اللوحات، عرض نماذج من معرضه "داخل الدائرة"، الذي أقامة في مجمع الفنون عام 2001 ، والتي عرضت في مجموعات كبيرة - وقتها- إما بشكل فردي، أو في هيئة مجاميع "أنيستليشن علي الحائط" مكونة من 20 إلي 30 لوحة، وشكلت رؤية ونسيجًا واحدًا ومضمونًا شكليا وجماليا، ذا طابع رمزي. تأثر الفنان في بعض أعماله بالفن الفرعوني، الذي أغرم بثقافته وحضارته، حيث كان يقف أمامه بانبهار واندهاش، محاولا تعلم لغة الشكل والمضمون، وصياغة عناصره ومفرداته برؤية معاصرة، تتوافق مع وجهة نظره الشخصية في الحياة الإنسانية المعاصرة التي نعيشها. أما عن مجموعته "الكولاج" التي عرضها، فقد يعتبرها الفنان ثقافة العصر في الصناعة والتكنولوجيا والاقتصاد والسياسة وغيرها، حيث المزاوجة بين وسائط مختلفة، كاستخدامه لوحات رسمها ثم قطعها وأعاد لصقها من جديد، أو تجميع أكثر من لوحتين فوق بعضهما البعض، لتعطي بعدًا ثالثًا للعمل في أكثر من مستوي علي السطح، فهو يفتح مجال الرؤية ليذيب الحدود تماما ويزيلها، بحيث تستوعب المساحة أيا كان حجمها واتساعها أفكاره الكثيرة، وتقنياته وأساليبه المختلفة داخل مساحة اللوحة الواحدة، مقترنة ببصمته الخاصة، فهو يصيغ تلك الأعمال في حالة من الاعتراض أو تجاوز المسطح أو الرؤية المألوفة للشكل الواحد، حتي ولو كانت ذات شكل معتاد، أيا كانت صياغته، سواء حداثية أو غيرها تحتاج تمهيدًا لقراءتها، فهو يضيف لوحة من فوق أخري ليزيد من حالة الدهشة والغرابة، فيمنح العمل ميتافيزيقية جديدة للرؤية، بحيث يكون الشكل والمحتوي غير مألوفين وغير اعتياديين، مما يتطلب من المتلقي قدرًا من الاهتمام والتأني لقراءة العمل جماليا وبصريا، حتي يستوعب محتواة ومضمونه. يقول الفنان عن المعرض: عرضت هذه المجموعات الصغيرة من اللوحات لتتلاءم مع سعة المكان وارتفاع الأسقف، والمحيط الفراغي للقاعة، فأنا لا أنتج هذه الأعمال كي أصعب لغة الفن علي الناس، لكن لكل فن لغته الخاصة، ومن حق كل فنان أن يصيغ عالمه ورؤيته وخبرته وتجاربه بالطريقة التي يراها مناسبة للتعبير؛ ليرتفع بمستوي اللغة البصرية حتي يستطيع الناس قراءتها، والرقي أيضا بمحو أميتهم البصرية؛ كي يمتلكون القدرة علي قراءة العمل أو الإحساس به أو تفهمه أو محاولة إدراكه وفك طلاسمه، فالفن لم يكن صعبًا للغاية، لكن أي لغة جديدة كي يقرؤها الإنسان لابد أن يتعلم أبجديتها، وهذه مسئولية جماعية ومشتركة بين الفنان والمجتمع والناقد والإعلام، كل منا يطلع بدوره.