بالتعاون مع أتيليه "جدة" بالسعودية يستضيف قصر الفنون بدار الأوبرا حاليا، معرضا ل24 فنانا يمثلون أجيالاً مختلفة من الفن التشكيلي السعودي، تحت عنوان "إبداعات سعودية". غاب فن النحت والخزف بشكل واضح عن المعرض، الذي غلب عليه التصوير، كما قدم كل فنان مجموعة من الأعمال، بعضها مثل اتجاها وأسلوبا واحد، والبعض الأخر قدم الفنان فيه مجموعات من الأعمال كل منهم له رؤية خاصة مختلفة، وكأنهم من إبداع أكثر من فنان، وتميز في المعرض أعمال الفنانين السعوديين عن أعمال الفنانات، علي الرغم من حضورهم القوي. قدم الفنان عبد الله حماس في مجموعة من اللوحات عن التراث السعودي برؤية مبسطة؛ حيث تناول العناصر والموتيفات في أجزاء من اللوحة، ووضع كلاً منها علي خلفية مسطحة اللون، موزعة في اللوحة بتشكيل محكم، كما قسم في لوحة أخري الخلفية إلي مربعات، ورسم في كل منها عناصر من التراث السعودي، فبدا كل جزء وكأنه لوحة منفصلة، بالإضافة إلي تقديمه مجموعة من اللوحات التجريدية المختلفة عن الاتجاه السابق، اهتم فيها بتشكيل الخطوط الرفيعة في مساحة معينة من اللوحة، ووضعها علي خلفية مسطحة اللون. كما عرض الفنان فهد الحجيلان مجموعة من اللوحات التجريدية كبيرة الحجم، اعتمد فيها علي تمازج المجموعات اللونية مع بعضها البعض، واستخدام عناصره المجردة، التي تبدو كمشاهد من البيئة السعودية، تظهر وتختفي في أجزاء معينة من اللوحة لتخدم التكوين، بالإضافة إلي الملمس، الذي أضفي علي اللوحة نوعا من الثراء. وفي طليعة المعرض قدم الفنان بكر شيخون عملا مفاهيميا يعرض خلاله بيضة كبيرة الحجم، تجلس علي كرسي متأرجح أحمر اللون يوحي بالتدلل، كما وضع «تليفزيون» شاشته مثقوبة بحذاء، وكأنه يحاول التعبير عن رفضه لما يقدم في الفضائيات. أما عن تجارب الفنانين الشباب فكانت مميزة جدا بالمعرض، وكان من بينها أعمال الفنان محمد الغامدي، الذي قدم لوحات تجريدية استخدم فيها خامات مختلفة، بدت إحداها وكأنها رؤية للمدينة السعودية من أعلي، وفي لوحات أخري استخدم جذوع الأشجار التي استفاد من نتوءاتها وتعريجاتها الجميلة في مساحات كبيرة من اللوحة، والفنان عبد الرحمن المغربي الذي استخدم الأحرف في لوحاته برؤيته الخاصة وكأنها محفورة بداخل العمل، تخرج من بين ثناياه وليست مرسومة من فوقها، ذات ملمس خشن، تبدو وكأنها لوحات خشبية، مستخدما مجموعة لونية خاصة به توحي بالقدم. بينما حورت الفنانة شاليمار شربتلي الأشخاص والبورتريهات لتمتد خطوطها الخارجية مساهمة في تشكيل اللوحة ككل، مستخدمة الألوان الواضحة والصريحة. وقدمت تغريد البقشي الأشخاص ذوي الملامح الخاصة، حيث يتميزون بالرقبة الطويلة، والمبالغة في استطالة الوجه والجسم، فهم يجلسون في هدوء وسكينة، كما احتلت المرأة عددا كبيرا من أعمال الفنانة، تنوعت ما بين موضوع الأمومة وبين علاقتها بالرجل. وعن فكرة المعرض قال الفنان هشام قنديل مدير أتيليه "جدة" ومنظم المعرض: لم تكن فكرة هذا المعرض جديدة، وكان صاحب مبادرتها د. أحمد نوار، عندما أقام هذا المعرض منذ نحو عشر سنوات، وكان يحمل نفس العنوان "إبداعات سعودية"، ويعتبر الهدف الأساسي من هذا المعرض هو التواصل والتآخي العربي، فنحن دائما نقول إن الفن يفعل ما لا تفعله السياسة. يواصل قنديل: أعددنا لهذا المعرض منذ ثلاث سنوات، كما أقمنا لجنة لاختيار الأعمال المشاركة ليخرج المعرض بصورة جيدة، ففي المعرض الأول قد يكون اتجاه التصوير له الدور الأكبر، لكننا في هذا المعرض قمنا بتقديم اتجاهات متنوعة للأعمال الفنية. ولم ينف قنديل غياب فن النحت عن المعرض، وأكد أن هناك نحاتين متميزين في السعودية لم تسمح الظروف بعرض أعمالهم نظرا لصعوبة شحن الأعمال النحتية، وأن الأربعة وعشرين فنانا المشاركين يعتبرون النموذج الأمثل، كما أن هناك أسماء أخري مهمة غابت عن المعرض. وأشار إلي وجود أعمال مفاهيمية حاضرة بقوة، وأعمال للبوب آرت، كما استخدم الفنانون خامات مختلفة، فجدة مدينة تشكيلية عربية من الدرجة الأولي، تكاد تكون متحفا مفتوحا لكبار النحاتين العرب والعالميين، فهناك مجسمات لسيزار وهنري مور ومن الجانب المصري صلاح عبد الكريم وعبد السلام عيد وأحمد سطوحي، مما منح أهل جدة ثقافة بصرية، فعيونهم تدربت علي رؤية المجسمات والأعمال الفنية.