كتبت قبل ذلك عدة مرات علي صفحات "روزاليوسف" اليومية عن كتابات د. محمد عمارة التي تتسبب في إثارة العديد من الجدل والخلاف الذي ينتهي إلي حالة من التشكيك بين أبناء هذا الوطن من المسيحيين والمسلمين. ذكرت كثيراً وتعجبت من قدرة د. محمد عمارة علي نشر مقالاته في بعض الجرائد القومية والرسمية.. خاصة أن غالبيتها تدور في مدار تلك النوعية من الكتابات التي ذكرتها، فضلاً عن تكرار الأفكار نفسها بأكثر من شكل أو أسلوب، ولكن بالمعني نفسه لتأكيد الأفكار وترسيخها علي اعتبار أنها حقيقة مطلقة. وربما يكون نموذج ذلك الدال ما كتبه يوم الثلاثاء الماضي علي صفحات جريدة القاهرة في عموده الأسبوعي (هذا إسلامنا). وهو مقال مكرر له حول مؤتمر كولورادو بولاية كاليفورنيا الأمريكية للتنصير. ويستدعي المقال المذكور العديد من الأسئلة المتعلقة حول كاتبها وعن أفكاره، وعلي سبيل المثال: - ما مدي دقة ما يقوله محمد عمارة عن هذا المؤتمر الذي يزعم فيه أنه مؤتمر تاريخي يطمح في تنصير (كل المسلمين) وتحويلهم للمسيحية حسب تعبيره؟. وهو افتراض غير منطقي.. لأنه يتعامل بشكل مطلق مع المسلمين وكأنهم ضعاف الإيمان.. يسهل التأثير عليهم والتشكيك في إيمانهم بهذه السذاجة، كما يعظم من قدرة هذا المؤتمر المزعوم الذي مر عليه ما يقرب من 32 سنة ولم يتغير الأمر، ولم يتحول المسلمون عن دينهم ومعتقداتهم. - تري، هل يتحمل المثقف القدير صلاح عيسي (رئيس تحرير جريدة القاهرة) ما يكتبه محمد عمارة من أفكار غير بناءة؛ بل وهدامة.. تساعد علي تعميق فجوة الطائفية بين أبناء الوطن الواحد ؟!. وهل يتعارض منع نشر مقالات محمد عمارة (الطائفية).. مع الشعار الذي تتخذه جريدة "القاهرة" بأن: الحرية الحقيقية تحتمل إبداء كل رأي ونشر أي فكر وترويج كل مذهب؟. وبمعني آخر: هل تبرر الحرية.. التوجه نحو إشاعة مناخ الطائفية؟، وهل السماح بوجود كتابات تحمل قدرا لا بأس به من ازدراء الأديان هو معيار لحرية الرأي والتعبير؟!. - يبقي السؤال الأخير: ما هي حدود حرية التعبير الحقيقية مع ما يندرج تحت بند ازدراء الأديان وتكفيرها أو التشكيك فيها؟، وهو السؤال المهم الذي طرحه د. عصام عبد الله في مقاله بجريدة "روز اليوسف" يوم الأربعاء الماضي حول العلاقة بين الحرية الدينية وبين حرية التعبير، وإذا ما كان يمكن حماية الدين دون الحد من حرية التعبير.. علي اعتبار أن الحرية في مضمونها هي درجة متقدمة من المسئولية الاجتماعية.. فلا يجوز الحديث عنها بشكل مطلق..؟. إنها مجرد أسئلة معلقة.. تحتاج إلي إجابات حاسمة قبل أن تزيد الأزمات بالدرجة التي تتحول فيها تلك الكتابات إلي عامل رئيسي في تأجيج المناخ الطائفي البغيض.