استكمالاً للمقالات التي كتبتها هذا الأسبوع عن محمد عمارة.. وعادته السنوية والدورية في إثارة الأزمات الطائفية التي يفتعلها (بلازمة وبدون لازمة)؛ فقد تعجبت بشدة من المقال الذي كتبه د. مصطفي الفقي يوم الخميس الماضي بجريدة المصري اليوم بعنوان (محمد عمارة).. لأني تصورت للوهلة الأولي أن المقال سيكون علي غرار مقالاته السابقة التي كان يقوم فيها بتقييم أداء العديد من الشخصيات العامة التي عرفها عن قرب بإيجابياتها وسلبياتها بشكل واضح ومتوازن. ولقد أعدت قراءة المقال مرتين، ووجدت العديد من الملاحظات عن بعض عبارات المقال التي تستحق الرصد، ثم التعليق عليها.. منها: - هو ذلك المفكر الإسلامي المرموق.. واستطاع باجتهاده أن يصل إلي تصور شامل للنظرية الإسلامية فلسفة وفكراً. - منهجه في البحث لا يخرج عن حدود العقيدة ولا يتجاوز إطارها الروحي الأصيل. - أظن أن رجالاً من أمثال أحمد كمال أبو المجد ومحمد سليم العوا ومحمد عمارة يمثلون منهجاً إسلامياً تقدمياً رغم اختلاف مدارسهم الفكرية ومنطلقاتهم الأكاديمية، ويشكلون في النهاية كتيبة للموضوعية والاعتدال في ظل ركام التشدد والتعصب بل والتطرف والانغلاق.. ويتميز محمد عمارة بينهم بأنه أكثر جرأة في الرأي وشدة في اقتحام القضايا الأكثر حساسية مع تحليل خاص للصحوة الدينية. وهي كلها عبارات ترسم ملامح المفكر الإسلامي القدير والمستنير، وهو ما يتناقض مع ما جاء في سياق المقال عن اللقاء التليفزيوني الذي جمعهما (أي مصطفي الفقي ومحمد عمارة)، والذي قال عنه: وأشهد أن حديثنا في تلك الليلة كان راقياً وعميقاً ومتفتحاً باستثناء بعض ملاحظاته السلبية علي بعض أنشطة الكنيسة القبطية وآبائها الكبار فإنني لم أختلف معه في شيء آخر. ومن الواضح أن د. مصطفي الفقي غير متتبع لتصريحات محمد عمارة بشكل مستمر، وهو ما أشرت إليه في المقالات السابقة، ورصدته بشكل موثق علي صفحة كاملة في الإصدار الشهري الثاني لروز اليوسف اليومية بتاريخ 16 يناير 2007 ولذلك أتفق مع الفكرة التي كتبها د. مصطفي الفقي من أن محمد عمارة قد قام بتصحيحها له، وهي أن زيادة مساحة المعلوم - مما يكتبه محمد عمارة - تؤدي بالضرورة إلي زيادة مساحة المجهول - مما لا نعرفه عن توجهاته الشخصية - لأننا كلما عرفنا أكثر اكتشفنا جهلنا أيضاً.. بكل ما يسببه محمد عمارة من أزمات وتوترات طائفية فيها ازدراء مباشر للديانة المسيحية. ولا أخفي (حيرتي) الشخصية من كتابة د. مصطفي الفقي لهذا المقال في هذا التوقيت تحديداً، وهل هو يمثل اقتناعاً شخصياً منه بقيمة محمد عمارة الفكرية وما يكتبه ضد العقيدة المسيحية أم اقتناعاً منه بالقيمة الفكرية له والتي تساويه بأحمد كمال أبو المجد ومحمد سليم العوا.. رغم الفرق الشاسع جداً بينهما والظلم البين لهما. أسأل د. ممصطفي الفقي: هل حدود العقيدة الإسلامية والتصور الشامل للنظرية الإسلامية فلسفة وفكراً.. تعني ازدراء العقيدة المسيحية والتشكيك في ثوابتها حسب منهج محمد عمارة؟!.