حينما كتبت قبل يومين عن اهتمام الصحافة بالإسكندرية، ودعوت للتركيز علي بناء صحافة إقليمية حقيقية في هذا البلد، لفت نظري زميل صحفي إلي أن الصديق العزيز الكاتب الصحفي أبوالعباس محمد يصدر صحيفة إلكترونية اسمها الصعايدة، وتخصص له الدستور صفحتين أسبوعيتين لنشر تقارير وأخبار من جنوب مصر. عدت إلي الصفحتين وإلي الموقع الإلكتروني فأحسست إنني أجلس إلي صديقي أبو العباس محمد علي مقهي في محافظة قنا التي ينتمي لها، فهو يقدم خدمة صحفية مميزة بلغة بسيطة وواضحة، تكاد تشعر فيها باللهجة الصعيدية التي لايزال أبو العباس يتكلم بها منذ عرفته لأول مرة حين تزاملنا في جريدة الشعب قبل أكثر من 21 عاما. ميزة أبوالعباس الأهم أنه حين حمل عصاه وشنطته وقلمه وخرج من الصعيد إلي القاهرة، لم يكن يهدف إلي الهجرة والاستيطان في العاصمة، وكفي المؤمنين شر القتال، لكنه حمل الصعيد في قلبه وعقله، ولم تستطع العاصمة ببريقها أن تفقده هذا الاهتمام أو التواصل مع مسقط رأسه. في صفحتي الصعايدة بالدستور كتب أبو العباس محمد مقاله الأسبوعي "من تحت عقب الباب" عن عمره وأحلامه، حيث أكمل أمس الأول عامه الخمسين، وبما اننا قضينا معا 21 عاما من خمسينية أبوالعباس محمد، فإنني أنتهز هذه الفرصة لأقدم له التهنئة بيوم مولده، ووقوفه علي عتبة الخمسين.. كل سنة وانت طيب يا جميل.. أنتم السابقون ونحن اللاحقون للخمسين بعد عامين. لكن لا أظن أنني حين أصل إلي الخمسين سيكون لدي الروح المرحة نفسها التي يتمتع بها أبوالعباس محمد، فقد حافظ صديقي الصعيدي الجدع علي ابتسامته في أقصي الظروف صعوبة، وتغلب بخفة دمه علي الكثير من مصاعب الحياة، ودائما ما يتعامل مع أقصي المواقف بالتنكيت.. حتي علي نفسه، حتي حين دخل إلي المستشفي لتركيب دعامات في الشرايين كان يسخر من نفسه علي سرير المرض. مع صعايدة أبوالعباس لا تغيب هذه الروح الساخرة أبدا، ليس لأن الصعيد يستحق السخرية، وإنما لأن الإهمال التاريخي الذي عاني منه يمكن أن يؤدي إلي ما لا تحمد عقباه لولا أن معظم الصعايدة يتعاملون مع الواقع بالكثير من السخرية كما يفعل أبو العباس حتي تمضي الحياة.. أو لعلها تمضي. رسالة وتعقيب: تعليقا علي مقال الصحافة الإقليمية نفسه أرسل لي الزميل الأستاذ أحمد سامح سكرتير عام تحرير دار أخبار اليوم رسالة يذكر فيها أن جريدة أخبار اليوم كان لها السبق في الاهتمام بالإسكندرية وخصصت لها صفحات خاصة تطبع لأعداد الاسكندرية فقط.. كما أن جريدة أسيوط اليوم تتم عامها الأول الأسبوع المقبل وهي نصف شهرية تهتم بأحوال أهل أسيوط فقط وهمومهم والعدد الثاني من البحر الأحمر علي وشك الصدور وأخبار الإسكندرية في الطريق ودمياط اليوم والأقصر علي الطريق. وقال أن هناك مشروعًا قائمًا في دار أخبار اليوم لمساعدة المحافظات في إصدار صحفها الإقليمية بمعرفتهم وبطلاب أقسام الإعلام بها وبمساعدة فريق من الصحفيين المحترفين بالدار للخروج بمنتج يعبر بحق عن قضايا الناس وليس له غرض إلا خدمتهم لا ابتزازهم كما هو الحال في معظم الصحف والدكاكين الإقليمية المرخصة من الخارج. أشكر الزميل أحمد سامح علي اهتمامه وتوضيحه وعلي الجهد الذي تقوم به أخبار اليوم لبناء صحافة إقليمية جادة.. كما أشكره علي تنويرنا بهذه المعلومات القيمة.. واعذر جهلي يا أستاذ.