من الغريب أن تتحول كل الأمور الخاصة والأحداث الفردية إلي فرصة لاشعال احتقان طائفي بين المصريين من وقت لآخر، وليس من المعقول أن يقبل مصري واحد أن يعتدي علي أخيه المصري لكونه مخالفا له في العقيدة، فالشارع المصري لم يعرف في فترات طويلة من تاريخه شيئا اسمه الاحتقان الطائفي، وفي الحقيقة هذا التعبير هو لغة مرفوضة في ثقافة الشعب المصري، ولكن إصرار البعض علي الحديث عن مسألة الاضطهاد، والبحث عن الحقوق الضائعة وغيرها من المصطلحات الواهية هي وراء تفاقم أزمة غير موجودة في الحقيقة. والعجيب أن مسألة الاحتقان في الفترة الأخيرة لم تتخذ سوي صورة واحدة عجيبة وهي اختطاف فتاة مسيحية، والعجيب أن هذه الصورة الكاذبة التي يطلقها محرضون ضد وحدة مصر لاقت قبولا لدي بعض الشباب المسيحي فنسمع قيام شاب مسيحي بخطف فتاة مسلمة، وهنا تبدأ الفتنة وتثار العصبية وتحدث الجرائم في نجع حمادي لمجرد تصرف هوجائي من شاب لا يعرف حقيقة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر. وأود أن أوضح أن المسلم لا يمكن أن يعتدي علي مسيحي.. بل أنه إذا قام بمجرد أذي لفظي له فإنه مرتكب لمعصية، ودليل ذلك وصية رسول الله صلي الله عليه وسلم بأهل الكتاب حين قال: من آذي ذميا فأنا خصيمه يوم القيامة ولا يمكن لمسلم أن يتحمل مخاصمة رسول الله فهو نبي الرحمة وشفيع كل مؤمن، ومن هنا لا يستطيع المسلم أن يعتدي علي مسيحي ولا يسيء إلي حريته أو أمنه أو استقراره. كما أن الإسلام أقر حب الوطن والأرض وجعل الدفاع عنه، وتحقيق الأمن به أمرا واجبا، ولا يتصور لمسلم أن يخالف كل هذا لمجرد أهواء واداعاءات يطلقها أعداء الوطن والوحدة، ومن ثم ينبغي علي المسيحيين أن يثقوا أن المسلمين في مصر لا يمكن بحكم دينهم أولا، وبحكم وطنيتهم ثانيا أن يعتدوا علي مسيحي، كما يجب علي الجميع أن يعودوا إلي الشخصية المصرية الأصيلة التي لا تعرف الفتنة أو الاحتقان الذي حاولت بعض وسائل الإعلام الترويج له. كما أنه علي كل وسيلة إعلامية مخلصة لدينها ووطنها.. ألا تضخم من كل أمر حتي لا يظهر كل حادثة كأنها صراع طائفي في مصر.. كما لابد أن تواجه فضائيات الفتنة التي تحاول زعزعة أمننا.. إننا بحاجة حقيقية إلي أن نعبر عن حبنا لمصر بحبنا إلي بعضنا بعضا وبرفض كل زوبعة تحاول أن تفرق فيما بيننا لتحقيق مصالح خارجية أو شخصية علي حساب وطن عظيم مثل مصر.