في سينما داود عبد السيد شيء ما، يشبه الاغواء ... يلخص العالم بأكمله في لوحة سينمائية.. يلملم في افلامه رائحة مصر، حواريها وأصوات سكانها وأهاليها.. هو واحد ممن ينتمون لجماعة السينما الجديدة - التي ظهرت عقب هزيمة 1967 - والتي تضم مخرجين مثل خيري بشارة وعلي بدرخان، والذين ساهموا إلي حد كبير في خلق شكل جديد ومختلف للسينما، سميت فيما بعد بالواقعية الجديدة في السينما. داود عبد السيد واحد من هؤلاء، لكنه أشدهم ندرة في عدد الأفلام التي انجزها طوال فترة عمله في السينما منذ السبعينيات وعقب تخرجه في معهد السينماعام 1967 بدأها بعد قليل من الأفلام التسجيلية - ثم أفلام روائية طويلة آخرها فيلم رسايل بحر والذي يعود به عبد السيد إلي السينما بعد غياب سنوات، منذ اخر افلامه مواطن ومخبر وحرامي عام 2001، ففيلم رسايل بحر كان مشروعه السينمائي الذي قام بكتابته منذ سنوات، ولاقي الكثير من سوء الحظ، بدءا من وفاة أحمد زكي - المرشح الأول للقيام ببطولته، ثم فشله في العثور علي جهة تتولي انتاج الفيلم، لكن لم يشأ أن يبدأ عام 2010 إلا بخروج مشروعه السينمائي رسايل بحر إلي النور، فالفيلم سبق أن حصل علي منحة دعم من وزارة الثقافة في 2007، والتي بدورها ساهمت في خروج افلام مثل عصافير النيل للمخرج مجدي أحمد علي وهورجادا سحر العشق للمخرج رأفت الميهي.. وبالتالي فإن المخرج داود عبد السيد يمنحنا رؤية جديدة للحياة والعالم من خلال فيلمه رسايل بحر، والمتوقع أن يكون بداية لعودة سينما الواقع، أو السينما الجديدة مرة أخري، والتي يراها - عبد السيد - نتاجا للسينما القديمة، والتي تحمل جزءًا كبيرا من ذاتية المزج لذلك فإن أغلب افلامه القليلة قام بكتابتها ربما لإدراكه واقتناعه بكونه الشخص الوحيد الذي يستطيع التعبير عن افكاره، لأنه يحب الكتابة في حد ذاتها ويحب أن يخرج افلامه. يختزن داود عبد السيد طاقته وموهبته السينمائية في أفلام يختزل فيها ملامح أناس كثيرة نعرفها أو لا نعرفها - أيضا - مثل الشيخ حسني في فيلم الكيت كات والمأخوذ عن رواية مالك الحزين للكاتب إبراهيم اصلان، وفيلم مواطن ومخبر وحرامي والذي نسج فيه حكايات لثلاث شخصيات لخصت حال مصر في المخبر صلاح عبد الله والمواطن خالد أبو النجا والحرامي شعبان عبد الرحيم. ربما يبشر عام 2010 بعودة دائمة لمخرج يحمل طابعا مختلفا لسينما جادة، تمثل مرآة للمجتمع المصري الذي يمر بالكثير من التغييرات والتحولات.