الانسان هو الكائن الوحيد الذي يتصرف ضد نفسه وضد البيئة وضد "السياق الحيوي" للحياة بما تحوي من كائنات وسلوكيات وتصرفات تجمع بين (الدونية والانسحاقية) وبين (الاعلائية والتسامي) .. ومن ثم التجلي عبر دوائر التفاعل والتواصل الجدلي بين الكائنات. وعلي الرغم من التقدم الهائل الذي تحققه "الكبسولة الالكترونية" (أمنا الارض سابقا) في: علوم البيو-تكنولوجيا (الهندسة الوراثية ومشتقاتها وتفريعاتها وعلي راسها الاستنساخ او الكلونة Cloning ) علوم التصاهر والانصهار بين علم البيولوجيا وعلم الالكترونيات فيما يسمي ب/ البيونيات BIONCS أو الالكترونيات الحيوية. علوم النانوتكنولوجي NANOTECHNOLOGY علوم ال/روبوتكس ROBOTIS التي تتداخل وتتناسج وتتواشج فيها علم البيولوجيا+علم الالكترونيات+علم الذكاء الاصطناعي . علي الرغم من ذلك فإن الكائن البشري (الانسان) لايتقدم سلوكيا ولاقيميا ولامبدئيا ،لاكما ولاكيفا ولامستوي،بما يوفر فضاء أخلاقيا و"ضميريا" للحفاظ علي مقومات واسباب استمرار السياق الحيوي للحياة. فالانسان يعلن خصومته وعداوته "الصفراء" مع "المجال البيئي" ككل.فهو يقطع الغابات والاشجار و"يمحو"الخضرة بقبضته الالكترونية الغاشمة ،ويقضي علي عشرات الالوف من الحشرات والفراشات و"الكائنات الضئيلة" والديدان بحجة عدم الانتفاع بها. ويلوث البر والبحر والجو بالكيماويات والمواد المشعة والغازات القاتلة ويوسع ثقب الاوزون ورقعة المطر الحمضي. لذلك ،سيكون هناك "ربيع صامت جديد" يشبه ربيع راشيل كارسون (راجع كتاب "الربيع الصامت" ل/المؤلفة سابقة الذكر ذ ترجمة الدكتور احمد مستجير ). وهو الربيع الاسود الذي حذرت منه عام 1962 حيث تنبات أن الغابات سوف "تقتل" بطيورها وأشجارها ،وتحمض البرك المنتشرة في كل مكان،وتموت الاسماك،وستزيد حموضة مياه البرك الي مائة ضعف حموضتها قبل العصر الصناعي. إن الانسان يذبح الاشجار بدون رحمة حيث "يجتث في كل عام ما لايقل عن مائة ألف كيلومتر مربع من الغابات المطرية، ويقتل من الغابات في كل عام مساحة توازي سويسرا وهولندا مجتمعتين ،ويضيع معهما سنويا ما لايقل عن خمسة آلاف نوع من الكائنات الحية ! في كل عام نفقد من الكائنات الحية عشرة آلاف ضعف ما كان يضيع طبيعيا قبل ظهور الانسان! علي ان غباء الانسان يزين له (أو يسول له) ان الارض تصبح صالحة للزراعة بعد خمس سنوات من اقتلاع أشجار الغابات الاستوائية.. فلكي تعود الغابات سيرتها الاولي فإن الامر يحتاج الي مائة عام علي الاقل نخسر الغابة ونخسر الارض. وكل نوع من الكائنات يضيع مع الغابة محسوب علينا وعلي مستقبلنا ،كل نوع يموت،يموت ومعه سره الالهي : الملايين من المعلومات المشفرة في جهازه الوراثي الفريد..! "العبارات الاخيرة استشهاد من مقالة للدكتور أحمد مستجير عنوانها: إنهم يقتلعون الاشجار ، من كتاب في بحور العلم (الجزء الثاني - سلسلة اقرأ رقم 613)". إن السؤال الذي يجلب الصداع هو : هل الانسان بحاجة الي تربية بيئية؟ الاجابة: نعم. و... من يؤدبه؟ علي الايكولوجيين(علماء البيئة) ،وحماة البيئة ودعاة الحفاظ علي "طهارتها" و"عذريتها" القيام بعملية تأديب الانسان بيئيا..! وإلا فإن "البيئة" كفيلة بالقيام بذلك :تأديب الانسان .. وترويض "الوحش الاليكتروني " داخله ،ذلك الوحش الذي يزين له الاعتداء عليها بغباء ونرجسية وغطرسة.