فى مقالات سابقة أوضحنا أن المشرع فى قانون الجنسية المصرية رقم 26 لسنة 1975 قد أهدر حجية المستندات الرسمية التى تمنحها الدولة ذاتها للفرد التى تفيد أنه مصرى الجنسية ولم يجعل لها أى اعتبار فى إثبات الجنسية المصرية لحاملها،وخرج بذلك خروجا شاذا وغريبا على القواعد العامة فى الإثبات المقررة قى قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968، وفرض على الفرد مستند واحد وحيد لإثبات جنسيته المصرية وهو "شهادة الجنسية " ،كما أوضحنا النموذج الذى يتعين على طالب شهادة الجنسية أن يملأ بياناته مشفوعة بالمستندات الرسمية التى تؤيدها ، وتبين لنا أنه يستحيل على أى فرد أن يقدم تلك البيانات أو المستندات المطلوبة بما فيهم المشرع نفسه .وتذكرون ما قلناه من أن فقهاء القانون فى فرنسا –الذين يحلو للمشرع النقل عنها – قد وصفوا هذا النوع من الأدلة المستحيلة "بالأدلة الشيطانية " !! هيا نفكر معا : لماذا هى أدلة شيطانية ؟ الشيطان فى اللغة هو : "روح شرير مغو و كل متمرد مفسد و الحية الخبيثة و يقال في تقبيح الشيء كأنه وجه شيطان أو رأس شيطان و في التنزيل العزيز في وصف شجرة جهنم( طلعها كأنه رؤوس الشياطين ) و يقال ركبه شيطانه غضب و لم يعبأ بالعاقبة و نزع عنه شيطانه استمسك بالحلم و شيطان الفلاة العطش و شيطان الشاعر (في معتقد أهل الجاهلية) جني كانوا يزعمون أنه يلهم الشاعر ) "المعجم الوسيط ". الشيطان ; من شطن أي بعد عن رحمة الله ." " أنظر قاموس المعانى: http://www.almaany.com/home.php?word=satan " ويعرف الذين آمنوا بالكتب والرسالات السماوية السابقة أن الشيطان مخلوق من مخلوقات الله عز وجل ،وهو عدو مبين للإنسان ،أى أن عداوته بينة وظاهرة، وكان سببا فى خروج أول الخلق نبى الله آدم عليه السلام وزوجه من الجنة . قال تعالى فى سورة البقرة : " وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ (34) وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39). وقال تعالى فى سورة الأعراف : "وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ (13) قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنْ الْمُنظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18) وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ (23) قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24). وقد أكدت هذا المعنى –عداوة الشيطان للإنسان - آيات كثيرة فى القرآن الكريم ،منها قوله تعالى فى سورة يوسف : "إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ "يوسف (5) . فالشيطان لعدواته للإنسان لايريد له الخير أبدا ، بل يريد كل ما يوقعه فى الحرج والضيق والعنت والمشقة والضلال المبين . والشيطان – كما هو معلوم – من الجن ،فقد قال تعالى : "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً" الكهف (50) والشيطان مخلوق من النار . قال تعالى فى سورة الرحمن : " خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15). ولكن الشياطين ليست من الجن فقط ،فهناك أيضا شياطين من البشر..شياطين الإنس . قال تعالى فى سورة الأنعام : "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ " (112) وعلى هذا النحو فقد تشيطن مشرع الجنسية وأتى بقانون شيطانى للجنسية يجمع بين الضدين بالمخالفة للعقل و المنطق ، فأنت مصرى بالمحررات الرسمية التى تمنحها لك الدولة ،ولها أن تفرض عليك ما تشاء من تكاليف ،منها أداء الخدمة العسكرية و الوطنية وقد تموت دفاعا عن "الوطن" بصفتك مواطن،ولكن فى نفس الوقت فإن الدولة فى أى وقت تستطيع أن تسحب منك كل هذه المستندات وتقول لك :لا....إثبت إنك مصرى ،" وخاصة إذا كان اسمك ينتهى بإسم غير مصري مثل المهدى والميرغنى (سودانى ) أو المغربى (يعنى من المغرب ) أو الشاعر (فلسطينى ) .. وهكذا .. والغريب فى الأمر : من هى الدولة ؟ إنها ليست رئيس الجمهورية أو رئيس الوزاء ومن فى هذا المستوى الرفيع فى أجهزة الدولة .. إنهم شحاتة افندى وعيسى افندى ..وأنور افندى .. هم أنفسهم لا يستطيعون إثبات جنسيتهم على النحو الذى يطالبون به الناس ..لا هم ولا المشرع .... ولكنه الشيطان لعنه الله ... يريد شيطان الإنس منك ياعزيزى "الشخص إلى أن تثبت أنك مواطن "أن تلفّ حول نفسك وتقضى عمرك فى البحث عن مستندات ومستخرجات ونماذج ومحررات ،وتروح دار المحفوظات فى القلعة وتيجى من القلعة وتظل رايح جاى وتدوخ السبع دوخات، و فى النهاية لن تصل إلى شئ ، وحينئذ تنقم على الزعيم مصطفى كامل الذى قال "لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا " وترى أنها مقولة " أونطة" ولربما كان العكس هو الصحيح. هذا ، ويجمع فقهاء القانون فى مصر على أن الدولة لها أن تعامل الفرد بالصفة التى تراها ،فلها أن تقول له أنت مصري،فإذا قال :لا... أنا مش مصرى تقول له إثبت ياسيد .كما لها أن تقول له أنت مش مصرى ،فإذا قال لا ...دا نا مصرى تقول له :إثبت ياسيد ..وهو مايعرف بامتياز " المبادرة " وهذا بالطبع منقول نقلا حرفيا عن فرنسا ... هل علمتم الآن لماذا هذه الأدلة شيطانية ؟ ج :لأن الذى جاء بها شيطان الإنس عدو الإنسان وعدو البشرية ،وهو مشرع قانون الجنسية المصرى ..تخصص تعذيب ....!! س: هل هناك وجه آخر لشيطنة مشرع الجنسية فى الإثبات؟ ج: نعم ..ولكن الوقت انتهى الآن .. س : هل هناك شياطين إنس أخرى فى مصر بخلاف مشرع الجنسية ؟ ج: طبعا ،ومنهم من يعتقلون النساء فى معتقل جوانتناموده، ويعذبوهن ويرتكبون جرائم ضد الإنسانية . س: هل لدينا اقوال أخرى ؟ ج : نعم ... انتظروا للأسبوع القادم إن شاء الله. أعاذنا الله وإياكم من شياطين الإنس و الجن . قولوا آمين .... [email protected]