ذُكرت مصر فى القرآن الكريم فى مواضع كثيرة،منها ما هو صريح فى قوله تعالى: "وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ" (يوسف 21). "فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ "(يوسف 99 ) "وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" (يونس 87) "وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ "( الزخرف 51) و منها ما جاء بشكل غير مباشر فى قوله تعالى : "قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ" ( يوسف55 ) "وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ" ( القصص6) و الأرض فى الآية هى مصر و قد ذكرت فى عشر مواضع باسم الأرض فى القرآن كما ذكر عبدالله بن عباس . "وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ" (القصص20) كما ذُكرت سيناء فى القرآن الكريم فى عدة مواضع منها : {وشجرة تخرج من طور سيناء} (المؤمنون:20) . {وطور سينين} (التين:2) . **أما ما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فى ذكر مصر فمنه: قوله صلى الله عليه و سلم : (ستفتح عليكم بعدى مصر فاستوصوا بقبطها خيرا فإن لكم منهم ذمه و رحما ) رواه مسلم. و قوله صلى الله عليه و سلم :(إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا بها جندا كثيفا فذلك الجند خير اجناد الأرض ، قال أبو بكر لم يا رسول الله؟ قال لأنهم و أزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة ). ** من ولد بمصر من الأنبياء و من كان بها منهم عليهم السلام: كان بمصر إبراهيم الخليل ، و إسماعيل ،و إدريس ، و يعقوب ، و يوسف ، و اثنا عشر سبطا . وولد بها موسى ، وهارون ، و يوشع بن نون ،و دانيال ، و أرميا و لقمان . و كان بها من الصديقيين و الصديقات مؤمن آل فرعون الذى ذكر فى القرآن فى مواضع كثيره و قال على بن أبى طالب كرم الله وجهه اسمه حزقيل ، و كان بها الخضر ،آسيه امرأة فرعون و أم إسحاق و مريم ابنه عمران ، و ماشطه بنت فرعون . ومن مصر تزوج إبراهيم الخليل هاجر أم اسماعيل ، و منها أهدى المقوقس الرسول عليه الصلاة و السلام ماريا القبطيه فتزوجها و أنجبت له إبراهيم . و يذكر أنه لما أجتمع الحسين بن على مع معاويه قال له الحسين : إن أهل حفن بصعيد مصر و هى قريه ماريه أم إبراهيم فأسقِط عنها الخراج إكراما لرسول الله ، فأسقَطه . و قد ذكر الكثيرون من المسلمين الأوائل و غيهم من فضائل و صفات مصر و أهلها الكثير و الكثير ، و ما يناله حاكمها من البركه و الرزق و الخير . يا أرض مصر فيك من الخبايا و الكنوز ، و لك البر و الثروة ، سال نهرك عسلا ، كثر الله زرعك ، و در ضرعك ، و زكى نباتك ، و عظمت بركتك و خصبت ، و لا زال فيك يا مصر خيرا ما لم تتجبرى و تتكبرى ، أو تخونى ، فإذا فعلت لك عراك شر ، ثم يعود خيرك. و فى التوراة ( مصر خزائن الأرض كلها ، فمن أرادها بسوء قصمه الله ). (أنظر تفصيلا على الإنترنت موقع"منتدى فتكات ") وبعد :فهذه هى مصر التى أضاعها المشرع وقضى عليها بالضربة القاضية بقانون الجنسية الحالى رقم 26 لسنة 1975 الذى يحدد ركن الشعب فى الدولة . بيان ذلك أن المجتمعات الإنسانية فى العالم المعاصر قد تجسَّدت فى شكل دول ، لكل دولة حدود سياسية مُعترف بها وشخصية معنوية ، يعيش فيها الناس وتربطهم ببعض روابط مشتركة ، تاريخية واجتماعية وقومية وغيرها . فالدولة هى التشخيص القانونى لجماعة معينة من الناس يعيشون بصفة الدوام فى منطقة إقليمية محددة ، خاضعين لنظام سياسى معين ، يستهدف تحقيق أغراض اقتصادية واجتماعية وسياسية محددة سلفا ، وتمارس مظاهر السيادة بنوعيها الداخلية والخارجية معا . وبعبارة أخرى فإن عناصر الدولة المُتفق عليها بين فقهاء القانون هى 3 عناصر: شعب + أرض + سلطة سياسية ، و بعض الفقهاء يضيف إلى ذك عنصر رابع وهو الاعتراف الدولى. والدولة هى أهم شخص من أشخاص القانون الدولى العام ، بل والتى من أجلها نشأ هذا القانون ،وهو مجموعة القواعد التي تحدد حقوق وواجبات الدولة في علاقاتها المتبادلة، أو هو مجموعة القواعد القانونية التي تحكم سلوك أعضاء المجتمع الدولي في إطار العلاقات الدولية ، ومثل هذا التعريف يتسع ليشمل أشخاص قانونية أخرى مثل المنظمات الدولية. وربما لايعرف الكثيرون ما أثبته المستشرقون المطلعون من أن الغرب قد تأثر تأثيرا كبيرا بما خلفه العرب فى تناول قواعد العلاقات الدولية فى مؤلفاتهم ،وأشاروا بصفة خاصة إلى الفقيه الحنفى الكبير محمد حسن الشيبانى رحمه الله مؤسس علم القانون الدولى العام،الذى –اعترافا بمكانته –قام علماء القانون الدولى والمشتغلون به فى مختلف بلاد العالم بتأسيس جمعية فى ألمانيا باسم "جمعية الشيبانى للحقوق الدولية " الهدف منها التعريف بالشيبانى واظهار آرائه ونشر مؤلفاته المتعلقة بأحكام القانون الدولى الاسلامى ،كما أن جامعة باريس قد قررت عام 1970 الاحتفال بذكرى مرور ألف ومائتى سنة على وفاة الشيبانى . (المصدر :" القانون الدولى العام"للأستاذ الدكتور إبراهيم محمد العنانى – العميد الأسبق لكلية الحقوق بجامعة عين شمس - ص 8 ) . ويجمع الفقهاء على أن الدولة هى أحد طرفى العلاقة أو الرابطة السياسية والقانونية بينها وبين شعبها المعروفة برابطة الجنسية، ومن ثم فإن الدولة المعترف لها بالشخصية الدولية هى وحدها التى تنشئ الجنسية وتمنحها، وحق إنشاء الجنسية قاصر فقط على الدولة دون غيرها من أشخاص القانون العام كالمنظمات الدولية . فالدولة بقوانينها هى التى تحدد ركن الشعب فيها ومن يعتبرون من رعاياها،أى من يحملون جنسيتها ،وشروط التمتع بها و اكتسابها وفقدها واستردادها وإثباتها، وهو ما يُعرف فى فقه القانون الدولى الخاص بمبدأ " حرية الدولة فى مادة الجنسية ". وقد تأكد لنا ولكم أن المشرع فى قانون الجنسية الحالى قد خرج خروجا غريبا وشاذا على الأصول العامة فى الإثبات وجعل إثبات الجنسية المصرية مستحيلا ،ونعود فنذكّركم بماقاله الفقيه الكبر الاستاذ الدكتور فؤاد رياض من أنه : "من المعلوم أن الجنسية هي أولى المقومات التي ترتكز عليها حياة الفرد في عالمنا المعاصر ، كما أنها هي التي يقوم عليها كيان الدولة بأسره ، فهي المعيار الذي يتحدد به ركن الشعب في الدولة ، مِن ثَمَّ فإذا لم تكن هذه الجنسية واضحة المعالم ، أو تعذر إقامة الدليل عليها ؛ فإن حياة الفرد بأسرها قد تنهار بعدم تمتعه بالجنسية ، بدءًا بحقه في الاستقرار في إقليم الدولة ، وفي التمتع بكافة الحقوق اللازمة لحياته ؛ من سياسية ومدنية واجتماعية . هذا، فضلاً عما يترتب على تعذّر تحديد جنسية الأفراد من خطر على كيان الدولة ذاته ؛ إذ أن الأمر يتعلق بركنٍ أساسي لوجود الدولة . وليس بخافٍ أن المُشرِّع المصري قد وضع المواطن أمام صعوبة قصوى ، إذا ما اضطر إلى إثبات تمتعه بالجنسية المصرية ؛ ذلك أنه ألقى على عاتق المواطن عبء إثبات هذه الجنسية في جميع الحالات ، سواء كان هو الذي يسعى إلى التمسك بها ، أو كان هو الذي يدفع بعدم دخوله فيها ، مخالفًا بذلك الأصول العامة في الإثبات . ومما يزيد من محنة المواطن إذا ما أراد إثبات جنسيته وجوب تقديمه دليلاً قد يعجز أفراد الجماعة المصرية في الحصول عليه ؛ إذ يتعيَّن على من يَدَّعي تمتعه بالجنسية المصرية إثبات توطنه في مصر قبل نوفمبر 1914م ، وعدم تمتعه بجنسية أجنبية ، والمحافظة على الإقامة في مصر حتى تاريخ العمل بقانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975م ، وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع ، وإقامة الزوج مكملة لإقامة الزوجة . وغني عن البيان أن أسلوب الإدارة في مصر ، وطبيعة الحياة الاجتماعية قلما تسمح بتوافر مثل هذا الدليل ، وذلك رغم أنه يمثل في الواقع أساس جنسية الغالبية العظمى من الجماعة المصرية ." فإذا كان ذلك فإننا نصل إلى الحقائق الآتية : 1- الشعب هو الركن الرئيسى فى الدولة ،فإذا انهار هذا الركن انهارت الدولة . 2- الشعب المصرى لايستطيع أن يثبت أنه شعب مصرى بسبب رذالة قانون الجنسية المصرى . 3- وعلى ذلك فإنه لايوجد شعب مصرى . النتيجة : بناء على ذلك ،هل توجد حقا دولة تدعى مصر؟ الإجابة : إن وجود مصر هو أمر ثابت بالتاريخ والجغرافيا والقرآن والسنة والكتب السماوية السابقة والاعتراف الدولى، وهى عضو بالأممالمتحدة . ولكن على ضوء الحقائق السابقة وأخصها أنه لايوجد شعب مصرى ، فيمكننا أن نقرر أنه من الناحية السياسية والقانونية : "لا توجد دولة تدعى مصر ". والحمد لله أن الأممالمتحدة لم تنتبه إلى ذلك حتى الآن . مبسوط يامشرع؟ سلامُ عليكم.