حريق يلتهم 4 أفدنة قمح في قرية بأسيوط    متحدث الصحة عن تسبب لقاح أسترازينيكا بتجلط الدم: الفائدة تفوق بكثير جدًا الأعراض    بمشاركة 28 شركة.. أول ملتقى توظيفي لخريجي جامعات جنوب الصعيد - صور    برلماني: مطالبة وزير خارجية سريلانكا بدعم مصر لاستقدام الأئمة لبلاده نجاح كبير    التحول الرقمي ب «النقابات المهنية».. خطوات جادة نحو مستقبل أفضل    ضياء رشوان: وكالة بلومبرج أقرّت بوجود خطأ بشأن تقرير عن مصر    سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الأربعاء 1 مايو 2024    600 جنيه تراجعًا في سعر طن حديد عز والاستثماري.. سعر المعدن الثقيل والأسمنت اليوم    تراجع أسعار الدواجن 25% والبيض 20%.. اتحاد المنتجين يكشف التفاصيل (فيديو)    خريطة المشروعات والاستثمارات بين مصر وبيلاروسيا (فيديو)    بعد افتتاح الرئيس.. كيف سيحقق مركز البيانات والحوسبة طفرة في مجال التكنولوجيا؟    أسعار النفط تتراجع عند التسوية بعد بيانات التضخم والتصنيع المخيبة للآمال    رئيس خطة النواب: نصف حصيلة الإيرادات السنوية من برنامج الطروحات سيتم توجيهها لخفض الدين    اتصال هام.. الخارجية الأمريكية تكشف هدف زيارة بليكن للمنطقة    عمرو خليل: فلسطين في كل مكان وإسرائيل في قفص الاتهام بالعدل الدولية    لاتفيا تخطط لتزويد أوكرانيا بمدافع مضادة للطائرات والمسيّرات    خبير استراتيجي: نتنياهو مستعد لخسارة أمريكا بشرط ألا تقام دولة فلسطينية    نميرة نجم: أي أمر سيخرج من المحكمة الجنائية الدولية سيشوه صورة إسرائيل    جونسون: الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأمريكية نتاج للفراغ    قوات الاحتلال تعتقل شابًا فلسطينيًا من مخيم الفارعة جنوب طوباس    استطلاع للرأي: 58% من الإسرائيليين يرغبون في استقالة نتنياهو فورًا.. وتقديم موعد الانتخابات    ريال مدريد وبايرن ميونخ.. صراع مثير ينتهي بالتعادل في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    معاقبة أتليتيكو مدريد بعد هتافات عنصرية ضد وليامز    موعد مباراة الأهلي والإسماعيلي اليوم في الدوري والقنوات الناقلة    عمرو أنور: الأهلي محظوظ بوجود الشناوي وشوبير.. ومبارياته المقبلة «صعبة»    موعد مباريات اليوم الأربعاء 1 مايو 2024| إنفوجراف    ملف رياضة مصراوي.. قائمة الأهلي.. نقل مباراة الزمالك.. تفاصيل إصابة الشناوي    كولر ينشر 7 صور له في ملعب الأهلي ويعلق: "التتش الاسطوري"    نقطة واحدة على الصعود.. إيبسويتش تاون يتغلب على كوفنتري سيتي في «تشامبيونشيب»    «ليس فقط شم النسيم».. 13 يوم إجازة رسمية مدفوعة الأجر للموظفين في شهر مايو (تفاصيل)    بيان مهم بشأن الطقس اليوم والأرصاد تُحذر : انخفاض درجات الحرارة ليلا    وصول عدد الباعة على تطبيق التيك توك إلى 15 مليون    إزالة 45 حالة إشغال طريق ب«شبين الكوم» في حملة ليلية مكبرة    كانوا جاهزين للحصاد.. حريق يلتهم 4 أفدنة من القمح أسيوط    دينا الشربيني تكشف عن ارتباطها بشخص خارج الوسط الفني    استعد لإجازة شم النسيم 2024: اكتشف أطباقنا المميزة واستمتع بأجواء الاحتفال    لماذا لا يوجد ذكر لأي نبي في مقابر ومعابد الفراعنة؟ زاهي حواس يكشف السر (فيديو)    «قطعت النفس خالص».. نجوى فؤاد تكشف تفاصيل أزمتها الصحية الأخيرة (فيديو)    الجزائر والعراق يحصدان جوائز المسابقة العربية بالإسكندرية للفيلم القصير    حدث بالفن| انفصال ندى الكامل عن زوجها ورانيا فريد شوقي تحيي ذكرى وفاة والدتها وعزاء عصام الشماع    مترو بومين يعرب عن سعادته بالتواجد في مصر: "لا أصدق أن هذا يحدث الآن"    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 1-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. تخلص من الملل    هل حرّم النبي لعب الطاولة؟ أزهري يفسر حديث «النرد» الشهير (فيديو)    هل المشي على قشر الثوم يجلب الفقر؟ أمين الفتوى: «هذا الأمر يجب الابتعاد عنه» (فيديو)    ما حكم الكسب من بيع وسائل التدخين؟.. أستاذ أزهرى يجيب    هل يوجد نص قرآني يحرم التدخين؟.. أستاذ بجامعة الأزهر يجيب    «الأعلى للطرق الصوفية»: نحتفظ بحقنا في الرد على كل من أساء إلى السيد البدوي بالقانون    إصابات بالعمى والشلل.. استشاري مناعة يطالب بوقف لقاح أسترازينيكا المضاد ل«كورونا» (فيديو)    طرق للتخلص من الوزن الزائد بدون ممارسة الرياضة.. ابعد عن التوتر    البنك المركزي: تحسن العجز في الأصول الأجنبية بمعدل 17.8 مليار دولار    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    "تحيا مصر" يكشف تفاصيل إطلاق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم قطاع غزة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط.. صور    أفضل أماكن للخروج فى شم النسيم 2024 في الجيزة    اجتماعات مكثفة لوفد شركات السياحة بالسعودية استعدادًا لموسم الحج (تفاصيل)    مصدر أمني ينفي ما تداوله الإخوان حول انتهاكات بسجن القناطر    رئيس تجارية الإسماعيلية يستعرض خدمات التأمين الصحي الشامل لاستفادة التجار    الأمين العام المساعد ب"المهندسين": مزاولة المهنة بنقابات "الإسكندرية" و"البحيرة" و"مطروح" لها دور فعّال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصب السكر زراعة كسولة يعشقها الفلاحون
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 27 - 11 - 2009

22 ألف عامل يعملون في 8 مصانع لإنتاج السكر.. الذي يعتمد علي زراعة "القصب" في 290 ألف فدان تنتج 10 ملايين طن سنويًا!
"القصب" يستحق وعن جدارة لقب الزراعة الكسولة التي يعشقها الفلاحون.. فزراعته ودورته بطيئة للغاية ويستمر في الأرض ما يقرب من 4 سنوات كاملة والحصاد دائمًا منتصف ديسمبر من كل عام ثم كالعنقاء يخرج من تحت الرماد محصولاً جديدًا.
المحصول يعد أحد أهم قلاع الصناعة النباتية في قري محافظات الصعيد ويفتح أبواب الرزق للآلاف في أسوان وقنا وسوهاج والمنيا يعملون في الأرض وفي 27 صناعة ثانوية تعتمد علي قصب السكر أشهرها العسل الأسود والخشب ولب الورق والشمع والأسمدة الزراعية.
علاقة تكاملية وحياتية تنشأ بين الناس في الصعيد والقصب.. وتحتل محافظة قنا أكبر مساحة مزروعة ب132257 فدانًا وهي تمثل 57٪ من جملة المساحة المزروعة في مصر تليها أسوان ب75454 فدانًا ويبلغ إنتاج السكر بمصانع محافظة قنا 540036 طن سكر في حين تنتج أسوان 283666 طنًا وتمثل 30.6٪ من إجمالي إنتاج السكر والذي بحسب آخر إحصائية لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو" فإن إنتاج السكر في مصر 925 ألف طن من القصب فيما يساهم البنجر والذي تتركز زراعته في الوجه البحري بنحو 26 ٪ من جملة الإنتاج.
ورغم إعلان الحكومة منذ أيام عن ارتفاع سعر توريد طن القصب إلي 250 جنيهًا بداية موسم الحصاد الذي يبدأ منتصف الشهر القادم بدلاً من 198 جنيهًا خلال الموسم الماضي إلا أن المزارعين يطالبون ب300 جنيه للطن خاصة وهذه صناعة تحتكرها الدولة ولا يوجد مصانع للقطاع الخاص.
إذا كانت هذه هي المعلومات الأولية عن زراعة يعتمد عليها الآلاف إن لم يكن الملايين في حياتهم فماذا عن هذه الزراعة الكسولة التي تجمع مرة في العام وتستمر 4 أعوام في الأرض دعونا أولاً نتحدث عن الصناعات التي تنشأ عليها.. الخبراء يقدرونها ب27 صناعة أشهرها العسل الأسود ويصفون هذه الصناعات بالعشوائية فلا يوجد حصر بعدد العاملين بها أو خضوعها للرقابة وإن كانت الحكومة مؤخرًا لجأت لإنشاء مصانع في المناطق الصناعية الجديدة بمحافظات الصعيد لإنتاج الخشب ولب الورق من القصب في الوقت الذي تعمل صناعة العسل الأسود بطريقة تقليدية ويدوية تحتاج إلي إعادة النظر.
اللافت في هذا المحصول أنه تتعدد الاستفادة منه فمنذ الحصاد الذي يتم بطريقة منظمة حيث يقوم الفلاحون بكسر العيدان وتقشيرها من الأوراق الناشفة ونزع "القالوح" بداية عود القصب ويرصون كل صنف علي حدة يأتي العمال لرفعه ونقله عبر "الجمال" وتأتي الحمير لتأخذ القالوح بينما يتم تجميع الأوراق الناشفة بعد الانتهاء من الحصاد ويتم حرقها لزيادة خصوبة الأرض حيث تعد هذه الأوراق سمادًا طبيعيا جيدًا كما أنه يقضي علي الديدان والحشرات.
طرق بدائية
"روزاليوسف" ذهبت إلي نجع حمادي أكبر منطقة لزراعة قصب السكر في قنا لترصد علاقة هذا المحصول بحياة المواطنين وارتباطهم به والذي يظهر منذ اللحظة الأولي بشوارع المدينة القريبة من محطة السكة الحديد والمليئة بالمحلات التي تبيع عبوات العسل الأسود والباعة الجائلون يعرضون منتجات "الجلاب" وهي نوع من الحلوي يصنع من العسل الذي ينتجه قصب السكر ويوازي خط السكة الحديد خط آخر أضيف مخصصًا لنقل القصب إلي مصنع السكر الموجود أقصي جنوب مدينة نجع حمادي.
وفي قرية "الشرقي بهجورة" المشهورة بزراعة القصب وإنتاج العسل الأسود لن تجد إلا القصب المسيطر تمامًا علي الأرض إضافة لمساحات صغيرة مزروعة بالبصل والكرنب وبعض الخضراوات الأخري.
وفي شوارع القرية الضيقة تسير "الجمال" المحملة بعيدان القصب والحمير التي تنقل "القالوح" وهو مجموعة الأوراق الخضراء التي توجد أعلي عيدان القصب وتستخدم كعلف مجاني في موسم تشح فيه محاصيل العلف الأخضر الأخري.
علي جانبي الشارع أطفال ينتظرون عبور الجمل المحمل بالقصب حتي يحصل كل طفل علي عود.
ورغم أن موسم الحصاد لم يشد بعد، فشركة السكر لم تفتح أبوابها لاستقبال المحصول من المزارعين حتي الآن وتفتح أبوابها منتصف شهر ديسمبر إلا أن الصناعات التكميلية الأخري تعمل علي قدم وساق خاصة مصانع العسل الأسود المنتشرة في هذه القري والتي يطلق الأهالي علي هذا المصنع اسم "عصارة" ولا يمتلكها إلا كبار مزارعي القصب في كل قرية.
في موسم الحصاد.. الفلاحون يعملون في صمت أقرب للصلاة.. الكل يعمل باجتهاد وقدرة فائقة علي الصبر الذي يبدو أنهم تعلموه من المحصول الكسول والكل يحصل علي نصيبه من عمل يديه فلا فرق بين رجل وامرأة أو بين طفل ومسن أو بين فقير وغني.
أم وحيد ملامح وجهها تبلغنا أنها تعدت الخمسين تقوم بتقشير عدد كبير من العيدان قبل أن يأتي ابنها لحمل "القالوح" علي الحمار، وسيدتان آخريان تتحدثان أثناء تقشير القصب حول جاموسة إحداهما التي قل إنتاجها من اللبن بعد انتهاء موسم البرسيم منذ فترة وأنه جاءت منذ الساعة السابعة صباحًا حتي تحصل علي أكبر كمية من "القالوح" لتكون طعامًا لجاموستها التي تعتبر مصدر رزقها.. فاللبن والجبن والزبد تباع لتشتري احتياجات أسرتها.
أما "شمندي" هو شاب لا يتجاوز 25 عامًا فقد جاء ليأخذ القالوح للبقرة التي اشتراها منذ أيام بعد أن تحول ذلك إلي مشروع استثماري يسشتري بقوة صغيرة مع بداية موسم الحصاد بألفي جنيه ويغذيها بالقالوح المجاني وفي نهاية الموسم يبيعها بضعف المبلغ، إضافة لعملة بالأجر اليومي في خدمة الأراضي الزراعية أو في شحن عربات السكة الحديد بالقصب مقابل 30 جنيهًا في اليوم الواحد.
صناعة العسل
أما في مصانع العسل الأسود التي يطلقون عليها "عصارة" فرغم أنها تنتج كميات كبيرة من العسل الأسود يوميا إلا أنه لا يوجد بها سوي ماكينة واحدة فقط والأعمال اليدوية هي المسيطرة.
حوالي 26 عاملاً من الشباب يستخدمون قوتهم العضلية إضافة إلي 4 يعملون بالخبرة.
مصانع العسل أو العصارة كما يطلقون عليها في الصعيد تقام علي مساحة أرض كبيرة فضاء وفي جزء منها بني مبنيان من طابق واحد الأول يتم فيه عملية التسخين والغليان لإنتاج العسل والثاني للتخزين في أحواض لحين بيعها، أما باقي المساحة فمقسمة لجزءين الأول لوضع عيدان القصب والثاني تنشر فيه بقايا القصب بعد عصره حتي تنشف ليتم حرقها أسفل أحواض العسل لتسخينها بنظرية الاكتفاء الذاتي، حيث لا يستخدم أي وقود أو فحم في غليان العسل.
عملية إنتاج العسل التي رصدنا مراحلها علي مدار يوم تبدأ بدخول "الجمال" محملة بعيدان القصب فيستقبلها أحد العاملين بالعصارة ليضع العيدان بطريقة مناسبة حتي لا تشغل مساحة كبيرة ويتوجه العمال لحمل القصب علي أكتافهم لوضعها أمام الماكينة التي تقوم بعصر العيدان.
وينقل العصير الناتج في مواسير إلي أحواض داخل مبني عبارة عن ثلاثة أحواض نحاسية كبيرة أسفلها ممر ضيق ذو فتحة لا يتجاوز قطرها 30سم يتم إدخال بقايا القصب المعصور فيها بعد جفافه ليتم حرقه واستخدامه كوقود بعدما تسخن الأحواض النحاسية التي يتم في الأول فيه سلق العصير في درجة حرارة عالية ليمر علي الثاني في درجة حرارة أعلي وفي الحوض الأخير يتم إنتاج العسل وهذه العملية تحتاج إلي خبرة شديدة، فيجب أن يختار الوقت المناسب لنقل العصير بين الأحواض والوقت المناسب أيضًا للتقليب وتستغرق عملية إنتاج العسل الأسود من العصير للحوض الواحد حوالي ساعتين.
بعد هذه العملية يتم تصفية العسل من الشوائب من خلال "غرابيل" ونقله إلي أحواض صغيرة للتخزين ليتم بيعه إلي التجار الذين غالبا ما يجمعون العسل ويعبئونه في صفائح ونقله بسيارات النقل أسبوعيا.
حمل القصب داخل العصارة يعمل فيها الجميع ولا يتواني الشباب حتي لو خريجو جامعات علي حمل المحصول والمساعدة "سوري عبدالسلام" رغم حصوله علي ليسانس أصول الدين بتقدير عام جيد جدًا بجامعة الأزهر إلا أنه اختار هذا المجال كمصدر للرزق.
سوري الذي يبلغ من العمر 30 عامًا قال: إنه يعمل في هذه المهنة منذ 10 سنوات مع والده وأخيه الأكبر وكان يوفر لنفسه نفقات الدراسة وبعد الانتهاء منها لم يجد عملاً بمؤهله الدراسي ففضل أن يستمر في العمل الذي تعود عليه واستطاع أن يتزوج منذ فترة قليلة.
أخوه الأكبر "وائل" الذي يعمل بإدخال عيدان القصب في ماكينة العصر.. قال إنه يأخذ أجرًا يوميا 30 جنيهًا في اليوم ولا يجد أي مهنة أخري ويتبادل مع شقيقه حمل القصب الذي يعتمد علي القوة العضلية.
العمل التعاوني بين العاملين في هذا المجال لا يتوقف عند هذا الحد ف"الطباخ" وهو المسئول عن الإشراف علي عملية طبخ العسل "محمود عبدالمجيد" الذي تجاوز عمره ال55 عاما يري أن صناعة العسل فن لا يجيده الكثيرون ونتائجه تظهر بعد فترة علي سيولة العسل ومذاقه.
"محمود" جاء بابنه البالغ من العمر 20 عاما ليعمل معه في العصارة فهو مسئول عن إشعال بقايا القصب تحت أحواض التسخين.
استثمار مربح
إذا كانت هذه هي عملية إنتاج العسل.. فإن هناك مصدرًا كبيرًا للرزق رصدناه أثناء تجولنا في الأرض والمصانع البدائية فالكل هنا يربح والجمل يعتبر مشروعًا استثماريا مربحًا فمن يشتري جملاً ب7 و8 آلاف جنيه ويعمل به في نقل القصب يحاسب بطريقة الحمل الذي يتراوح بين 10 إلي 15 جنيهًا ويستطيع أن يقوم بنقل 10 أحمال في المتوسط يوميا أي أنه يربح 150 جنيهًا والجمل نفسه يأكل مجانًا من مخلفات القصب ويشرب الشوائب التي تخرج من عملية تصفية العصير وفي الليل يأكل "التبن" المتوفر في هذه المناطق.
تجارة القصب
اللافت أنه رغم تأكيد تجار القصب علي تدني المكسب الحقيقي للمزارعين من هذا المحصول إلا أنهم يرفضون زراعة أي محصول آخر ويؤكدون علي عدم الاستغناء عنه.
فمنصور حسين البالغ من العمر -35 عاما- الذي يعمل في تجارة القصب هو وأخواه يقول إنه ورث هذه المهنة من والده منذ الطفولة ولا يعرفون أي مهنة أخري وأنهم يشترون القصب من المزارعين لتصنيع العسل منه وطالب برفع سعر "قنطار" العسل الذي ليس له تسعيرة معينة ويخضع فقط لسيطرة وتحكم تجار العسل. وأكمل شقيقه الأصغر "عبدالناصر" أن القصب يمثل فردًا من الأسرة في كل بيت ينشأ ويكبر أمام أعيننا لذلك تربطنا به علاقة قوية وغالبية المزارعين يقيمون "عشة" صغيرة بجانب المحصول يعيشون فيها أكثر مما يعيشون في بيوتهم.
وقال "عزالدين محمد الصغير" أحد تجار القصب إن الارتباط بين المزارعين ومحصول القصب رغم ضعف العائد منه أنه يوفر آلاف فرص العمل طوال الموسم بدءًا من زراعته وعمليات الحرث وتنظيف الأرض من الحشائش في مرحلة الإنبات والري إلي أن يأتي موسم الحصاد الذي يحتاج أيضًا إلي عمالة كثيرة، وبالتالي فهو يضمن فرصة عمل للمزارع وأسرته وغيرهم بالإضافة إلي هامش ربح في نهاية العام. وأضاف قديمًا كان الفلاحون ينتظرون موسم الحصاد حتي يقيموا مشاريعهم أو بناء بيوتهم أو تزويج أبنائهم ولكن الآن يستطيع أن يقترض المزارع من بنك التنمية الزراعية ما يحتاجه من مصاريف له ولأسرته ومصاريف الزراعة ويسدد للبنك في نهاية الموسم رغم أن ذلك تسبب في مشكلات عديدة للتعثر في التسديد نتيجة الفوائد الكبيرة أو قلة الإنتاج لأي سبب من الأسباب.
عشق الفلاحين
ونظراً لحب الفلاحين للقصب فإنهم يدافعون عنه ويرفضون أي اتهام يوجه له فحول اتهامه بالستر علي المجرمين ولجوء الارهابين والهاربين من تنفيذ الأحكام القضائية داخله ويقول محمد عسران من سكان القرية أنه لم يسمع أن أحد المزارعين وجد أشخاصًا مجرمين داخل محصوله وإن كان ذلك من الصعب حدوثه لأن المزارعين دائمو التجول داخل القصب للبحث عن الحشائش لماشيتهم بل لجأ البعض للإقامة الدائمة وسط القصب وتخصيص مكان له يقضي به أغلب ساعات النهار وأيضاً لا يتم ري هذا المحصول إلا ليلاً أو في الصباح الباكر ورغم ذلك يجد المزارعون زمان الخارجين عن القانون داخل القصب ويتندر أهالي القرية عن واقعة تقدم مجهول بالبلاغ عن ارهابين داخل القصب في هذه القرية وتم حصارها بقوات الأمن وطالبوا المزارعين بحرق محاصيلهم حتي يظهر الارهابيون وأن ذلك كان منذ حوالي 10 سنوات إلا أن نائبهم في مجلس الشعب عبد الرحيم الغول اصطحب قيادات الأمن وكبار المزارعين وتجولوا داخل الزراعات في كل منطقة ولم يجدوا أحداً أو أي دليل علي وجودهم وفسر لهم نائبهم بأن ذلك غرضه اضعاف شعبيته بين أهالي القرية خاصة أن ذلك كان قبل انتخابات مجلس الشعب في هذا الوقت بأيام.
مياه الري
أما عن اتهام قصب السكر باستهلاك كميات كبيرة من المياه يقول الحاج "خيري الخمساوي" وهو من كبار المزارعين لقصب السكر أن القصب بريء من هذا الاتهام لأنه يمكث عامًا كاملاً وربما 14 شهراً ورغم ذلك يستهلك كميات من المياه توازي محصولين شتوي وصيفي أو قد تقل عنها ففي الخريف والربيع تكون النباتات صغيرة ولا تحتاج لكميات كبيرة من المياه ويتم الري كل 15 يوماً أما في الفترة من مايو إلي نهاية أغسطس يقابل هذه المرحلة نمو سريع ويحتاج إلي كميات كبيرة نسبياً من المياه وعلي فترات متقاربة كل 7 أو 10 أيام، ولكن في الشتاء فيكون النمو بطيئاً ويتم ريه كل 21 يومًا علي أن يتم منع الري تماماً قبل كسر المحصول بنحو شهر كامل وعادة ما تستخدم ماكينة لضخ المياه مما ساعد في سرعة الري حيث يمكن ري الفدان في 3 ساعات.
إذا كان هذا هو وضع القصب وزراعته فماذا عن تكاليفه؟!
تكاليف الزراعة
وفي دراسة عن تكاليف زراعة فدان القصب لجمعية منتجي قصب السكر أوضحت أن متوسط مصاريف زراعة الفدان 8 آلاف جنيه في حين أن متوسط ما ينتج عنه 7200 جنيه مما يعني أن هناك خسارة تقدر ب 800 جنيه في زراعة الفدان.
ويقول عبد الرحيم الغول رئيس لجنة الزراعة بمجلس الشعب إن محصول قصب السكر يستحوذ علي مساحة تبلغ نحو 300 ألف فدان من مساحة الأرض الزراعية في مصر وأصبح اليوم من المحاصيل الرئيسية في محافظات الصعيد كما أصبح له جمهور من المتخصصين من الزراع وأقيمت له قاعدة صناعية كبيرة في محافظات الصعيد باعتباره من المحاصيل كثيفة العمالة لأنه يسهم بقدر كبير في التخفيف من حدة البطالة في هذه المحافظات.
وأوضح أن محصول القصب كباقي المحاصيل الزراعية يواجه زيادة مضطردة في تكاليف إنتاجه تؤدي في النهاية إلي تآكل العائد وتحمل الزراع للخسائر في ظل الظروف المعيشية الصعبة مما أدي إلي عزوف بعض المزارعين عن زراعته والتوجه إلي زراعة محاصيل بديلة بسبب انخفاض عائد المحصول.
وطالب الغول بزيادة سعر توريد الطن قصب السكر إلي 300 جنيه بعد أن وعدت الحكومة برفع السعر خلال موسم 2009 / 2010 إلي 250 جنيهاً.
وأوضح د. أحمد الركايبي رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية أن السكر هو أقرب سلعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي حيث تبلغ احتياجات مصر من السكر 2.7 مليون طن يوفر محصول قصب السكر منها مليون طن ويوفر البنجر 700 ألف طن أي أن الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك تبلغ نحو مليون طن.
مشيراً إلي أن هناك جهودًا كبيرة تبذلها الجهات والوزارات المعنية لزيادة الإنتاج من السكر إلي 2.6 مليون طن عام 2010 من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي منه وذلك من خلال إضافة خطوط إنتاجية جديدة وزيادة التوسعات في زراعة وصناعة سكر البنجر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.