أثبتت الأيام الماضية أن العمل السياسي أو الدبلوماسي ليس بمعزل عن التنافس الرياضي.. وجاءت مباراتا مصر والجزائر في التصفيات المؤهلة لكأس العالم لكرة القدم سواء تلك التي حسمت في استاد القاهرة أو المنتظر حسمها اليوم في استاد المريخ بأم درمان وما أحيط بهما من أحداث، لتؤكد أن العمل الدبلوماسي قد يمثل عنصرًا إضافيا لعناصر اللعبة الجماهيرية الأشهر علي مستوي العالم.. وهذه الحقيقة تتضح من الرصد الإعلامي للتصريحات الرسمية التي صدرت من المؤسسة الدبلوماسية المصرية حول المباراة من خلال تعامل سفارات مصرية بالخارج وقطاعات داخل الخارجية أصبحوا في بؤرة الحدث. إعلاميا.. في صباح العاشر من نوفمبر الجاري خرج المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير حسام زكي ليعلن أن هناك رغبة مصرية وجزائرية مشتركة في تهدئة الأجواء قبل المباراة، وأضاف أن هذه الرغبة جرت ترجمتها إلي تعاون رسمي بين الجانبين للتأكد من أن ما يحدث في ساحة التنافس الرياضي -أيا كانت حدته- لن يؤثر علي العلاقة الثنائية المتميزة التي تربط بين الشعبين والبلدين. وتابع حسام زكي تصريحه بجملة تعد هي مربط الفرس في تدخل الخارجية في هذا اللغم الرياضي.. قال زكي: إن التنافس الرياضي هو أمر قائم ومعمول به في كل الدول، غير أن انحراف البعض عن أدوات التنافس السوي يمكن أن يؤدي إلي عواقب سلبية وهو ما تسعي وزارة الخارجية المصرية بشكل حثيث لإجهاضه واحتوائه. وبعد هذا التصريح بثمان وأربعين ساعة كان تأكيد وزير الخارجية أحمد أبوالغيط علي أن العلاقات المصرية الجزائرية أكبر وأعمق بكثير من أن تهزها أو تنال منها منافسة رياضية من أي نوع، وكان هذا التصريح أثناء لقاء أبوالغيط مع نظيره الجزائري مراد مدلس إذ أكد الوزيران علي أن المنافسات الرياضية وخاصة في مجالات كرة القدم يجب أن تكون مناسبات للتقارب والتعارف وليس التنافر أو السلوك السلبي. وفي الثالث عشر من نوفمبر أي عشية مباراة القاهرة.. كشف المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية عن اتصالات هادئة -علي حد تعبيره- تجري بين وزارتي الخارجية بمشاركة وتنسيق مع الأجهزة المعنية الأخري في الجانبين بهدف تخفيض حدة التوتر التي أعقبت ملابسات وصول البعثة الجزائرية. وفي صباح الأحد الماضي.. وبعد فوز مصر في مباراة القاهرة وفيما كان المتحدث الرسمي يعلن عن تعليمات وزير الخارجية للسفارة المصرية في الخرطوم لتكون علي أهبة الاستعداد للمساعدة في حشد الدعم والتنظيم المطلوبين قبل لقاء المنتخبين والمقرر له مساء اليوم الأربعاء في السودان، قال السفير حسام زكي: إن هناك ثقة مصرية كاملة في أن الرعايا المصريين في الجزائر يحظون بكامل الرعاية والضيافة من أشقائهم الجزائريين وأن الأخوة بين الشعبين هي من العمق والقوة بحيث تستوعب أي حساسيات تنتج عن منافسات رياضية مهما علت حدتها. وفي مساء نفس اليوم.. حدث ما كان متوقعًا وحطمت الجماهير الجزائرية مكتب شركة مصر للطيران بالعاصمة الجزائر وبدأت الأنباء تتوارد حول مخاطر حقيقية باتت تحيط بالمصريين في الجزائر، فبدأ العمل الدبلوماسي يأخذ منحي آخر فأجرت القاهرة اتصالات رفيعة المستوي بالمسئولين الجزائريين لتأمين سلامة المصريين بالجزائر إذ اتصل الدكتور أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء، بنظيره الجزائري وأجري أحمد أبوالغيط اتصالاً بوزير خارجية الجزائر مراد مدلس لحث السلطات الجزائرية علي توفير الرعاية والحماية اللازمة للرعايا المصريين. ولم تمر ساعات وتحديدا في صباح أمس الأول الاثنين تم استدعاء السفير الجزائريبالقاهرة عبدالقادر الحجار للتأكيد والتأكد من الإجراءات التي تتخذها السلطات الجزائرية نحو حماية المواطنين المصريين المتواجدين في الجزائر. وفي الوقت نفسه، كان السفير المصري في الجزائر عبدالعزيز سيف النصر يسلم رسالة من الوزير أبوالغيط إلي نظيره مدلس فحواها أن مصر قلقة علي مواطنيها ويطالب السلطات الجزائرية بضرورة توفير الحماية لمواطنينا في الجزائر. ومؤسسيا.. المتابع لديناميكية تحرك وزارة الخارجية في معالجة هذا الأمر يجد تقديرًا سليمًا وتناغمًا ملحوظًا بين جميع قطاعات هذا الجهاز الوطني وكوادره المحترفة وبين سفاراتنا في كل من الجزائروالخرطوم، الخارجية استدعت السفير الجزائري في التوقيت المناسب وفور اندلاع أحداث الشغب وبداية استشعار قلق حقيقي علي المصريين، وقامت بتشكيل فريق عمل والاجتماع بممثلي الجهات المعنية في الدولة للعمل علي محورين الأول متابعة الوضع في الجزائر والآخر متابعة توافد الجماهير المصرية علي السودان، هذا فضلاً عن غرفة عمليات داخل القطاع القنصلي لمتابعة الموقف بالنسبة لرعايانا في الجزائر لحظة بلحظة علي مدار 24 ساعة.