إذا كان قد أدهشك حديث الشتم وقلة الاحترام الذي تفوه به مهدي عاكف مرشد الإخوان المبعد.. وأنه قال إن عليهم ضرب نواب الشعب بالجزم.. فإن ما أدهشني أكثر هذا الكلام المتكرر من الإخوان عن أنهم لن ينجرفوا إلي معركة تؤدي إلي إسالة الدماء في مصر.. ما هذا التلويح المعاد والذي نسمعه كثيراً.. قاله عاكف في حوار صحفي وقاله محمود عزت المرشد المرشح في مؤتمر الجزم هذا؟ قال محمود عزت وهو حتي الآن الأمين العام للجماعة المحظورة، إلا أنه يتمتع بنفوذ كبير فيها يفوق المرشد الحالي، إلي درجة أنه قاد تيار عدم تصعيد العريان إلي مكتب الإرشاد ضد رغبة عاكف: الأمريكان والإسرائيليون يريدون منا أن نقع في بعضنا البعض لتسال الدماء في أرض مصر.. لكننا لن نمكنهم من ذلك.. كلام مثل هذا قاله المرشد نفسه قبل أيام.. وكرره في حوارات مختلفة. ولست أعرف خطة أمريكية إسرائيلية من هذا النوع.. إلا إذا كان لدي الإخوان دليل عليها.. ومن ثم وجب عليهم أن يعلنوه إن لم يكونوا يدلسون.. وما يدهشنا هو تكرار هذا المعني كما لو أنه تلويح بتهديد للمجتمع.. وكما أن الإخوان يريدون أن يقولوا إنهم لديهم القدرة علي إسالة الدماء.. لكنهم يكظمون الغيظ. أي جماعة تلك التي تصف نفسها بأنها دعوية ربانية.. ثم تتحدث عن الدماء من حين إلي آخر.. وهل هذا استدعاء للمعاني التي كشفها الاستعراض العسكري للإخوان في جامعة الأزهر منذ سنتين.. ثم كيف يمكن أن نتجاهل تلك التلويحات ونحن نري المرشد يتكلم عن أن في يده أن يرسل الآلاف إلي الأقصي لإنقاذه.. إذ كيف يفعل.. ومن أين يأتي بهؤلاء الشباب.. وهل هذا هو الطريق الذي سوف تنفجر من خلاله الدماء؟ وإذا كان حديث الدماء قد جاء من هذا الباب التحذيري علي لسان قادة في الإخوان، وهي جماعة ذات تاريخ إرهابي، ويحكمها بشر سبق اتهامهم في قضايا إرهاب وتورطوا في عمليات عنف، فإن حديث الجزم قليل الأدب جاء مباشراً وصريحا.. وفيه قال عاكف إن علي نواب الإخوان أن يضربوا مخالفيهم في البرلمان بالجزمة. ومعني الكلام واضح.. وبقدر ما فيه من قلة أدب.. فإن فيه ما ينص علي أن المرشد الذي يقبلِّ النواب الإخوان يديه.. ضد الديمقراطية وضد المخالفة في الرأي.. ولا يطيق أن يناقض آراءه الآخرون.. وأن الحل لديه هو الجزمة.. أو علي أقل تقدير الشتم. والشتمة إرهاب شفوي.. والجزمة استخدام لسلاح في إرهاب مادي.. والتلويح بها إرهاب معنوي.. ولا تختلف الأسلحة في الإرهاب سواء كانت جزمة أو رصاصة.. وحين يكون هذا كله مقترناً بتلويح حديث الدماء فإننا نكون بصدد رسالة من قيادات الجماعة المحظورة إنهم بصدد ما هو أبعد إن لم نتوقف عن كشفهم.. صحافة ونواباً ورأياً عاماً.. وفي كل الأحوال هذا يكشف طبيعة جماعة لاتقبل الآخرين. ليس هذا حديثاً منهم عن حماية الأقصي.. وليس حديثا عن مواجهة منهم للإسرائيليين. ولو كانوا قادرين علي مواجهة الإسرائيليين كان أتباعهم في حماس قد فعلوها بدلاً من أن ينقلبوا علي السلطة الشرعية.. ويقتلوا عناصرها أمام الشاشات.. والذي قتل النقراشي.. والقاضي الخازندار في مصر.. ويتحدث أتباعه الآن عن الجزم وإسالة الدماء هو فريق من المحظورين الذين لم يتربوا ولم يتعظوا ولايريدون الالتزام لا بقواعد الديمقراطية ولا القانون ولا الأخلاق.. ويهددون بما هو أعنف وإذا كان عاكف قد رفض قرار الشوري إذا كانت بينهم شوري حين رفض مكتب إرشاده رأيه بتصعيد عصام العريان.. فترك الجماعة وذهب إلي بيته مغتاظاً رافضاً.. فإن هذا يعطينا فكرة عن طبيعة التفكير والمنطق والعقيدة.. أناس لايقبلون الديمقراطية بينهم فكيف بهم يقبلونها مع الآخرين.. إن حديثهم للآخرين دائما هو التلويح بالدماء أو علي أقل تقدير الجزم.. ويا لها من جماعة تصف نفسها بالدين والدين كله منها براء. الموقع الإليكتروني: ten.lamakba.www البريد الإليكتروني: [email protected]