عقل الطبقة الوسطي محمد حمدي السبت المقبل يبدأ الحزب الوطني الديمقراطي مؤتمره السنوي السادس، ولأنه صاحب الأغلبية حتي الانتخابات البرلمانية العام المقبل، ويشكل الحكومة الحالية، فإنه يتحمل المسئولية عما يجري في مصر الآن، وما سيحدث في المستقبل، من خلال أوراق السياسات التي يقدمها الحزب سنويا في مؤتمراته، وتتحول إلي سياسات عامة للدولة، يجري تنفيذها أو تعرض لبعض المعوقات. ولعدة أيام سأجري مراجعة أرجو أن تكون دقيقة لما قدمه الحزب الوطني في ثوبه الجديد، وما يفترض أن يطرحه، من موقع المحايد، فلست عضوًا في الحزب ولا أية أحزاب أخري، لكن طالما نحن أمام حزب عام فإن كل ما يطرحه حتي في غرفه المغلقة هو شأن عام بامتياز. مراجعة اليوم تركز علي موقف الحزب من النقابات المهنية باعتبارها عقل الطبقة الوسطي في أي بلد، وغني عن القول أن هذه الطبقة تشكل رمانة ميزان أي مجتمع، فكلما زاد عدد المنخرطين في هذه الطبقة زاد مؤشر الاستقرار في أي بلد، وكلما تآكلت صعودا وهبوطا بين طبقتي الأغنياء والفقراء تفقد المجتمعات حصانتها الذاتية لمواجهة الأزمات المعتادة والطارئة علي حد سواء. ويوجد في مصر 24 نقابة مهنية أكبرها عددا نقابة المعلمين.. والتجاريين ويفوق عدد أعضاء كل منها المليون، ورغم عدم وجود حصر دقيق لكن معظم التقديرات تشير إلي أن عدد أعضاء النقابات المهنية المصرية يتجاوزون خمسة ملايين عضو، وإذا كان متوسط أفراد الأسرة المصرية خمسة أشخاص فهذا يعني أن المنتمين للنقابات المهنية وأسرهم يشكلون نحو 25 مليونًا هم عماد وعقل وقلب الطبقة الوسطي المصرية. لكن مشكلة المشاكل في مصر أن هذه الطبقة شبه غائبة عن الحياة العامة، فلا هي تشارك في صناعة القرار، ولا في العملية السياسية عبر انتخابات مجلسي الشعب والشوري والمحليات، رغم أنه يفترض في هذه الطبقة تشكيل الاتجاهات السياسية، والسياسة العامة للدولة لكنها انسحبت من هذا الدور. وغني عن القول أن سببًا رئيسيا لمثل هذا الغياب أن حاضنة المشاركة الأصلية لهذه النقابات في اختيار مجالس إدارتها تعاني من أزمة حقيقية منذ عام 1993 حين صدر قانون النقابات المهنية رقم 100 والذي أدي إلي تجميد العمل النقابي المهني وفرض الحراسة علي معظم النقابات المهنية المؤثرة والكبيرة. وخلال المؤتمر العام التاسع للحزب عام 2007 طرح الوطني رؤية لتعديل قانون النقابات المهنية لتسهيل إجراء الانتخابات بها وإطلاق قدرتها علي تحقيق الأهداف المنوطة بها، ورغم مرور عامين علي طرح هذه الرؤية وتبني الحزب الوطني لها فلا تزال النقابات المهنية تعاني حالة من الشلل الكبير بسبب القانون 100 المعطل للعمل النقابي في مصر. وما لم يحول الحزب الوطني رؤيته إلي تعديل تشريعي فإن الطبقة الوسطي ستظل غائبة عن جميع مناحي الحياة، مما يجعل المجتمع كله عرضة لتقلبات وأنواء لا تحمد عقباها. ونواصل غدًا [email protected]