خير الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية الدكتور علي الدباغ سوريا بين إقامة علاقة شراكة استراتيجية مع بلاده أو الاستمرار في حماية المجرمين، مشيراً إلي أن سوريا تستضيف جماعات مصنفة علي قائمة الإرهاب تتخذ من دمشق مقراً لها ومنطلقاً لعملها إلي جانب وجود قناة فضائية يديرها شخص مطلوب للانتربول الدولي تبث من سوريا برامج لكيفية صنع القنابل وزرع الألغام وتمجيد أعمال القاعدة. وأكد الدباغ في حوار اختص به روزاليوسف عبر الإنترنت أن هناك أجنحة في الحكم السوري تعرف وعلي اطلاع بنشاط هذه الجماعات، مشدداً علي أن الحكومة العراقية لن تقبل بأقل من تسليم المجرمين لينالوا الجزاء العادل وشدد علي أن حياة ودماء العراقيين أغلي وأهم من أي علاقة مع أي بلد. وأوضح أن الحكومة العراقية كانت تتمني حل الأزمة مع سوريا في إطار البيت المصري لكن دمشق اختارت إفشال كل جهود الوساطة والحوار، ولم يبق أمام العراق خيار سوي المضي باتجاه تشكيل لجنة تحقيق دولية. وفيما يتعلق بملف التعويضات الكويتية المستحقة علي العراق قال إن بلاده دفعت للكويت إلي الآن قرابة 25 مليار دولار ولا يزال العداد يعد، مشيراً إلي أن بغداد تدفع تعويضات من قوت شعبنا ثمن جريمة صدام في غزوه للكويت، داعيا الأخيرة إلي التخلص من إرث وتركة الماضي بكل آلامه عليهم وعلينا وينظروا للمستقبل. واعتبر الدباغ الوضع السياسي في العراق يمر بحالة صحية وإيجابية خاصة أنه يتطور لتحالفات عابرة للمذاهب والقوميات. اختتم الدباغ الحوار مشدداً علي أهمية العلاقات مع مصر مؤكداً أنها تتطور بصورة إيجابية مشيراً إلي زيارة قريبة لرئيس الوزراء نوري المالكي إلي القاهرة وزيارة أخري لوفد وزاري عراقي لمصر في نوفمبر المقبل. ما آفاق العلاقات العراقية السورية في ظل الازمة الحالية ؟ العلاقات العراقية السورية تمر بأزمة نتيجة وجود جماعات مصنفة علي قائمة الإرهاب وليست مجموعات سياسية تتخذ من سوريا مقراً لها ومنطلقاً لعملها، وقد أخذ نشاط هذه الجماعة يشتد ويقوي في دعمها لمنظمة القاعدة في العراق والمجموعات المسلحة التي تقتل العراقيين، وقد نبهنا السوريين مراراً وتكراراً بأن العلاقات لا يمكن أن تتطور بوجود هذه الجماعات وأيضاً بوجود قناة فضائية يديرها شخص مطلوب للانتربول الدولي لارتكابه جرائم الإرهاب وجرائم جنائية تبث من سوريا برامج لكيفية صنع القنابل وزرع الألغام وتمجد عمليات القاعدة والإرهاب، هذه الأفعال لا يقبل بها أحد وهي مرفوضة في الشرعية الدولية ولا يمكن لأي بلد أن يتقبلها من بلد جارٍ له، وما حدث يوم الأربعاء الدامي من استهداف لوزارة الخارجية والمالية وقتل 100 مواطن بريء وجرح حوالي 1000 شخص جريمة من جرائم الإبادة ولو حدث هذا مع بلد آخر لقامت إثره نزاعات مسلحة ولكننا آثرنا اللجوء للحوار والاحتكام الي القانون الدولي وتصرفنا ولا نزال تصرفاً مسئولاً عن دماء الأبرياء وكرامة شعبنا ووطننا، وقلنا لإخواننا في سوريا عليكم أن تختاروا بين علاقة شراكة استراتيجية مع العراق أو الاستمرار في حماية المجرمين، لا نتمني علي شقيقتنا سوريا ولا علي شعبنا العزيز في سوريا أن يكون بينهم مجرمون يمتهنون الإرهاب والقتل بحق العراقيين، لا شك أن كل إنسان حر شريف يرفض أن يتم استهداف الأبرياء.. حياة ودماء العراقيين أهم وأغلي من أي علاقة مع أي بلد. لماذا لم تبد الحكومة العراقية موقفا صارما إزاء قيام تركيا وإيران من قبل بضرب مناطق عراقية حدودية مثلما حدث مع سوريا؟ كل انتهاك لسيادة بلدنا ندينه ونتحرك لمنعه وقد قلنا لأصدقائنا الأتراك وبقوة: نحن ضد العمليات العسكرية وكذلك ايران وحتي مع الولاياتالمتحدة في بعض من أفعال قواتها علي الأرض العراقية، ونعالج هذا الأمر بحكمة في ضوء الوضع الصعب الذي نمر به وانهيار مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية ويجب التفريق بين العمليات الحدودية التي تقوم بها تركيا وايران لملاحقة منظمة إرهابية تهدد أمن جيراننا وبين ما تقوم به جماعة مجرمة موجودة في سوريا تفتك بمواطنينا، نحن لا نتهم سوريا مباشرة، لكن هناك أجنحة في الحكم السوري تعرف وعلي اطلاع كامل بنشاط هذه الجماعة . هناك غضب لا حدود له تجاه هذا العبث الذي يستغل الوضع غير المستقر في العراق ويعبث بأمن وحياة الأبرياء. هناك العشرات من هؤلاء المجرمين مطلوبون للانتربول الدولي، وكما هو معلوم فإن معايير الانتربول معروفة بحياديتها ولا نقبل بأقل من تسليم المجرمين لينالوا الجزاء العادل. ما صحة المعلومات التي نسبت إلي رئيس الوزراء نوري المالكي والتي قال فيها إن الجامعة العربية تضيع حقوق العراق في الأزمة مع سوريا؟ لقد أوضحنا للإخوة في الجامعة العربية أن المقصود من التصريح هو اننا لا نريد أن تضيع دماء الأبرياء في اجتماعات رباعية وثنائية في ظل رفض سوري قاطع ومتصلب لكل الدلائل والاثباتات والتمويل من المجموعة الارهابية الموجودة في سوريا لمنفذي جريمة الأربعاء الدامي، سوريا اختارت إفشال كل جهود الحوار والوساطة التي نثمنها ونقدرها عالياً، نحن سنركز جهودنا علي لجنة التحقيق أكثر من الاجتماعات مع السوريين. وكيف تقيمون دور الجامعة في هذا الملف؟ وهل ستصر الحكومة العراقية علي حل الملف في إطار التدويل أم ستتراجع مع الوقت؟ دور الجامعة العربية هو دور إيجابي والعراق يثمن جهود الأمين العام عمرو موسي لما يتمتع به من علاقات صداقة معنا ونتمني أن يكون حل الخلافات العربية في إطار بيت العرب، كما نتمني علي السوريين ألا يفشلوا جهود الوساطة الكريمة التي يقوم بها عمرو موسي. نحن نأسف للموقف السوري الذي لم يبق لنا خياراً غير المضي بلجنة التحقيق الدولية في ظل رفض سوري قاطع ومستغرب ومن نفي متكرر لنشاط هذه الجماعات المجرمة التي يعرفها جميع دول المنطقة وأجهزتها الأمنية، وقد رصد الأمريكان نشاطاً حدودياً لهذه الجماعات التي تعبر حدودنا وتمارس فعل الإرهاب والقتل وترجع الي سوريا.. وقدمنا لهم كل الأدلة علي مدي السنين الماضية وعلي كل مستويات الدولة. مرة أخري نحن نأسف لأن نري سوريا زاهدة في تطوير علاقاتها معنا مقابل أشخاص لا يتشرف بهم حتي البعثيون المحترمون. كيف تقيم العلاقات العراقية الإيرانية وكيف تري حجم التدخل الايراني في الشئون العراقية؟ ليس لنا خيار في العراق غير علاقات جيدة مع جيراننا وهذه فلسفة الحكم في العراق وعلاقتنا بإيران تتطور في ظل تراجع التدخل الإيراني بالشأن العراقي وليس لنا خيار غير ذلك، وقد ولي ومضي وقت أن كان العراق بوابة العرب الشرقية ويقاتل دفاعاً عن العرب، لدينا حدود طويلة مع إيران ومصالح مشتركة لتوسيعها كجزء من تصور عام لعلاقات شراكة اقتصادية بين العراق ومحيطه وننطلق من مفهوم أن العراق يحتاج جيرانه لأنه بلد محطم ومدمر، وقد أرجعنا نظام صدام لعصر ما قبل الكهرباء ونحتاج لقدرات وإمكانات جيراننا ويمكن أن يكون العراق بلداً محورياً في مفهوم جديد لعلاقات دول المنطقة لتخرج من أزمات التاريخ وألغام الجغرافية والايديولوجيا لتدخل في علاقة تكامل اقتصادي وشراكة تبعد عنها شبح التوترات والنزاعات وهذا خيار شعوب المنطقة، يمكن للعراق أن يقدم نموذج تعايش حضارياً بعد هذا المخاض الطويل الذي مر علي العراق. نعتقد أن علاقة عراقية إيرانية متطورة مبنية علي الاحترام المتبادل وعدم تدخل ايران في الشأن العراقي هو لفائدة العرب ودول المنطقة. ما آخر التطورات الخاصة بملف التعويضات بين الكويت والعراق؟ نحن نعالج ما ورثناه من مشاكل سببها لنا نظام صدام حسين بحكمة وترٍو وصبر خصوصاً ملف العلاقات مع الكويت الذي لا يزال يشكل لدينا أولوية في معالجته بطريقة ودية تحفظ مصالح الجميع، ولابد للكويتيين أن يتخلصوا من إرث وتركة الماضي بكل آلامه عليهم وعلينا والنظر للمستقبل، لعراقٍ مستقر فيه ثروات هائلة ويحتاج لخبراتِهِم، لذلك نقول إنه ليس من الإنصاف أن يعاقب الشعب العراقي مرتين، نحن ندفع من قوت شعبنا ثمن جريمة صدام في غزوه للكويت ويتم استقطاع 5٪ من إيرادات العراق وبلغ ما دفعناه حتي الآن أكثر من 25 مليار دولار ولا يزال العداد يعد، نتمني أن يخطو إخواننا الكويتيون خطوة شجاعة تؤسس لعلاقة شراكة مع العراق. في ضوء التكتلات السياسية الجديدة في العراق كيف تقرأ المشهد السياسي في الساحة العراقية حاليا؟ - نلمس تغيراً في الواقع السياسي مثلاً القوي العشائرية في منطقة غرب العراق دخلت بمفهوم وطني وهي بهذا تكاد تكون متقاربة مع منطلقات الكتل في جنوب العراق وفي مناطق أخري، وقد أبدي الناخب العراقي تفهماً عالياً واستجاب بذكاء أكثر مما تصور البعض بأن منح صوته في انتخابات مجالس المحافظات لتكتلات تنطلق من شعارات وطنية وتنادي بشعارات واقعية وتجنب التصويت للكتل التي استخدمت الشعارات الدينية وهي بالطبع شعارات يحترمها ويقدرها العراقيون لكنهم يعلمون أنها لا تبني دولة مدنية، أنا أتصور بناء علي هذه التحول نشوء قوي جديدة وهذه القوي ستفعل الواقع السياسي العراقي ومن هنا سيأتي التغيير. وأضاف أنا متفائل بأن الوضع السياسي في العراق يتطور لتحالفات عابرة للمذاهب والقوميات وتُبني علي أساس المشترك السياسي وليس المذهبي أو القومي، وهذه حالة صحية وايجابية، والعراق الآن يحتاج الي أن تكون الهوية الوطنية هي الجامعة التي توحد العراق أرضاً وشعباً وأن تفكر النخب السياسية خصوصاً الدينية منها بالمفهوم المدني الذي يقدم برامج التنمية وتقديم الخدمات ومعالجة مخلفات سنوات القهر والظلم وليس مفاهيم غارقة في تغييب وعي وعقل المواطن بشعارات دينية يحترمها الجميع ويقدسونها لكنهم لا يريدون أن تستخدم في الخطاب السياسي، وهذا وعي يتنامي في العراق ونحن نراهن عليه لبناء ديمقراطية صحيحة تبعدنا عن التقسيمات الطائفية المرفوضة. المستقبل في العراق للخطاب الوطني الموحد لكل مكونات العراقيين، وخطورة الخطاب الديني أنه يقسم المجتمع بينما الخطاب السياسي المدني ظاهرة صحيحة جامعة وموحدة. لا تزال أمامنا أشواط طويلة للخلاص من تركة حكم استبدادي شمولي متسلط وتحتاج لحكمة وتضحيات من الكثير من السياسيين. شكل الحكم في العراق لم تستكمل مراحله وهو في طور التشكيل وهناك تجاذب ليس قليلاً وأتصور أن الشعب العراقي أسرع حراكاً من الكثير من سياسييه الذين يسهم بعض منهم في انتكاسات سياسية مؤسفة. هل بالفعل يوجد تنظيم القاعدة في العراق وما الدور الذي تقوم به الحكومة العراقية إزاء هذا التنظيم؟ تعرض تنظيم القاعدة لضربات موجعة في العراق والفضل الأكبر هو لوقوف الشعب العراقي والعشائر بوقفة شجاعة، لكن لا يزال يشكل تهديداً لأمن العراق خصوصاً أنه متحالف الآن مع بقايا البعثيين الذين يتلقون الدعم والإسناد من الجماعة الموجودة في سوريا وقد شهدنا تراجعاً ملحوضاً في عمليات العنف في العراق ودور الحكومة الآن هو تقوية الجهاز الاستخباري الذي من خلاله نستطيع مواجهة هذا التنظيم وندعو الي تعاون أمني أفضل في المنطقة، فخطر القاعدة يتجاوز حدود العراق ويخطئ من يراهن علي أن حدوده محصنة منهم. كيف تري العلاقات المصرية العراقية؟ ومتي سيتم افتتاح السفارة المصرية في بغداد؟ وهل هناك زيارات مستقبلية لمسئولين عراقيين إلي القاهرة قريبا؟ علاقاتنا مع مصر تتطور بصورة إيجابية وهناك زيارة مقررة لرئيس الوزراء المالكي لمصر وهناك زيارة لوفد وزاري عالي المستوي في بداية نوفمبر يضم مجموعة كبيرة من الوزراء للتفاهم علي علاقات استراتيجية مع مصر وإجراء محادثات ولقاءات لتطوير العلاقات في مجالات النفط والإسكان والتجارة، نحن حريصون علي تنمية العلاقات مع الشقيقة الكبري مصر، والعراق ينفتح ويرحب بالشركات العربية لتأخذ دورها في المنافسة. وأضاف: نحن ننتظر السفير المصري ليكون بين أشقائه. ومضي يقول: نرغب وبقوة في التواصل مع محيطنا العربي الذي ننتمي اليه وهو هويتنا ونريد أن يتفهم أشقاؤنا أن العراق الآن يسعي لبناء نظام حكم يصنعه مواطنوه ويريد أن يكون عنصر استقرار في المنطقة ونقطة جذب اقتصادية.