هل تحول اليمن إلي لبنان أخري؟ سؤال يشغل المحللين السياسيين مع احتدام الصراع بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين الذي يستمر لعامه الخامس بعد أن باتت ملامح المعركة واضحة للجميع. للوهلة الأولي يبدو أن أبناء الوطن الواحد يخوضون صراعا داخليا لكن الحقيقة أن اليمن أصبح أرض المعركة أو الحلبة التي تتصارع فيها أطراف خارجية لم تعد خافية علي حكومة علي عبد الله صالح في مقدمتها ايران، والضحية في النهاية هو المواطن اليمني البسيط فحسب تقديرات منظمات الاغاثة فإن حصيلة الصراع الدائر شمال غرب اليمن كانت 77 ألف مواطن يمني مشرد و100 ألف نازح. من الطبيعي أن تكال الاتهامات للقوي الاقليمية المؤثرة لدعمها طرفاً يمنياً بعينه في هذا القتال؛ فالحكومة اليمنية السنية تتهم ايران بدعم الحوثيين الشيعة، فيما توجه حركة شباب المؤمنين التي تمثل الذراع العسكري للشيعة المتمردين المنتمين للطائفة اليزيدية اتهاماتها للسعودية باستهدافهم عسكريا بالطائرات، وهو ما وجد صدي واسعا في الاعلام الايراني. الرئيس اليمني أكد أن الحوثيين يحظون بدعم ايراني في صعدة، موضحا في حوار تليفزيوني أذيع مؤخرا أن طهران عرضت الوساطة بين حكومته وبين عناصر التمرد وكذلك فعل مقتدي الصدر زعيم التيار الصدري، متسائلا في استنكار: "كيف يعرضون الوساطة اذا لم تكن لديهم اتصالات مع الحوثيين؟". الاعلام اليمني بدوره يواصل حملة شرسة ضد ايران معتبرا انها "لا تريد اليمن وانما تريد الخليج العربي، وتسعي جاهدة إلي التهامه والانقضاض عليه منطقة منطقة، ودولة بعد أخري" كما قالت صحيفة "الجمهورية" ، فيما تساءلت صحيفة " الثورة " عن مصدر تمويل الحوثيين اذا لم يكن هناك دعم مادي خارجي وحتي اعلامي في اشارة إلي التأييد الذي تظهره وسائل الاعلام الايرانية للحوثيين. وحسب الروايات الحكومية اليمنية، فان الأجهزة الأمنية ضبطت خليتين اعترف أعضاؤهما بتسلم مبالغ مالية من جهات في إيران تصل إلي نحو 100 ألف دولار. اليمن استنجدت بالسعودية لمواجهة المد الشيعي أملا في القضاء علي المتمردين الشيعة والا فسوف يمتد الصراع إلي جنوب السعودية وربما يشمل مناطق أخري في الخليج، بما يؤدي إلي تأليب شيعة الخليج علي أنظمتهم السنية ويؤدي إلي عدم الاستقرار. من المنظور الاسرائيلي، وصف معهد دراسات الأمن القومي في اسرائيل في تقرير له نشر منذ بضعة أيام خطر التمرد في اليمن بأنه لا يعد تهديدا داخليا علي وحدة اليمن فقط، وانما يشكل تهديدا متزايدا للسعودية والخليج العربي والمنطقة بأكملها. وأشار التقرير إلي أن اليمن بات ساحة أخري للمعارك يكتسب أهمية قصوي نظرا لموقعه الاستراتيجي المطل علي الحدود مع السعودية والذي يشارف البحر الأحمر والخليج العربي وخليج عدن حيث تريد ايران بسط نفوذها السياسي اقليميا وسطوتها العسكرية البحرية لتعزز به أوراقها التي تمتلكها تحسبا لأي هجوم تتعرض له.