محمد نجاتي يستعيد، فيما يبدو، صورته القديمة التي ارتسمت في الأذهان، يوم أن قدمه المخرج الكبير عاطف الطيب في "ضد الحكومة"، وجاء المخرج المبدع رضوان الكاشف ليجدد فيه الثقة عبر فيلم "عرق البلح"، لكنه بدا وكأنه لا يبالي بما وصل إليه من رصيد لدي الجمهور، وثقة من جانب المخرجين، وتواجد في أفلام علي شاكلة "قشطة يابا"! قبل أن يعود إلي صوابه الفني. . فما أسباب التحول الذي يطرأ علي الفنان سلبا وايجابا؟ وكيف يفرط أحيانا في موهبته؟ يبدو أنك تعيش هذه الأيام حالة انتعاشة فنية بدليل وقوفك علي خشبة المسرح؟ علي الرغم من أن هذه المسرحية سبق تقديمها عام 2001، إلا أنني أشعر أن أدائي في مسرحية "أيام الغضب والحب"، اختلف كثيرا، وهو ما يعكس حالة النضج التي أصبحت عليها في الآونة الأخيرة، فلا أبالغ عندما أقول إنني بدأت أدرك مغزي ما بين السطور في النص الذي كتبه كرم النجار. هل تري أن القضية التي يطرحها العرض بالأهمية التي تستدعي إعادة تقديمها؟ بالطبع، فالعرض يرصد ظاهرة صدام الأجيال، وسلبيات وايجابيات كل جيل، والدور الذي ينبغي أن نلعبه في الوطن الذي ننتمي إليه، وأيضا صراع جيل الشباب، والأحلام العشوائية التي باتت تسيطر علي أبنائه في ظل غياب الهدف والقدوة، وكلها عوامل دفعتني لليقين انها مسرحية هادفة، وخرجت من صميم المجتمع، مما يؤهلها للتقديم مرة أخري، ومن ناحيتي تحمست لقرار إعادة عرضها. ما دورك في المسرحية؟ أجسد شخصية "وجدي" الشاب المتمرد الذي يسعي لتحقيق ذاته لكن الظروف من حوله لا تساعده، فيعيش صراعا داخليا عنيفا هو نتاج لصدامه المستمر مع أبناء الأجيال السابقة عليه. كيف تري هذا العرض مقارنة بالتجارب المسرحية التي شاركت فيها من قبل؟ لقد سبق لي أن شاركت في ثلاثة عروض هي: "رد قرضي"، "إن كبر ابنك"، و"ادلعي يا دوسة" لكنني شعرت في لحظة ما أن المسرح تحول إلي كيان مريض يحتاج لمن يقف بجانبه، ويعالجه لكي يستعيد عافيته، وهو الدور المطلوب من الممثلين والكتاب لإضافة ابهار علي العروض المسرحية بحيث تستعيد الجمهور الذي انصرف عنها في الفترة الماضية. ألا تري أن مسرح الدولة لايزال يمارس دوره علي الساحة الفنية؟ حتي مسرح الدولة، في رأيي، لا يمارس دوره بالشكل الذي أتمناه، ويتمناه كل محب للمسرح والفن بوجه عام، فالجمهور يعيش حالة انصراف عن المسرح، سواء في القطاع العام أو الخاص، وعلي المسئولين عن مسرح الدولة أن يخططوا لعروضه بمنطق ومنظور المسرح الخاص، سواء في "التخديم" علي العروض، والبحث عن الوسائل التي تضمن الابهار والجاذبية، أو الدعاية المكثفة التي تشعر الناس بأن هناك عروضا تستحق الفرجة بدلا من أن تتحول إلي "عروض سرية".. أما الممثلون فعليهم دعم مسرح الدولة، وصرف النظر عن أجوره القليلة مقارنة بمسرح القطاع الخاص. ماذا تقول إذن عن حالة الموات التي يعيشها مسرح القطاع الخاص؟ بعد رحيل أساتذة المسرح مثل عبدالمنعم مدبولي وفؤاد المهندس وضياع بريق فرقة الفنانين المتحدين تحول مسرح القطاع الخاص إلي "ملاهي ليليلة"، حيث أصبح هدف المنتج الاستعانة براقصة شعبية ومطرب درجة ثالثة وبعض "الافيهات"، الهابطة، والكثير من الألفاظ الخادشة للحياء، وفي ظنه أنها "التوليفة"، المضمونة لجذب الجمهور إلي العرض، وكانت النتيجة هي حالة الانهيار التي يشهدها مسرح القطاع الخاصة الآن، فالجمهور لم يرق له ما حدث، ولم يعد هناك المسرح الخاص الذي يستحق التجاوب، باستثناء مسرح عادل إمام ومحمد صبحي. وما المواصفات التي تضعها قبل الموافقة علي المشاركة في عروض المسرح الخاص؟ علي رأس الشروط التي أطلب توافرها ضرورة وجود النص الجيد، فعلي الرغم من كوني ممثلا سينمائيا في المقام الأول إلا أن الوقوف علي خشبة المسرح يفجر طاقات كثيرة بداخلي لم أكن أعرفها طوال عملي بالسينما. ما مصير "مداح القمر"؟ هذا المسلسل نستعد له منذ عامين، و لا أحد يملك قرار إعلان موعد تصويره سوي مدينة الإنتاج الإعلامي بوصفها الجهة المنتجة للمسلسل، فالمفروض أن يبدأ التصوير هذا العام لكنني لا أعرف متي بالضبط! والمشاكل التي تطارده؟ لا توجد مشاكل في الوقت الراهن لكننا مازلنا في انتظار تحديد موعد التصوير فقط لا غير. هل انتهزت هذه الفرصة وهيأت نفسك للدخول في الشخصية بشكل أكبر خصوصا انها واقعية ومعاصرة؟ وأضيف.. أن بليغ حمدي له دور ريادي في إثراء الحركة الموسيقية، ونجح بالفعل في تغيير شكل الموسيقي في مصر والوطن العربي.. ومن هنا تظهر أهمية تقديمه كمثال ونموذج للمبدع الحقيقي للجمهور. وبدوري أيقنت أن المهمة ليست سهلة، والمسئولية أيضا صعبة، وقمت بجمع العديد من الوثائق والمعلومات، وعدت إلي مراجع كثيرة، من بينها البرامج التليفزيونية، والشخصيات التي عاصرته ولاتزال علي قيد الحياة، الأمر الذي أعانني كثيرا، وسهل علي المهمة الصعبة. وكونك وضعت نفسك في مأزق لأنك تقدم شخصية واقعية معاصرة؟ علي عكس كل ما يقال في هذا الصدد إلا أنني أتصور أن تقديم شخصية واقعية معاصرة أسهل كثيرا من الشخصية الدرامية المتخيلة، لأنك في الحالة الأولي تصبح قادرا علي تلمس الشخصية الواقعية، واستلهام ملامحها النفسية والشكلية، كما عرفتها، لكنك في حالة الشخصية الدرامية المستوحاة من الخيال تصبح مطالبا بالبحث عن شكل وملامح للشخصية، والبحث عن تاريخ لها.