دقت ساعة الحقيقة، وسط اطمئنان أكثر من 20 رئيسًا وملكًا ورئيس وزراء من مختلف أنحاء العالم على وقف الحرب ضد غزة، وبعيدًا عن قلق الخائفين والمشككين فى مسار السلام الجديد الذى حفره الشعب الفلسطينى بتمسكه بأرضه وتحمله كل المشاق، الذى هو بدوره أقوى من كل الأسلحة، الاستشهاد والموت فداءً للأرض هو الذى أدار المفاوضات بين حماس وإسرائيل عن طريق المفاوضين «مصر - أمريكا - قطر - تركيا» وأرغم العالم كله على مقاطعة إسرائيل بعد أن تنفست غزة الموت،والمفارقة الأكبر أن العيش بلا كرامة هو الفناء الحقيقى الذى وقف ضده شعب غزة بكامل نسائه وشيوخه وأطفاله وشبابه بعد أن تحولت المحرقة والمجزرة التى قامت بها إسرائيل ضد الفلسطينيين إلى معركة وجود. ما جرى فى غزة هو ثورة شعب للتمسك بالأرض والوجود، وفق كل ما تقدم تبنت الشعوب الحرة مطالب الفلسطينيين، ومنهم الطلاب فى الجامعات الغربية، الجماهير فى المظاهرات الحاشدة، المفكرون فى المقالات، الكل بدأ ينزع الشرعية الأخلاقية عن الكيان الإسرائيلى الذى كان يتباها بها أمام العالم. إسرائيل ربحت المعركة بالسلاح الحديث الذى قدمته لها أمريكا؛ لكنها خسرت حرب الشرعية، وفُضحت على كل وسائل التواصل الاجتماعى، وهذا أقوى من أى هزيمة حربية، إسرائيل انتصرت بالنار والمذابح والمحارق لكنها انهارت وتعرت أخلاقيًا، ولم تعد صورتها التى روجتها للغرب بأنها دولة صغيرة متقدمة وسط دول تريد إبادتها. مذابح ومحرقة غزة، وصور أطفال غزة، ونساؤها وشيوخها الذين قتلوا بدون أى ذنب كشفت الصورة الحقيقية للكيان الصهيونى، المفاجأة المروعة أن صحيفة هاآرتس الإسرائيلية قالت: إن حركة حماس خرجت من الحرب متماسكة وحررت الأسرى الفلسطينيين وأعادت القضية الفلسطينية إلى مركز الاهتمام العالمى بعد أن سعى نتانياهو طوال الفترة الماضية إلى طمسها من خلال التطبيع مع بعض الدول العربية وتهميش الفلسطينيين سياسيًا والعمل على تقسيمهم وعزلهم دوليًا. الأهم من كل ذلك أن الصحيفة الإسرائيلية وصفت نجاح حماس فى الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين بأنه رسالة خطيرة بأن كل مقاوم يقتل إسرائيليين، ويُحكم عليه بالسجن، وبعد المفاوضات يتم العفو عنه. لكن نحن العرب لم نتوقع يومًا أن تتم محاصرة إسرائيل دبلوماسيًا وأن تتراجع صورتها كدولة ضحية، وأن يجتمع أكثر من زعماء وملوك 30 دولة ومنظمة دولية وإقليمية فى وقت وجيز على أرض شرم الشيخ «مدينة السلام» ليكتبوا ميلادًا جديدًا لكل المنطقة العربية وليس غزة فقط وتعلو هامة مصر إلى عنان السماء بعد مجهود الرئيس السيسى وجهاز المخابرات العامة وخبراء وزارة الخارجية لتأكيد رفض التهجير والتمسك بحل الدولتين وهو ما تبناه مؤخرًا الرئيس الأمريكى ترامب، وهذا اللقاء التاريخى الذى تم على أرض السلام لم يبحث غزة فقط لكنه أكبر من ذلك بكثير، فالموضوعات التى بحثها الزعماء الذين حضروا اجتماعات شرم الشيخ معقدة ومتشابكة، وفى وقت سابق من اجتماعات شرم الشيخ دارت اتصالات ومباحثات بين دول أوروبية وعربية على جانب وعلى الجانب الآخر مع الرئيس الأمريكى ترامب وتم طرح خريطة جديدة للمنطقة العربية تلعب فيها مصر وتركيا دورًا كبيرًا فى حفظ السلام وحل الكثير من المشاكل التى تغرق فيها المنطقة مثل ليبيا والسودان وسوريا واليمن ولبنان وأيضًا مشكلة سد النهضة. حين انطلق نهج المصريين كانت مصر هى البطل فى كل شىء هكذا خلقها الله أرض الأنبياء حضن الضعفاء قائدة لكل الأجيال ضمير العرب. اجتمعوا من قبل فى عواصم كثيرة ولم يصلوا إلى شىء، ولكن بتحركات الرئيس السيسى ومعه أجهزة الدولة تمت استضافة مباحثات السلام بشرم الشيخ وكان السلام لتظل مصر أم الدنيا وبوابة السلام وأرض الوفاق، وكلمتها هى العليا، ولو بعد حين.