تحية طيبة لبريد روزا وبعد… أنا سيدى الفاضل زوجة موظفة فى العقد الثالث من العمر، حاصلة على مؤهل عالٍ، وأعيش بإحدى قرى الدلتا.. تعلمت تقديم التضحيات من والدتى رحمها الله منذ الصغر، كانت تعانى فى غياب والدنا أثناء بحثه عن عمل بالخليج لدفع الفقر عنا، تتظاهر له هاتفيًّا بالستر - وهى فى أمس الحاجة لدعمه، إيمانها بمدى حاجته للشعور بالاستقرار المعنوى فى غربته، كان حاضرًا ودافعًا لصبرها عليه، ربما تلك المقدمة أستاذ أحمد، تصف تمامًا شخصيتى وتركيبتى الاجتماعية، التى انعكست بشكل أو بآخر على حياتى مع زوجي، ثلاث سنوات هى عمر زواجنا المهدد بالفشل، تزوجته وهو يعمل بمجال التجارة الحرة، يسافر إلى بعض الدول لإحضار بضاعة يبيعها بالمحافظات، تدر علينا دخلًا لا بأس به، وأحيانًا يتجرع مرارة الخسارة وأنا أشجعه على مواصلة الكفاح، أدفع من وظيفتى ومالى الخاص كأى زوجة تساند زوجها وقت المحن، ظلت الحياة هكذا بيننا حتى بدأ القلق يدب فى نفسه، وكذلك لم أسلم من استفسارات أهله، بسبب تأخر الإنجاب،6 أشهر فقط بعد الزواج وكالعادة البغيضة الكل يسأل، لماذا تأخرت البشرى، زرنا أكثر من طبيب، أكدوا جميعًا بأنه لا وجود لموانع صحية تقف حائلًا أمامنا، حتى جاء الفرج بعد 9 أشهر وحملت - لكننا صدمنا فى الشهر الخامس ومات الجنين فى بطني، سافر زوجى ما يقرب من العام خارج مصر وهو محبط، بعد عودته بشهور قليلة أراد الله بحدوث حمل جديد استمر 7 شهور لكنه لم يكتمل أيضًا، قمت على أثر تكرار ذلك بعمل فحوصات جديدة، طلب الطبيب عمل "ربط للرحم"، عند بداية حمل جديد، على أمل أن يكتمل على خير،، وقد كان، حملت وكنت كالعادة فرحة مُفْعَمٌة بالأمل هذه المرة، لكن قدر الله وما شاء فعل بأول الشهر الثالث، قبل ذهابى للطبيب لربط الرحم حسب تعليماته، شعرت بأن الجنين لا يتحرك فى بطني، بالفحص تبين صحة هذا الإحساس الكئيب، توقف النبض دون مقدمات، وكأن القدر يُنوع أشكال تنفيذ حكمه والحمدلله، الصدمة الكبرى التى جعلتنى أشعر بإهانة، تفوق اكتشافى حقيقة عصبية وبذاءة زوجى الزائدة لفشلى المتكرر، عندما كان يهم للخروج من البيت مرتديًا أرقى الثياب، سألته إلى أين، فأخبرنى ببلادة إنه ذاهب مع شقيقته الكبرى ليرى عروسًا جديدة، لم أصدق ما سمعته، لكن جرس الباب تكفل بتأكيد الخبر، أتت شقيقته بالفعل وبدأت فى تبرير موقف أخيها، وبأنه يحبنى ولن يغدر بى - ومن حقه أن ينجب أطفالًا من صلبه، ثم أضافت قائلة بإسلوبها الغليظ "والصراحة كدا أنتى مفيش عيال بتعيش فى بطنك"، ذهبت لغرفتى أبكى حظى، وكم يعلم الله كيف حملتنى قدماى حتى وصلت لسريري، لم يحركا ساكنًا ويهبا لمواساتى، بل خرجا من المنزل فى هدوء وتصميم على ذبحى، فى النهاية قررت استجماع قوايَّ الهشة والذهاب لبيت أهلى، قبل أن أكتشف عدم وجود ذهبى وكذلك نقص حاد بمدخرات كارت الائتمان الخاص بي، وأنا لم أبخل عليه يومًا مع ضيق ذات اليد، تركت منزل الزوجية، وذهبت لأهلى أشكو مرارة وقسوة ظلمه لى، اتصل بى يطلب منى العودة، وأقسم بالطلاق أننى إذا لم أبيت بشقة الزوجية سأكون مطلقة، عاتبه أبى وطلب منه استئجار شقة بعيدًا عن بيت أسرته، وتحديد موقفه من الصبر علىَّ بسبب مشاكل الإنجاب، لكنه رفض وربط ذلك الأمر بتركى لعملى والتفرغ له، وأنا لا أئتمن هذا الرجل العنيد أستاذ أحمد، وعدم قدرته على تحملى فى مشكلة ليست بيدى، ووالدى يطلب منى العودة ومنحة فرصة أخيرة، وحالتنا المادية ميسورة، فهل أصمم على الطلاق والنجاة من جحيم هذا الرجل وقهره، أم بماذا تنصحنى!؟
عزيزتى ح. ر تحية طيبة وبعد… يرتكز أساس استقرار الحياة الزوجية على العطاء المتبادل بين الأزواج، وهما يشبهان فى ترابطهما - كفتى الميزان - عندما يميل كل منهما على الآخر بحب وثقة، دون النظر لتفاوت ما يحملانه من أثقال ومسئوليات - لكن يجب أن يظلا متساويين فى تقبل هذا التدرج، بمعيار العلاقة المقدسة القائم على التضحيات، وإذا لم تتوفر النية لتقديم بعض التنازلات من جانب أحدهما - فلن تستقيم هذه العلاقة فى إطارها الصحيح، وزوجك لم يُظهر مرونة تدل على قوة الرابطة بينكما، بل فضل أن يفاجئوك بعزمه على الزواج الثانى - دون استشارتك، مما جعلك تشعرين بخيبة أمل تجاهه، كما أن ميله للفضفضة مع شقيقته، وجعلها لسانه الجارح لكِ، والمُفصح عن نواياه، بدلًا من مصارحتك بلا وسيط، هو أمر غير مقبول على الإطلاق، بل كان يجب أن يفكر فى مشاعرك، وكيفية احتوائك بالصبر، والتقرب إلى الله بالدعاء والأخذ بالأسباب، حتى يتم الله عليكما نعمته ويرزقكما بالذرية، ومن الناحية الطبية ليس هناك ما يدعو للقلق لهذه الدرجة، التى دفعته لليأس والعجلة فى اتخاذ قرارت محبطة، لا تدل على حرصه عليكِ كزوجة أصيلة، وقفت معه فى السراء والضراء، فلماذا لا يمنحك دعمًا تستحقينه!، من جهه أخرى هو لم يكن أمينًا عندما استباح ذهبك واستولى على أموالك، ثم أتى يساومك على حرمانك من عملك، مقابل طلب الاستقلال عن أجواء تضطرب معها حياتكما ببيت أهله،،، كل تلك الأسباب مجتمعة، تدفعنى لتشجيعك على إنهاء علاقتك به، حفاظًا على كرامتك الغالية - ومهما كانت خسائرك المادية صممى على قرار الانفصال.. وربما يعتقد البعض أننى غيرت قناعاتى بالنسبة لاستسهال قرار الطلاق، الذى أحاربه منذ بدأت تقديم رسالة "بريد روزا" لقرائي، والقائمة فى الأساس على استقرار الأسرة العربية وترسيخ ثوابتها - هذا بكل تأكيد غير صحيح، فقط لا يجب أن نشرع أو نشجع أى زوج ورب أسرة، على استباحة قهره لزوجته، سواء كان بينهما أبناء أم لا، لأن المرأة الصالحة لا تستحق أن يضعفها أو يذلها أو يقهرها شريك حياتها، لذا أنصحكِ عزيزتى بترك هذا الرجل، وهو غير مأسوف عليه، اتركى للقدر مهمة اختيار زوج آخر، يمتلك إرادة وإدارة للصبر، يتبادل بها معكِ الحب الحقيقى المبنى على الوفاء والحكمة، يقول الفيلسوف الألمانى الشهير "فريدريك نيتشه"، "فى الحب الحقيقى الروح هى التى تحتضن الجسد"،، والإشارة هنا لروح سخية قوية ودافئة، تحتوى جسد به قلب مخلص، إذا ألم بحبيبه ألم، تنتفض روحه لإغاثته، لا لفظه وإهانته. دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا ح. ر