القومي للمرأة ينظم لقاء تنسيقي مع محافظة القاهرة    عيار 21 مفاجأة.. تراجع كبير في أسعار الذهب اليوم بالتعاملات المسائية    بالصور.. تنفيذ إزالة على الرقعة الزراعية بقرية تفهنا العزب بزفتى    إيران لمجلس الأمن: استهداف إسرائيل دفاع عن النفس    إيران: إحالة 28 متهمًا في 15 قضية متصلة بإسرائيل إلى النيابة العامة    ليتوانيا تبدأ إجلاء مواطنيها من إسرائيل برًا مع تصاعد التوترات مع إيران    زيلينسكي يطالب خلال زيارته لفيينا بفرض المزيد من العقوبات على روسيا    كأس العالم للأندية| تشكيل تشيلسي لمواجهة لوس أنجلوس    وفاة مسن داخل مطار القاهرة إثر أزمة قلبية مفاجئة    مقتل فتاة بإحدى قرى كفر الشيخ في ظروف غامضة    ذكريات تترات الدراما المصرية تشعل مشاعر الحنين فى حفل كامل العدد بالأوبرا    "مطروح للنقاش" يسلط الضوء على محاولات إسرائيل تدمير البرنامج النووي الإيراني    معتز هشام يكشف تفاصيل دوره في مسلسل«ابن النصابة»    بعد العيد.. 5 مشروبات طبيعية تساعدك على استعادة رشاقتك بطريقة صحية    تأجيل محاكمة 11 متهما بالانضمام لجماعة إرهابية فى الجيزة ل8 سبتمبر    نراهن على شعبيتنا.. "مستقبل وطن" يكشف عن استعداداته للانتخابات البرلمانية    وزير الثقافة: تدشين منصة رقمية للهيئة لتقديم خدمات منها نشر الكتب إلكترونيا    وائل جسار يجهز أغاني جديدة تطرح قريبا    "كوميدي".. أحمد السبكي يكشف تفاصيل فيلم "البوب" ل أحمد العوضي    ما الفرق بين الركن والشرط في الصلاة؟.. دار الإفتاء تُجيب    وزير خارجية إيران: مكالمة من ترامب تنهي الحرب    طبيب يقود قوافل لعلاج الأورام بقرى الشرقية النائية: أمانة بعنقي (صور)    العثور على جثة شاب مصاب بطلق ناري في ظروف غامضة بالفيوم    محافظ الدقهلية يتفقد أعمال إنشاء مجلس مدينة السنبلاوين والممشى الجديد    نقيب المحامين يترأس جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد بنقابة المنوفية.. ويطالبهم بالتسلح بالفكر والعلم    لمست الكعبة أثناء الإحرام ويدي تعطرت فما الحكم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ما هي علامات عدم قبول فريضة الحج؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أمين الفتوى يوضح حكم الجمع بين الصلوات في السفر    وزير العمل يستقبل المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب- صور    سي إن إن: إيران تستبعد التفاوض مع واشنطن قبل الرد الكامل على إسرائيل    البنك المركزي يطرح سندات خزانة ب16.5 مليار جنيه بسعر فائدة 22.70%    إلهام شاهين توجه الشكر لدولة العراق: شعرنا بأننا بين أهلنا وإخواتنا    مفوض الأونروا: يجب ألا ينسى الناس المآسي في غزة مع تحول الاهتمام إلى أماكن أخرى    البنك التجارى الدولى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بجلسة الاثنين    «لترشيد استخدام السيارات».. محافظ قنا يُعّلق على عودته من العمل ب «العجلة» ويدعو للتعميم    تقرير يكشف موعد خضوع فيرتز للفحص الطبي قبل الانتقال ل ليفربول    عضو ب«مركز الأزهر» عن قراءة القرآن من «الموبايل»: لها أجر عظيم    التضامن تعلن تبنيها نهجا رقميا متكاملا لتقديم الخدمات للمواطنين    افتتاح توسعات جديدة بمدرسة تتا وغمرين الإعدادية بالمنوفية    وفود دولية رفيعة المستوى تتفقد منظومة التأمين الصحي الشامل بمدن القناة    بعد عيد الأضحى‬.. كيف تحمي نفسك من آلالام النقرس؟    تخفيف عقوبة 5 سيدات وعاطل متهمين بإنهاء حياة ربة منزل في المنيا    النائب حازم الجندي: مبادرة «مصر معاكم» تؤكد تقدير الدولة لأبنائها الشهداء    إيراد فيلم ريستارت فى 16 يوم يتخطى إيراد "البدلة" في 6 شهور    تصنيف الاسكواش.. نوران جوهر ومصطفى عسل يواصلان الصدارة عالمياً    محمد عمر ل في الجول: اعتذار علاء عبد العال.. ومرشحان لتولي تدريب الاتحاد السكندري    «فيفا» يوجه رسالة جديدة للأهلي وإنتر ميامي بمناسبة افتتاح المونديال    وزير الصناعة والنقل يشهد توقيع عقد ترخيص شركة "رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري"    لا تطرف مناخي.. خبير بيئي يطمئن المصريين بشأن طقس الصيف    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالمنصورة الجديدة.. 6 يوليو    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    أسعار الأسماك بكفر الشيخ اليوم.. البلطي ب 80 جنيها    الينك الأهلي: لا نمانع رحيل أسامة فيصل للعرض الأعلى    إصابة 3 أشخاص بطلقات بندقية فى مشاجرة بعزبة النهضة بكيما أسوان    أمن الجيزة يضبط المتهمين بسرقة كابلات شركة فى كرداسة    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    إمام عاشور: ما حدث ليس غريبا على بيتي الأهلي.. وسأعود أقوى    الشرطة الإيرانية: اعتقال عميلين تابعين للموساد جنوب طهران    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاوي الروح
تقدمها : دعاء النجار
نشر في الجمهورية يوم 21 - 11 - 2014

أرسلت إلينا السيدة أسماء مأمون محمد من أجا- دقهلية برسالة تقول فيها: أتابع جيداً ما ينشر في هذه الصفحة التي تعرض أشكالاً وألواناً من عذاب البشر في هذه الدنيا التي انقلب حالها.
وأنا واحدة من هؤلاء المعذبين في الأرض وكما يقول المثل الشعبي "رضيت بالهم.." فكل حياتي يتحولت إلي مآس مختلفة وأرجو أن يتسع وقتك لتحمل رسالتي والتي سوف أختصرها في كلام بسيط.
فحياتي الزوجية انتهت بالطلاق وبعدها عكفت علي تربية أولادي من عملي كبائعة خضر وفاكهة في الشارع فوفقني الله إلي زواج ابنتي الكبري وكنت مستمرة في تسديد أقساط جهازها لكنني سقطت فريسة للمرض وأصبحت عاجزة عن تسديد باقي الأقساط وابنتي الصغري بدأ الخطاب يطرقون بابي للزواج منها ولم أجد سوي الرفض بسبب عجزي عن الوفاء بجهازها بعد ان تراكمت علي الديون من كل جانب ولا أملك أي مال لشراء بضاعة تساعدنا علي الحياة من إيرادها..
فهل أطمع من خلال قرائك ان يساعدني أهل الخير لشراء بضاعة لكي أستطيع من خلالها العيش وتسديد الديون التي تراكمت علينا وحولت حياتي لجحيم.
الرضا بالمكتوب
أنا من قراء صفحتكم "حكاوي الروح" وأتابع أسبوعيا ما تنشرينه من تجارب المعذبين والمهمومين وآلام أصحاب الحاجات والمرضي. ودفعتني التجربة التي عشتها مع شقيقي الأكبر إلي أن أكتب إليك حتي يعلم الجميع معني الرضا بما قسمه الله له وألا يقطعن الرجاء في الخالق العظيم وألا يمللن سؤاله والدعاء إليه أن يحقق إليهن آمالهن في الحياة.
فالحكاية باختصار تدور حول شقيقي الأكبر الذي يعمل محاسبا في إحدي الشركات الكبري. والذي تزوج قبل خمسة عشر عاما من جارتنا التي تربينا معا منذ نعومة أطافرنا وظللنا طوال عمرنا معا. وعندما قرر أخي الزواج أجمع عليها أقاربنا لما تتمتع به من أخلاق وكانت والدتي يرحمها الله تقول دائما يكفي أنها ابنة اصول. وتربت علي ايدينا. وأمام عيننا. وبدت للجميع وكأنها واحدة مننا.
وبالفعل تزوج أخي من هذه الفتاة المهذبة الأصيلة كما كانت تقول والدتي عنها دائما وكما أثبتت لنا الأيام ذلك فيما بعد. وانضمت زوجة أخي إلي أسرتنا المكونة من أمي وأخي وأنا الابنة الصغري فأبي قد توفاه الله منذ عدة سنوات.. وأصبحت لنا بمثابة أخت ثالثة.. وكانت حياتنا سعيدة وهادئة يملؤها الحب والتفاهم. وفي الحقيقة كان أخي زوجا مثاليا حنونًا وعطوفًا والبسمة لا تغيب عن وجهه.
وسعت زوجة أخي بكل طاقتها أن ترضي الجميع وخاصة أمي السيدة الريفية التقليدية المتمسكة بفكر وعادات الريف علي الرغم من أنها انتقلت وهي في السادسة عشرة من عمرها بعد زواجها من أبي للعيش بالقاهرة إلا أن هذا لم يغيرها ولم يغير تأثرها ببيئتها الريفية ونشأتها وسط عائلة كبيرة العدد تعرف معني العزوة وكثرة الأولاد وأخذت الأيام تسرع الخطي ومرت ستة أشهر كاملة وكأنها ستة أيام. لكن بدي علي أمي علامات القلق فقد مرت الشهور سريعة وليست هناك أي بادرة لحمل زوجة أخي ومثل كل الأمهات التي تنتظر أول حفيد لها بفارغ الصبر انشغلت أمي طوال الوقت بهذه القضية وكانت شغلها الشاغل. وبدأت تذكر وتردد لنا بداع وبدون داع أنها انجبت أخي بعد تسعة أشهر بالتمام والكمال من زوجها.
وأن شقيقتها أنجبت خمسة أبناء وهي في عز الشباب فكانت تبدو إلي جوار ابنائها وكأنها شقيقتهم وليست والدتهم وأن ابنة عمها كانت تنجب توائم. وأخذت تارة تذكرنا بتجارب الأهل والجيران مع سرعة الإنجاب ومن انجبت الذكور دون الإناث تارة أخري. فكل هذه الحكايات والحوارات التي لا تنتهي ليلا ونهارا يا سيدتي بهدف أن تحمل بها زوجة أخي مسئولية تأخر الإنجاب الذي في الحقيقة لم يتأخر.
ومن هنا بدأت السعادة تلملم أوراقها من "عشنا" الهاديء السعيد. فكان أخي دائما ولقربه من أمي سريع التأثر بها و بكل كلمة تقولها. وعندما أمرت أمي أن يبدأ أخي وزوجته البحث عن أسباب تأخر الإنجاب فأسرع أخي بإجراء التحاليل والفحوص. وبالفعل أجري وزوجته عدة تحاليل وأثبتت جميعها أنهما لا يعانيان من شيء يعوق الإنجاب وأن الأمر بات مبكرا للتخوف.
وهناك أطباء نصحوا بعدم التفكير طويلا في هذا الأمر لأن الحالة النفسية ستكون أكبر عائق للإنجاب لا قدر الله. فأخذت أمي تتناسي الأمر ولكنها في الحقيقة كانت تنتظر أن تدير زوجة أخي ظهرها لتخرج أمي ما بداخلها من خوف وقلق عن قدرتها علي الإنجاب.
مر عامان علي هذا الحال وفي كل مرة يتردد أخي وزوجته علي الأطباء يؤكدون خلوها من أي شيء يعوق الإنجاب فاختارت زوجة أخي طريق الحقن المجهري. وأطفال الأنابيب. ولأن إمكانيات أخي المادية تسمح فأجرت عشر عمليات باءت كلها بالفشل وظلا علي هذا الحال لسبعة سنوات كاملة انفقا خلالها أموالا طائلة بحثا عن أمل الإنجاب لكن إرادة الله كانت فوق كل شيء.
وبعد هذه الرحلة الطويلة أجمع الأطباء أن الطرفين في كامل قدرتهما علي الإنجاب ونصحوهما بأن ينفصلا ويتزوج كل منهما بآخر حتي يستطيعا الإنجاب الأمر الذي أحزن زوجة أخي التي كانت دائما راضية بقضاء الله وصابرة علي سوء معاملة أمي وأخي الذي كان دائما يراها السبب في تأخر إنجابهما وكان يدفع بها لإجراء الجراحات حتي ولو خاطرت بحياتها.
وفي المقابل والحق يقال أن زوجة أخي كانت دائما تقول له أنا راضية بالعيش إلي جواره حتي ولو بدون إنجاب. الأمر الذي لم يكن يرضي أمي وأخي بطبيعة الحال وبدأت أمي تنصحه بالزواج بأخري دون مراعاة لمشاعر زوجته الرقيقة التي عاشت معنا علي الحلوة والمرة كما يقولون. وشاء القدر أن تتوفي أمي قبل أن تري حلمها في أن تحمل أبناء أخي.
ولم يتردد أخي في أن يأخذ قرار انفصاله عن زوجته الأصيلة التي لم تمنحنا طوال عشر سنوات عاشتها في بيتنا إلا كل حب ووفاء وكانت نعم الزوجة. وكانت رغم قسوة أخي عليها تتمسك به إلي آخر لحظة وللأسف كان أخي يردد دائما أنه سيطلقها ليتزوج بغيرها ليري له طفلا ولو لأسبوع واحدا وكأن أبواب السماء كانت مفتوحة يا سيدتي. فطلق أخي زوجته وتزوج بغيرها وتزوجت هي الأخري بغيره. وسرعان ما حملت زوجته ورزق أخي بطفل ضعيف بقي في الحضانة أسبوعا ثم توفي وكأن دعاء أخي صادف ساعة إجابة ولم يعش ابنه سوي اسبوع ولم ينجب بعدها وفي المقابل أنعم الله علي زوجته السابقة بولد وفتاة ويعيش أخي بائسا حزينا بعد أن مر علي وفاة ابنه أكثر من خمس سنوات ولم يرزق إلي الآن بالأولاد. ويبقي لي هنا سؤال أرجو أن تجدي لي إجابة عليه هل الإنسان لو تمني أمنية في لحظة ضعف أو ضيق ممكن أن يستجيب الله لها كما حدث مع أخي؟
** عزيزتي صاحبة هذه القصة الإنسانية الرائعة التي بطبيعة الحال لم تكن جديدة علينا بل منتشرة بيننا وستنتشر وخاصة فيما يتعلق بعدم الإنجاب لزوجين لا يعوقهما شيء سوي أن القدر له مشيئته في ذلك. والنصيب لم يكتب لهما الإنجاب من بعضهما البعض وإذا ما تزوجا من آخرين انجبا. فهي حكمة الله سبحانه وتعالي. فهو المحيي لحكمة والمميت لحكمة. والمعطي لحكمة والمانع لحكمة وكل شيء أرداه الله لحكمة لا نعلمها لكنها في صالح العبد دوما.
ويقول سبحانه وتعالي في الآيات 49 و50 من سورة الشوري: لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور. أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير" إذن فالله المعطي لهذا الرزق المعروف بالذرية والأبناء فمن أعطي رضي وشكر الله ومن منع أيضا شكر وصبر لأن الله أراد ذلك.
وفي كل الأحوال أقدر لوالدتك رحمة الله عليها قلقها واشتياقها لرؤية أحفادها من ابنها الوحيد. وأقدر رغبة أخاك في الإنجاب لكنه مهما تألم وتحمل فلم يتحمل ويعاني ما عانته زوجته ابنة الأصول التي كما قلتي عاشت معكم علي الحلوة والمرة وصمدت أمام غريزة الأمومة والتي هي من أقوي الغرائز البشرية لأنها رضيت بنصيبها ورضيت العيش إلي جوار زوجها حتي ولو بدون أولاد. فعوضها الله ورزقها بالأولاد.
أما عن سؤالك حول الإنسان لو تمني أمنية في لحظة ضعف أو ضيق ممكن أن يستجيب الله لها كما حدث مع أخاك. فيري الدكتور جمال الدين حسين. رئيس قسم العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر أن من الأمور التي يجب أن يتصف بها المؤمن ويلتزم بها في حياته الإيمان بالقضاء والقدر وهذا ما أشار إليه حديث جبريل عليه السلام حين جاء إلي الرسول صلي الله عليه وسلم وسأله عن الإيمان فذكر له الرسول أن تؤمن بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره حلوه ومره.
ويشير إلي أنه من مقتضيات الإيمان بالقدر أن يرضي الإنسان بما كتبه الله له فلا يسخط عليه وأن يعلم دائما أن ما اختاره الله لنا هو رحمة بنا والأفضل لنا ولكننا نلاحظ أن بعض البشر في بعض الحالات التي يمرون بها في حياتهم قد يقع منهم ما يدل علي سخطهم لما قدره الله أو علي أنهم لا يريدون أن يحدث الأمر علي نحو ما يحدث لهم فيلجأ بعضهم إلي أن يدعو علي نفسه أو أن يطلب أن يخرجه الله من ما هو فيه ولو بمصيبة أخري تكون أخف مما هو عليه.
ويضيف د.جمال إن هناك من لم يرزقهم الله بالذرية قد يطلب الله أن يرزقه ولو بإنسان مريض. فيستجيب الله له ويعاني الأمرين من الوضع الجديد دعا علي نفسه بها. ولقد حذرنا رسولنا الكريم من أن يدعو الإنسان علي نفسه أو علي ولده في لحظة الضيق. فقد يصادف ذلك لحظة إجابة فيؤدي هذا الأمر إلي شقائه.
ومن هنا علينا أن نرضي بقضاء الله وأننا لو أطلعنا علي الغيب لاخترنا الواقع. ولكننا بنظرنا القاصر والمحدود نظن أن هذا ليس هو الخير ثم يكشف الله لنا أن ما اختاره لنا هو الخير لأنه سبحانه وتعالي رحيم بنا ولا يرضي لنا الظلم ولكن البشر دائما تتعجل الأمور وعلينا أن ننظر إلي من هم أقل منا. فالرضا نعمة كبيرة لا يهبها الله إلا من رضي عنهم في الدنيا والآخرة.
السجين المثالي
تلقينا رسالة من والدة السجين محمود رجب محمد الطيب. نزيل سجن الاستقبال. والتوجيه بطره تقول فيها: انا سيدة عجوز اعيش اقسي عقوبة في الحياة
ان تجد الام ابنها وعائلها الوحيد في الحياة الذي كافحت وضحيت من اجله سنوات طويلة خلف اسوار السجن وضاع مستقبله.
فساقه القدر ان يتواجد اثناء مشاجرة ليتحول بقدرة قادر إلي قاتل. وحكم عليه بالسجن 15 عاماً. ولانه كما يقولون ابن حلال حول هذه التجربة المريرة إلي قصة نجاح داخل اسوار طرة حتي حصل علي لقب المسجون المثالي لاكثر من خمس مرات كما نجح في الحصول علي الثانوية العامة. ثم شهادة المعهد الفني فوق المتوسط. واشترك في عدة مسابقات لحفظ القرآن.
ولم يكتف بهذا بل واصل نجاحه والتحق بكلية الحقوق جامعة القاهرة وهو الآن بالفرقة الرابعة ولان الجميع يشعر باجتهاده ولانه حسن السير والسلوك طوال الفترة التي امضاها في محبسه حصل علي شهادة تقدير من قبل مساعد الوزير لقطاع السجون.
وفي الوقت الذي تعايش فيه ابني مع هذه الازمة القاسية. انقلبت حياتي لجحيم لايحتمل واصيبت بجميع امراض الشيخوخة من قلب وضغط وسكر وقدماي لم اعد اقوي علي الوقوف عليهما حزناً عليه وعلي ضياع مستقبله ومستقبل اسرته خاصة انه متزوج ويعول.
ولان اوضاعي الصحية تدهورت تدهوراً شديد ولم اعد اقوي علي تحمل مشقة السفر والانتقال اليه. حرمت من رؤيته طوال تسع سنوات. فتقدم ابني بطلب للحصول علي الفترة الانتقالية الخارجية خاصة انه استوفي جميع الشروط القانونية التي تمكنه من ذلك كما انه حاصل علي شهادة حسن السير والسلوك لاكثر من خمس مرات من سجون مختلفة وحتي يومنا هذا لم يتم التنفيذ.
اتمني ان تصل رسالتي إلي اللواء محمد ابراهيم وزير الداخلية ويرأف بحال ام تتشوق لرؤية ابنها منذ تسع سنوات وقد تكون المرة الاخيرة قبل ان يقضي الله امرآ كان مفعولاً. علماً بأنه حصل علي جميع الموافقات ويبقي السماح له بزيارتي.. فهل تجد استغاثتي استجابة سريعة قبل فوات الاوان
نور عيوني
انا اب عمري تجاوز الثامنة والخمسين عاماً.. موظف بسيط بمديرية الشباب والرياضة بالجيزة وهبني الله ابنين كفيفين منذ والدتهما نتيجة زواج الاقارب حيث ان زوجتي ابنة خالتي. الاكبر احمد "24 عاماً" والاصغر اسامة "23 عاماً" تقبلت هذه المنحة بصدر رحب. بلا تأفف او ضجر طيلة هذه السنوات.
ورغم ظروفهما الصعبة الا ان الله عوضهما بذكاء حاد كان عاملاً اساسياً لتفوقهما الدراسي. وقهرا المستحيل وتحدا اعاقتهما ونجحا بتفوق طوال سنوات الدراسة. حتي حصلا علي ليسانس الاداب قسم تاريخ.
ومؤخراً اكرمني الله واستطعت ان اصل بابنتي الكبري إلي بر الامان. وتزوجت ووسط غمرة سعادتي بها كأي اب ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر والذي يري فيه ابنته ترتدي الفستان الابيض ويسلمها بيده إلي زوجها ايذاناً ببدء حياة جديدة في طريق مستقبلها. انتابتني حالة من الخوف الشديد علي ولديّ الكفيفين وعلي مصيرهما من بعدي وزوجتي حين يقضي الله امراً كان مفعولا.
فكيف ستكون حياتهما في ظل ظروفهما الصعبة خاصة انني ووالدتهما لن نعيش معهما طوال الحياة. كما ان شقيقتهما الوحيدة منشغلة بزوجها وبيتها.. فتمنيت لو التحقا بفرصة عمل ضمن ال 5% باحدي الهيئات الحكومية تضمن لهما حياة كريمة حيث ان لديهما من القدرات التي عوضهما الله بها. وسوف تساعدهما علي النجاح.
لكن للاسف المسئولين مهما اصف لك هذه المعاناة لايشعرون بمرارة هذا العذاب وشعور اب قارب علي الستين وابناؤه في ريعان الشباب ولهما ظروف خاصة ولا بيد احد القدرة علي التخفيف عنهما يوماً من هذه المعاناة.
لم اترك مؤسسة او وزارة او هيئة الا وطرقت باب مسئوليها املاً في ان اجد فرصة عمل لهذين الشابين ليس لاحتياجاً مادياً ولكن كما سبق وذكرت لك لكي يحصلا علي ابسط حقوقهما في الحياة ان يجدا فرصة عمل تضمن لهما حياة مستقرة وكريمة من بعدنا. وللاسف لم يرأف المسئولون بحالي وحال اولادي ولم اجد من يستجب لطلبنا.
كل ما ارجوه وانا في هذا العمر ان اري ولدي في وظيفة ثابتة تتناسب وظروفهما الصحية لانني لا اخفي عليك فهمي ثقيل لانهما اثنان فمن لديه ابن معاق يئن ويشكو. وانا منذ ولادتهما رضيت بقضاء الله بنفس راضية طوال هذه السنوات حتي تفوق ابناي دراسياً الامر الذي جعلني افتخر بهما ورغم ظروفهما الا انهما بالنسبة لي نور عيني الذي لايمكن الاستغناء عنه. وآمل ان ينظر اليهما المسئولون ويساعدونني في الوصول بهما إلي بر الامان. بتعينها في وظيفة حكومية ضمن ال 5%.
** عزيزي الاب العظيم اكرمك الله كما اكرمت ولديك ورأيت ان ابتلاء الله في ان يولد لك ابنان مكفوفين. منحة وليس محنة ومدعاة للفخر. ومن هنا ندعو المسئولين الذين لم يستجيبوا لصرخاتك ان يشعرون بقيمة هذه الفئة التي كرمها الاسلام حيث امر بالرعاية الكاملة لذوي الاحتياجات الخاصة. واوصي بالعمل علي قضاء حوائجهم. فقد قرر ايضاً اولوية هذه الفئة في التمتع بكافة الحقوق. فقضاء حوائجهم مقدم علي قضاء حوائج الاصحاء. ورعايتهم مقدمة علي رعاية الاكفاء.
ففي حادثة مشهورة ان سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم عبس في وجه رجل اعمي- هو عبدالله ابن ام مكتوم رضي الله عنه- جاءه يسأله عن امرِ من امور الشرع. وكان يجلس إلي رجالي من الوجهاء وعليه القوم. يستميلهم إلي الاسلام. ورغم ان الاعمي لم ير عبوسه. ولم يفطن اليه فإن المولي تبارك وتعالي ابي الا ان يضع الامور في نصابها. والاولويات في محلها. فانزل سبحانه آيات بينات تعاتب النبي الرحيم صلي الله عليه وسلم عتاباً شديداً: وقال الله فيها: "عبس وتولي. ان جاءه الاعمي. وما يدريك لعله يزكي. او يذكر فتنفعه الذكري" "عبس: الآيات 1- 5". ففي هذه القصة نري ان المعاتبة لكونه صلي الله عليه وسلم انشغل بدعوة الوجهاء عن قضاء حاجة هذا الكفيف. وكان الاولي ان تقضي حاجته. وتقدم علي حاجات من سواه من الناس. وفي هذه القصة دلالة شرعية علي تقديم حاجات ذوي الاحتياجات الخاصة علي حاجات من سواهم.
ونأمل في ان يرحم المسئولون هذا الاب الذي ضرب مثالاً جيداً في الصبر علي المحن. واجتاز رحلة شاقة بولديه الاكفاء حتي تخرجا في كلية الاداب قسم تاريخ. وابسط حقوقه وحقهما ان يتم تعيينهما ضمن نسبة ال 5%.
حياة بلا حياة
أنا سيدة عمري 47 عاما. اسمي "حياة". لكن يا سيدتي اسمي علي غير مسمي لأنني أموت في اليوم الواحد عشرات المرات نتيجة ما تعانيه أسرتي الصغيرة من آلام الفقر والجوع والمرض. ويبدو أن همومنا تحولت لميراث تتوارثه الأجيال.
فأسرتي مكونة من أمي المسنة التي تجاوزت الآن ال65 عاما. والتي طلقها أبي الأرزقي الفقير عندما ضاقت عليهم الحياة وازداد عوزا وفقرا وبدلا من أن يساعدها علي تربية طفلتهما المسكينة تركها وحيدة ولا تعلم عنه شيئا. فاكتفت بي وكافحت من أجلي ورفضت الزواج مرة أخري رغم صغر سنها حيث كانت آنذاك شابة في نهاية العشرينات.
وعملت أمي في المنازل حتي ربتني وبمجرد وصولي إلي سن السابعة عشرة زوجتني من مزارع بسيط عشت معه بما يرضي الله ورضيت بالقليل. وكان إذا عمل نجد قوت يومنا. ولو لم يعمل نأكل "طقة" ونجوع الأخري كما هو الحال في حياة الفقراء الذين يعيشون علي باب الله.
لم أشك يوما فحالي في بيت أبي لم يختلف كثيرا عن حالي في بيت زوجي. وظللت علي هذا الوضع عدة سنوات انجبت منه ابنة واحدة وشاء القدر أن أصاب بمرض بالمخ وكهرباء زائدة به. فتتدهور حالتي الصحية. وفي كثير من الأحيان وبعد نوبات التشنج وفقدان الوعي أظل طوال اليوم كالجثة الهامدة ظل الأمر لسنوات. وبطبيعة الحال عجزت عن الخضوع لعلاج جيد نظرا لظروفنا المادية الصعبة.
وبدلا من أن يصبر زوجي علي ظروفي الصحية التي لا دخل لي بها سارع بالزواج بأخري ولأنه لا يملك من هذه الحياة سوي قوت يومه كما سبق وأن ذكرت. فقرر أن أعيش وزوجته في نفس الشقة الصغيرة المكونة من غرفتين في بيت ريفي بسيط من طابق واحد بمرسي مطروح.
صبرت علي المرض وعلي الفقر وعلي سوء أوضاعنا لكن يا سيدي لم استطع أن أصبر علي زوجي في أحضان زوجة أخري حتي وإن كانت زوجته. وأنا مريضة لا حول لي ولا قوة. حزنت ومن فرط حزني وهمي أصبت بالسكر. ولم أجد أمامي سوي أن ألوح بالانفصال. وللأسف باع زوجي العشرة والعيش والملح كما يقولون. وفوجئت بأنه لم يتردد في أن يلبي لي رغبتي في الطلاق الذي في حقيقة الأمر نطقت به من وراء قلبي ولكن أخذته أداة لكي ألفت انتباهه لي وإلي وجودي في حياته. لكن ما وجده في زوجته الثانية أنساه كل شيء.
أخذت ابنتي الصغيرة وعدت إلي منزل والدتي بشارع التحرير بجوار مصنع التعبئة بالجبل الأصفر بالقليوبية. وأصبحنا مطلقتين وطفلة بلا عائل. وبلا أي مصدر ثابت للرزق. فدعيني أذكرك أن والدي كان يعمل ارزقيا وليس له معاش. وزوجي الذي كان يعمل مزارعا. طلقني وليس لديه ما ينفقه علي وعلي طفلته فعشت أنا وأمي وابنتي في حياة بطعم الموت لم نذق خلالها طعم الراحة. وتحملت وصبرت وعملت ك"طباخة" بالمنازل إلي أن أخذ المرض يشتد علي وبدأت أفقد القدرة علي الإمساك بالأشياء فكانت تقع من يدي الأواني والأطباق وإذا تحملني من أعمل لديهم اليوم لا يوجد ما يجبرهم علي التمسك بي وبظروفي التي لا يتحملها أحد.
فاضطررت للعمل بالمنازل و"مسح السلالم". ومرت السنين سوداء بطيئة نزداد كل يوما يمر علينا فقرا وضيقا. حتي بلغت ابنتي الوحيدة ال16 عاما ومع تقدم أول عريس للزواج منها لم أتردد في الموافقة عليه علي الرغم من أنه بناء أو كما يقولون بالبلدي يعمل في الفاعل وسوف لا تختلف ظروفه عن ما نحن عليه. لكن كنت أأمل أن أجده السند والعون علي استكمال مشوارنا الطويل. واعتقدت أنه من أرسل به القدر لكي يحمل معنا هذا الهم الثقيل ونحن ثلاث نساء نعيش علي حد الكفاف ولا حول لنا ولا قوة.
ولأنني كما ذكرت في بداية قصتي نعيش هموما ومصائب تتوارثها الأجيال سرعان ما انجبت ابنتي من زوجها ثلاثة أبناء الأولي 6 سنوات والثانية 4 سنوات والثالث عمره خمسة أشهر سرعان ما ضاق زوجها بحياته وقسوة الظروف وتركها ولم تعرف عنه شيئا. فالسيناريو المؤلم يا سيدي الذي تعيشه أسرتي للأسف تكرر مع أمي ومعي ومعي ابنتي ووصل بنا الحال أنني وأمي المسنة وابنتي وابناءها الثلاثة نعيش في شقة حجرة وصالة بإيجار شهري 250 جنيها ومهددين بالطرد لعدم السداد. وأمي لا تملك مصروفات علاجها. وتدهورت حالتي الصحية وفوجئت مؤخرا أنني مصابة بورم بالرحم واحتاج إلي جراحة عاجلة لاستئصاله وابنتي تتمني إيجاد أي مصدر للرزق ولو حتي كشك صغير يساعدها علي توفير قوت يومها وصغارها حتي رضيعها ابن الخمسة أشهر لا تملك 45 جنيها كل أسبوع مصروفات اللبن.
وكأننا يا سيدتي علي موعد مع العذاب فكل صبح جديد يتجدد علينا الألم وتتجدد الأحزان وأصرخ في داخلي صرخات لو أخرجتها لأحرقت وهدمت الجدران التي تسترتنا وتستر عذاب ومعاناة سنوات طويلة مع الفقر وللأسف غفل عنا الجميع ولو متنا بهمنا فلن يشعر بنا أحد.
** عزيزتي صاحبة هذه الرسالة القاسية التي تحمل مواقف تؤلم القلوب. فذكرتيني بكلمات للشاعر الجميل صلاح جاهين "في ناس بنشوفها بالألوان وناس جواها مش بيبان. وناس أسود وناس أبيض وناس محتاجة بس أمان. وأكتر ناس تآمنهم ما بيجي الجرح غير منهم وناس انت بعيد عنهم بتنسي معاهم الأحزان" فللأسف إن طعنة الغدر جاءت لكن من أقرب الناس سواء معكي أم مع ابنتك أم والدتك المسنة والتي تحملت وعانت معكي ومع ابنتك وكأن لهم حقا كما قلتي في أسرتك تتوارثه الأجيال. فوالدتك طعنت من والدك الذي تركها ولم تعلم عنه شيئا وحينها كنت طفلة صغيرة في عمر الزهور وهو يعلم أنه العائل الوحيد لها. وبعد ذلك طعنك زوجك بزواجه بغيرك عندما هزمك المرض. وأجبرك علي العيش معها في بيت واحد. وغدر زوج ابنتك بها عندما تركها وابناءها الثلاثة دون سند أو عائل يحميهم خاصة أن لديها طفلا رضيعا لم يتجاوز الخمسة أشهر.
واعلمي يا عزيزتي أن الفقر مرض فمن ابتلي به فصبر أثيب علي صبره. واذكرك بالآية الكريمة "سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار" ولهذا كان الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد. ولا إيمان لمن لا صبر له. كما أنه لا جسد لمن لا رأس له.
وفي النهاية نأمل في أهل الخير وأصحاب القلوب الرحيمة أن ينظروا لحال ثلاث نساء فقدن عائلهن. ولا يبحثن في هذه الحياة سوي عن حقهن في الأمان والعيش عيشة كريمة. تضمن لهن الحد الأدني للحياة الإنسانية في ظل ظروف الحياة القاسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.