كل التحية والتقدير لبريد روزا وبعد... أنا مهندس كيميائى فى العقد الثالث من العمر أعمل بإحدى الشركات الكبرى، ليس لى خبرات كثيرة فى الحياة وأعترف بذلك - لأننى نشأت منذ الصغر منطويا ومبالغُا فى الأدب مع الناس، أهتم فقط بالعلم دون التطرق لأمور الحياة المختلفة وخصوصا الاجتماعيات وأصول التعامل، صورة طبق الأصل من والدى رحمه الله، فمازلت أتذكره قبل وفاته وأنا طفل صغير، كان رجلاً يعشق المكوث فى المنزل بعد العمل ولا يسعى لتنمية قدرات ابنائه أو متابعة تطورهم فى الحياة بصفة عامة، لى شقيق أصغر منى يعمل محاسبًا بأحد البنوك لكنه مختلف تماما، منفتح على العالم الخارجى وأكثر انصهارًا وتكيفًا مع البشر، يتمتع بكاريزما جذابة وقدرات مذهلة تجبر كل من يعرفه على احترامه وكسب الثقة فيه، أما بالنسبة للتعامل مع الجنس الآخر فحدث ولا حرج، هو تقريبا يعرف فتاة جديدة كل يوم، وعلى الرغم من تدينى ووقارى إلا اننى أدركت قيمة بعض أفعاله وطباعه المكتسبة التى تبدو لى شاذة عن تربيتنا والتزامنا، عرفت ذلك قبل زواجى مباشرة عندما أردت اختيار الزوجة المناسبة وفوجئت بأننى غير كفؤ لانتقاء خيرهن - مما اضطرنى لإلقاء تلك المهمة على عاتق أخى، هو لم يقصر معى ورشح لى إحدى الفتيات بمحيط منطقتنا تنتمى لعائلة متوسطة الحال وحاصلة على مؤهل عالِ تتمتع بالجمال وحسن الخلق، تقدمت لخطبتها وسرعان ما تأكدت أنها الإنسانة المناسبة والجديرة بحمل اسمى، أسست شقة بأفخم الأساس دون التطرق لتجهيزات أهلها وتزوجنا، بعد مرور 6 أشهر وبينما هى فى المطبخ وأنا بغرفة النوم كان هاتفها قريبًا منى فجاءتها رسالة على تطبيق «الواتس» فحواها جنسى عن علاقتنا، ثم سرعان ما تم مسح الرسالة من المصدر، فى هذا اليوم لم أستطع النوم وأصريت على اختراق الهاتف وتتبعه وبالفعل نجحت فى ذلك لأكتشف الصدمة فى النهاية - زوجتى تتحدث مع زميلة وصديقة عمرها عن أدق تفاصيل علاقتنا الزوجية وبشكل لا يمت لهذا الأدب الذى عرفته عنها، تشتكى لها بأننى لا أمتلك خبرات كافية لإسعادها، بينما تنصحها صديقتها بنصائح لا تصدر من إنسانة محترمة على الإطلاق، بعد أن علم أخى بما حدث طالبنى بأن أُطلقها لأنها غير أمينة وربما تكون منحرفة، لكننى رجحت صوت العقل رغم حالة الغليان التى تسيطر علىَّ وذهبت لعمى وهو رجل أعمال ليس له أبناء ويعد بمثابة والدى، دون تردد اصطحبنى إلى شقتى وأمر زوجتى بتجهيز شنطة ملابسها ثم ذهبنا إلى بيت أهلها وتركناها لهم بعد أن قال لهم عمى بأن تربيتهم لا تناسبنا، الآن والدها يحاول بكل الطرق معرفة سبب ما حدث لكننا لم نخبره طيلة ثلاثة أشهر وأنا فى حيرة من أمرى لا أعرف ماذا أفعل سيدى الفاضل هل أطلقها لعدم أمانتها معى أم ماذا أفعل؟! إمضاء خ.ي عزيزى ه. ث تحية طيبة وبعد... أتفق معك تماما على ضرورة اهتمام الأهل بأبنائهم منذ الصغر والقيمة الكبيرة التى يحققها توجيهاتهم وتنمية قدراتهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، لأن الحياة بها الكثير من الأدوات التى يجب تمكينهم منها منذ الصغر قبل التعرض لعديد المواقف والتجارب المختلفة التى تحتاج إلى التدبر والقدرة على التحليل والاستنتاج والتفاعل- ومما لا يدع مجالاً للشك أن الإلمام بفنون الحياة الزوجية على وجه الخصوص يعد من الأمور شديدة الأهمية للأزواج قبل دخول عش الزوجية لإدارة أسرة، وهنا يجب أن يكون دور الأب حاضرًا لدعم ونصح الأبناء وإثقالهم من خبراته ومكتسباته، كما يجب أن يكون رب الأسرة قادرًا على فهم طبيعة أبنائه وتركيبتهم النفسية والاجتماعية كى يتدخل فى الوقت المناسب بالتوجيه والتعديل حسب مراحل أعمارهم المختلفة، ليكونوا على قدر المسئولية، وللفتاة نفس حظ الولد من الإرشاد والاحتواء الوجدانى لكن من أمها بالأكثر، لأن دور ست الحبايب إذا تلاشى فى حياة ابنتها قد تجد نفسها فريسة للشرود أو الشذوذ الفكرى التى تحدثه عوامل كثيرة مثل أصدقاء السوء أو وسائل وتطبيقات التكنولوجيا ومن بينها التواصل الاجتماعي، ما يرسخ فى النهاية تفاصيل وتوجهات لا تمت للحقيقة بصلة، هذا ما حدث تقريبا مع زوجتك عندما فقدت هذا الدور الداعم لها داخل نطاق أسرتها ولم تجد من تلقى عليه بأسئلتها الملحة إلا تلك الصديقة غير الوفية والبعيدة كل البعد عن أمانة النصح والإرشاد، لذا فإنى أنصحك بضرورة عقد جلسة خاصة مع والد زوجتك وشرح تفاصيل خلافك معها وطبيعة هذا الجرم الكبير الذى اقترفته ابنته فى حق نفسها وفى حقك، ولا غضاضة فى لفت نظره إلى أهمية تعويضهم لها عما فاتها من احتواء وتوجيه أسرى بتخصيص مساحة من الوقت للتواصل المستمر معها، مما يساهم بشكل أو بآخر فى تطوير شخصيتها وتصحيح مفاهيمها المشوشة أو المشوهة، وضرورة التأكيد بأن ما يحدث داخل الغرف المغلقة بين الأزواج هو من الأسرار العظمى التى لا يجب بأى حال من الأحوال تسريبها حتى لأقرب المقربين، وبعد عودتها إلى بيتك معترفة بخطئها وتعهدها بقطع صلتها بتلك الصديقة، تقرب منها أكثر وحاول معرفة ما يدور بذهنها عن مفهوم السعادة التى اشتكت بأنك لم تحققه لها، حيث يظل التواصل المستمر والحميمى بينكما هو سر بلوغكما لذروة السعادة التى تنشدا الوصول إليها. يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة الروم «بسم الله الرحمن الرحيم» ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ صدق الله العظيم،، والمودة والرحمة المقصودة فى الآية الكريمة أساسها التواصل وتبادل وجهات النظر بحب واحترام من أجل تحديد آليات السعادة لدى كل طرف والعمل على تحقيقها. دمت سعيدًا وموفقا دائما خ. ى