الأعمال للفنانة آنا ديتمان يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين. إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة بإرسال مشاركتك من قصائد أو قصص قصيرة أو خواطر «على ألا تتعدى 550 كلمة» مرفقا بها صورة شخصية على الإيميل التالى: [email protected]
لمن كانت هذه الإشارات
قصة قصيرة
سامح ادور سعدالله نشيط الذهن قوي الملاحظة سريع البديهة. هذه كلها كان يمتلكلها هذا الشاب الأنيق الخلوق جالسا فى هدوء ووقار على كرسي طويل بالحديقة. لم يكن يشعر بالملل كثيرا, حيث يقرأ جريدته، و يلعب بجهازه المحمول قليلا حتى تقترب عودة صديقه. كثيرا ما كان يقلب نظرته بين الحين و الأخر على أشكال الأشجارالعتيقة و أغصانها حتى فى وجوه المتنزهين معه فى الحديقة. وربمال يشغل باله أيضا مصير اليمامة التى يطاردها ذلك القط المفترس. تعجب من تلك المشهد؛ فهو لا يأكلها و لا يطلقها و تشعر أنه لا يريد إلا أن يلعب معها. وأخذ يتابع المغادرين والوافدين حتى هلت فتاة مثل البدر معتدلة الطول خمريه البشرة، وجنتاها مشربتان بالحمرة الصافية وعيون سماوية، ظن أنها ليست من بني جنسه، ولكن لاحظ أن الفتاة مرتبكة ما بين حقيبتها و شنطة يدها؛ فهمّ واقفا لعله يقدم يد العون، ولكن يتراجع من الخجل و لسان حاله يقول (ربما تكسفنى أو يكون معها أحد) يتراجع تلك الخطوات التى تقدمها، و خلال هذا جلس دقيقة واحدة ثم قام ذاهبا إلى دورة المياة، بضعة دقائق و عاد إلى حيث كان يجلس، فوجد شيخا قد جلس فى نفس مقعده، أشار إليه بالسلام، فأشار هو بالرد. على المقعد الآخر جلست تلك الفتاة التى شاهدها منذ دقائق، جاءت لتجلس امامه مباشرة، وارتسمت ابتسامة عريضة على وجهه رغم أنه لا يعرفها، لكن شيئا مجهولا كان يفرض عليه التفكير فيها وبقوة. كان يرمقها بقوة لدرجة الملل حتى شرد بعيدا بتفكيره. إلا أن عينه مازالت عليها. صوت ضجيج القط مع اليمامة أعاده إلى التركيز مرة أخرى، ثم عاد ببصره لينظر إليها ليجدها مبتسمة، و كان وجهه مقابلا لوجهها مباشرة. ظن أنها تبتسم له، فأصابه الحرج، واحمرَّ وجهه. نظر يمينا و يسارا و للخلف فلم يجد شيئا. دار عقله ... إذاً لمن كانت هذة الابتسامة؟! عاد لينظر من جديد، مازالت تبتسم نفس الابتسامة بالإضافة إلى بعض إشارات بيديها إلى أسفل إلى أعلى ، و جميع الاتجاهات، ثم استدارت بوجهها نصف استدارة، والابتسامه لا تزال واضحة جدا من جانب وجهها. واأخذ يلاحظها منتظرا أن تعود لوضعها الأول مرة اخرى ليحدد لمن تذهب هذه الاشارات. و لم تغب كثيرا، و عادت بنفس الابتسامه كذلك نفس الاشارة. طرح عدة اسباب لتفسير هذه الاشارات!.. هل تعانى من اضطراب ما؟.. هل هذه الفتاة تعرفني ؟ إذن فمن هي ؟.. هل معجبة بى بتلك السرعه ؟ و لكن استبعد هذا الرأي وأخير قرر أن يقطع الشك باليقين. و أن يسالها مباشرة، من تقصد بتلك الإشارات؟ ورغم الصراع القوي بداخله إلا أنه قرر الذهاب إليها ليعرف حقيقة إشاراتها. قام ببطء شديد، محاولا بكل قوته هزيمة جبنه وخوفه من ذلك المجهول. وأخيرا حطم كل أسوار الشك والخوف الراكدين داخله. جر رجليه كأنه يمشي في رمل ووحل، اقترب منها مبتسما، لكنه عندما سألها عن تلك الإشارات، وما إن كانت تريد شيئا منه، انزعجت وأبدت تعبيرات الخوف المندهش. وجرت إلى حيث يجلس و أمسكت يد الشيخ تجذبه برفق تحمل أشياءه، منادية على قطها ثم أخذت دميتها و رحلت.