مازالت مشكلة المبيدات الزراعية المهربة والمغشوشة (الإسرائيلية والصينية) المنتشرة فى الأسواق، بل وتزداد فى الانتشار فى ظل ضعف الرقابة من الجهات الحكومية المختلفة وتضارب المسئوليات فيما بينها. ويزداد الأمر تعقيدا باعتراف وزير الزراعة السابق والحالى بالمشكلة دون وضع حلول لهذه المشكلة.. والاكتفاء بمطالبة الحلقة الأضعف فى سلسلة الرقابة وهو الفلاح بأن يشترى المبيدات من مصادر معلومة وموثوق بها، وهم بذلك يطلبون من الفلاحين البحث عن (إبرة وسط كوم قش) لأنه يبحث عن أقرب محل لبيع المبيدات ويسأله عن توافر المبيد الذى يحتاجه لآفة معينة فيشير عليه البائع بأن يستخدم مبيداً دون غيره.. وقد يكون هذا البائع غير متعلم، يتكرر ذلك يوميا فى القرى وعلى مستوى جميع المحاصيل الزراعية التى تصلنا لنتاولها أو تلك التى يتم تصديرها للخارج ويكتفى المسئولون بتحذير المزارعين فقط. محمد عبدالقادر نقيب الفلاحين يؤكد ل«روزاليوسف» أن المبيدات الإسرائيلية والصينية تنتشر حاليا فى أرجاء الجمهورية كافة يزداد تركيزها بمناطق الاستصلاح الجديدة كالنوبارية والصالحية والإسماعيلية، لافتا إلى أنه سبق أن أبلغ جميع الجهات الحكومية (وزارات الزراعة والداخلية والتجارة والصناعة) ولكن كان رد الفعل هو عمل حملة للتفتيش على المحلات التى تقوم بالبيع فقط، سواء كانت مرخصة أو غير مرخصة، وتم تحرير محاضر للمخالفين، ولكن سرعان ما عادت تلك المحلات للبيع مرة أخرى وكأن شيئا لم يحدث، فالمحلات المرخصة تقوم ببيع المبيدات الصينية والإسرائيلية دون عرضها بالمحل ولكن يكتفى البائع بأن يقول للمزارع إن لديه مبيداً جيداً وسعره غير مغالى فيه وهو لديه بالمخزن، ثم يذهب لجلبه له، بينما هناك مئات. المحلات التى انتشرت مؤخرا بالقرى والعزب دون تراخيص وهى تبيع للمزارعين مبيدات قد تدمر الثروة الزراعية والأرض معها خلال السنوات القادمة ما لم يبادر المسئولون بغلق منافذ التهريب المختلفة التى تأتينا من خلالها تلك السموم التى تستهدف قتل المصريين وتدمير أراضيهم وزراعتهم. ويؤكد الدكتور نادر نور الدين أستاذ الزراعة بجامعة القاهرة أن أسواق المبيدات فى مصر تعانى من فوضى رهيبة حيث يمكن التأكد أن 95% من حجم أسواق المبيدات فى مصر (مبيدات مغشوشة أو منتهية الصلاحية أو مهربة ومسرطنة) وضارة جدا بالصحة. ويشير نور الدين أن استخدام المزارعين لهذه المبيدات يتسبب فى وفاة أكثر من 250 ألف مزارع سنويا فى دول العالم الثالث كما أنها تدفع بأكثر من 43% من الفلاحين للمستشفيات بسبب الأمراض المباشرة الناتجة عن استخدام المبيدات المغشوشة أو غير المصرح بها عالميا والمسرطنة خاصة أن إسرائيل تسيطر حاليا على أسواق المبيدات فى مصر والدولة عاجزة تماما عن إيقاف دخول المبيدات الإسرائيلية إلى مصر. ويؤكد الدكتور زيدان هندى استاذ الكيمياء والمبيدات والسموم بكلية الزراعة جامعة عين شمس أن عملية تهريب ودخول المبيدات المغشوشة إلى الأسواق المصرية واستخدام المزارعين لها من أخطر ما يهدد مستقبل الزراعة فى مصر واصفاً أرباح تجارة المبيدات المغشوشة والمهربة بأنها تفوق تجارة الهيروين نفسها بل أخطر لأن استخدام المزارع لها يجعل سمومها تصل لأكبر عدد من الناس على العكس من الهيروين الذى يصل لمن يرغبون فى تعاطيه فقط. ويضيف هندي: إن استخدام المبيدات فى مصر يتسم بالعشوائية الشديدة ولا توجد ضوابط واضحة تحكمه لافتا إلى أنه قام بعمل دراسة على مجموعة كبيرة من المزارعين وكانت نتائجها مفزعة، حيث أوضحت النتائج أن هناك 45% من المزارعين والمستهلكين يأكلون الحاصلات الزراعية المعاملة بالمبيدات الكيماوية دون أى اعتبارات لفترة ما قبل الحصاد بعد رشها مباشرة، فى حين أن هناك 35% يتناولون المحاصيل الزراعية بعد مرور يوم واحد فقط من رشها بالمبيدات، بينما يتناول الحاصلات 18% من الناس بعد رشها بعدة أيام. وأوضح أن نتائج الدراسة رصدت أن 34,57% من المزارعين يستقر رأيهم على شراء المبيدات بجميع أنواعها وفقا لنصائح بائع المبيدات لهم بأنه يصلح لمكافحة الآفة التى ظهرت فى محصوله، فيما يعتمد حوالى 42,5% من المزارعين على بائعى المبيدات فى الحصول على المعلومات المتعلقة بالمبيد، وأن وقت التطبيق يكون غالبًاً عند ظهور الآفة. وأضاف د. زيدان أن عدداً من الدراسات ذكرت أنه خلال ال30 سنة الماضية دخلت 620 ألف طن من المبيدات لمصر أدت لتزايد حالات الفشل الكلوى والكبدى والسرطانات وغيرها من الأمراض. ويقول الدكتور سميح منصور رئيس قسم السميات بأكاديمية البحث العلمى والخبير الدولي: إن عملية تداول ورش المبيدات وعدم الرقابة الجادة عليها أدى فى السنوات الاخيرة إلي انتشار أمراض الفشل الكلوى والسرطانات مؤكدا أن 90% التى تدخل فى عملية تصنيع المبيدات هى مواد مصنفة على أنها سبب رئيسى فى السرطانات. وأشار سميح إلى أن هناك مبيدات شديدة السمية والخطورة دخلت مصر مؤخرا بجميع الطرق المشروعة وغير المشروعة ويتم تداولها وبيعها للفلاحين من خلال محلات البيع المنتشرة فى جميع القرى والنجوع حاليا مطالبا المزارعين بالإبلاغ عن أى نوع مبيد غريب أو مشكوك فيه والإبلاغ عمن يبيعونه. ويدافع الدكتور محمد عبدالمجيد رئيس لجنة المبيدات بوزارة الزراعة عن حجم تداول واستخدام المبيدات فى مصر قائلا إنها من أقل دول العالم استهلاكا للمبيدات والتى تصل سنويا إلى 6 آلاف طن لافتا إلى أن المبيدات المغشوشة موجودة فى جميع دول العالم وليس فى مصر فقط فمؤخرا تم ضبط 6 آلاف طن مبيد بنيويورك بأمريكا مؤكداً أن قواعد التسجيل المصرية ترقى لقواعد التسجيل العالمية مشيرا إلى أهمية أن يشترى الفلاح المبيدات من مصادر آمنة. منافذ بيع المبيدات ووفقاً الاحصاءات وزارة الزراعة عن منافذ البيع المعتمدة للمبيدات وغير المعتمدة.. والمهندسين المسئولين عن رقابة تداول المبيدات.. تكشف عن مفاجأة أن عدد العاملين بأقسام الرقابة على المبيدات على مستوى الجمهورية هو 242 مراقباً وعدد المحلات المرخصة للاتجار فى المبيدات 2811 محلاً بينما عدد المحلات غير المرخصة هو 56 فقط، فى الوقت الذى أكدت مصادر بالوزارة وخبراء أن أعداد المحلات غير المرخصة للاتجار فى المبيدات يصل لثلاثة أو أربعة أضعاف المحلات المرخصة التى يبيع معظمها مبيدات إسرائيلية وصينية وغير مسجلة بوزارة الزارعية. ويوضح المستند أن محافظة المنوفية بها أكبر عدد من محلات المبيدات المرخصة وهو 265 محلاً وبها 55 مراقباً فقط بينما يوجد مراقب واحد ل43 محلا بمحافظة الإسكندرية و4 مراقبين ل302 محل بمحافظة البحيرة (وهى أكبر محافظات الجمهورية من حيث المساحة الزراعية) كما يوجد 5 مراقبين فقط للمبيدات فى منطقة النوبارية لمراقبة 200 محل مرخص وهى المنطقة التى تمكنت مديرية الزراعة بالتعاون مع شرطة المسطحات المائية من ضبط 17 محلا تبيع مبيدات إسرائيلية وصينية مهربة ومبيدات اخرى غير مسجلة بوزارة الزراعة. ويوضح المهندس محسن عبده رئيس الإدارة المركزية لمكافحة الآفات وعضو لجنة المبيدات بوزارة الزراعة أن الإدارة وضعت خطة عمل للمرحلة القادمة لتنظيم عملية الاتجار وتداول المبيدات تتمثل فى عدد من الخطوات أولها أننا تقدمنا بمذكرة للجنة المبيدات نطلب توفير 100 ألف جنيه لتدريب المهندسين الزراعيين والفلاحين على مراقبة المبيدات وتوعيتهم بالمبيدات المسجلة والمهربة ومخاطرها وأهمية الإبلاغ عن أى مبيد يشك فيه المزارعون. وأضاف عبده أن مهندسى الإدارة منتشرون بجميع المحافظات وأعدادهم تكفى لعمليات المراقبة لافتا إلى أن الإدارة ستقوم بعمل قاعدة بيانات يتم تحديثها دوريا من خلال الحصر الذى سيقوم به المهندسون لجميع المحلات على مستوى الجمهورية لافتا إلى أن المحلات غير المرخصة قد تكون ضعف المحلات المرخصة. التأثير على الصادرات لعشوائية استخدام المبيدات أصبحت تهدد الصادرات الزراعية المصرية لجميع الدول سواء كانت العربية أو الاتحاد الأوروبى بحسب الخطابات التى حصلت عليها «روزاليوسف» فقد أرسل السفير المصرى بالمملكة العربية السعودية محمد عوف خطابا موجها لوزارتى الزراعة والتجارة الذى يوضح فيه أن وزارة الخارجية السعودية أخطرته فى مذكرة رسمية أن وزارة الزراعة السعودية اكتشفت وجود نسبة من المبيدات تفوق الحد المسموح به فى إحدى شحنات الفواكه المصرية هو أنها ستقوم بفرض حظر على المنتجات المصرية التى يتثبت تلوثها وأنه سيتم اشتراط ارفاق شهادة صادرة من الجهة المختصة مع كل شحنة فواكه او خضروات مصرية تنص على خلو هذه المنتجات من متبقيات المبيدات. ونبه الخطاب على ضرورة مخاطبة الجهات المصرية المختصة من تكرار هذه المشكلة واخطار السلطات السعودية بها، الخطاب الذى تم إرساله لوزارة الزراعة والمجلس التصديرى للحاصلات الزراعية المصرى فى شهر يونيو 2010. لم يقتصر الامر على السلطات السعودية فقد شدد الاتحاد الأوروبى من إجراءات فحص متبقيات المبيدات للصادرات الزراعية المصرية وقرر فحص عينات عشوائية تصل ل10% من إجمالي المصرية سنويا فى جميع الموانئ الأوروبية خاصة على عدد من الحاصلات على رأسها (البرتقال والخوخ والفراولة والرمان والفاصوليا والفلفل) على أن تتم التحاليل فى ميناء الوصول مع التحفظ على الشحنة لحين ظهور نتيجة لتحاليل والتأكد من مطابقتها للمواصفات الأوروبية الخاصة بالحدود القصوى لمتبقيات المبيدات وهو القرار الذى بدأ تنفيذه منذ بداية أكتوبر 2010 وتم إخطار السلطات المصرية والمجلس التصديرى للحاصلات الزراعية فى أغسطس 2011 باستمرار العمل بالقرار وهو ما نص عليه خطاب موجه من المهندس محمد خليل وكيل لمجلس التصديرى للحاصلات الزراعية لأعضاء المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية.