تهدد المبيدات الزراعية حياة المصريين، والصادرات الزراعية في حال تم استخدامها بطريقة عشوائية، ويلعب غياب المرشد الزراعي دوراً في زيادة تلك العشوائية، حيث يضطر المزارع لاستخدام وشراء المبيد حسب وصفات جيرانه، مما قد يؤثر علي الصحة العامة، ومعدل التصدير، حيث ترفض الدول المصدر إليها تلك النوعيات من المحاصيل. إبراهيم شمس الدين ابن قرية الجدية التابعة لمدينة رشيد بمحافظة البحيرة قال نستخدم المبيدات دون أي توجيه أو إرشاد من مسئولي وزارة الزراعة، وكان المرشد الزراعي يمر علينا منذ 10 سنوات ليشرح لنا طريقة استخدام المبيد لكل محصول والكميات اللازمة، بحيث لا نضر صحتنا، لكن المرشد الزراعي اختفي تماماً الآن. وأضاف إنه يشتري المبيد من محلات ليس عليها أي رقابة، وأغلب ما اشتره لا تصل نسبة فاعليته إلي 50%، وهو ما دفعني لزيادة الكميات المستخدمة. وألقي «شمس الدين» بالمسئولية علي وزارة الزراعة في ترك الفلاح لمافيا المبيدات، وللمحليات التي لا تقوم بواجبها في الرقابة علي المحلات. بينما يري عبده السيد من نفس القرية أن المشكلة تكمن في أن الفلاحين يحصلون علي معلوماتهم عن المبيدات من جيرانه، وأكد غياب المرشدين الزراعيين واقتصر دورهم علي التواجد بالجمعيات الزراعية. وأوضح أن مشكلة بيع الفلاحين للمحاصيل بعد رشها مباشرة، يستفيد منها الفلاح في محاصيل معينة مثل «الطماطم» التي ترش عادة تجعلها أكثر احمراراً، وتباع قبل موعد الحصاد بأسعار مرتفعة. وأضاف مراد علي من مدينة «بسيون بالغربية» أنه عندما يحتاج لرش محصوله فإنه يذهب لبائع المبيدات ويسأله عن أفضل شيء، قائلاً: لا بنشوف مرشد ولا غيره احنا بنشتري من المحل القريب الموجود بالقرية وهو كله ماشي. ويشير سيد محمد الديب من مدينة «البداري» «أسيوط» أنه عندما يذهب للجمعية الزراعية التابع لها زمام أراضينا لنستفسر عن المبيد الأفضل لزراعات الرمان الذي تشتهر به المدينة ينفي الموظف وجود المرشدين الزراعيين «لو عايزين مبيدات هاوريك اللي عندي وأنت شوف النوع اللي أنت عايزه، ورشه وبالشفا» وهو ما دفعنا لشراء أنواع بعينها استناداً لتجارب جيراننا أو بناء علي نصيحة صاحب المحل. مخاطر المبيدات المصرح بها في حال استخدامها بعشوائية لا حصر لها ويضاف إليها المبيدات المهربة التي يجني مهربوها أرباحاً تفوق أرباح تجارة المخدرات حسب ما قاله أستاذ السموم والمبيدات بجامعة عين شمس د. زيدان هندي. ويصل حجم تداول المبيدات سنوياً وفقاً للأرقام الحكومية المعلنة إلي 2800 طن 45% من المزارعين المحاصيل بعد رشها مباشرة، رغم وجود 17 جهة رقابية للتأكد من سلامة المحاصيل: ويقول د. زيدان هندي، إن استخدام المبيدات يتسم بالعشوائية ولا توجد ضوابط واضحة لا فتاً إلي أنه قام بعمل دراسة علي مجموعة كبيرة من المزارعين وكانت نتائجها «مفزعة» حيث أوضحت النتائج أن هناك 45% من المزارعين والمستهلكين يأكلون الحاصلات الزراعية دون أي اعتبارات لفترة ما قبل الحصاد في حين أن هناك 35% يتناولون المحاصيل الزراعية بعد مرور يوم واحد فقط من رشها بالمبيدات، بينما يتناول الحاصلات 18% من الناس بعد رشها بعدة أيام. وأضاف إن الدراسة أن 34.57% من المزارعين يشترون المبيدات وفقاً لنصائح البائع، فيما يعتمد 42.5% منهم علي بائعي المبيدات عند ظهور الآفة. وعن طرق التخلص من عبوات المبيدات، أوضحت الدراسة أن معظم المزارعين يتخلصون من الفوارغ بإلقائها في قنوات الري والصرف، ونادراً ما يقومون بالتخلص منها بشكل آمن أو دفنها تحت الأرض. وأضاف «زيدان» : إن عدداً من الدراسات ذكرت أن الكثير من المبيدات أدت لتزايد حالات الفشل الكلوي والكبدي والسرطانات وغيرها من الأمراض. لكن الأخطر حسب قوله هو عملية تهريب ودخول المبيدات المغشوشة واصفاً أرباح تجارة المبيدات المغشوشة بأنها تفوق تجارة الهيروين والأخطر أنها سموم تصل لأكبر عدد من الناس في حين أن الهيروين يصل لمن يرغبون في تعاطيه فقط. وقال د. حسين منصور، رئيس جهاز سلامة الغذاء، إن الرقابة علي المبيدات منعدمة ومن ثم فإن 100% من الخضروات الموجودة في السوق غير آمنة، مشيراً إلي ضرورة الإسراع بالانتهاء من قانون جهاز سلامة الغذاء حتي يمكن ضبط عملية الاستخدام العشوائي للمبيدات. وضمان المراقبة الجيدة للسوق من خلال جهة واحدة وليس من خلال 17 جهة متضاربة. وعن غياب المرشد الزراعي قال المهندس حسن صالح رئيس إدارة الإرشاد الزراعي بوزارة الزراعة أن جهاز الإرشاد الزراعي يعاني من أن الميزانية المتوافرة لتطوير العلم لا يعتمد عليها إلي جانب ما يلزم لسداد رواتب العاملين بالجهاز كاشفاً عن أن هناك أعداداً كبيرة من المرشدين الزراعيين خرجوا علي المعاش وأن الحصر الذي تجريه حالياً الإدارة أثبت أن هناك بعض المحافظات الكبري ستخلو تماماً من المرشدين الزراعيين.