في الوقت الذي ينظر فيه الشعب إلي الانتخابات البرلمانية باعتبارها أول عرس ديمقراطي تشهده البلاد منذ 30 عاما عزفت فيها جموع المواطنين عن المشاركة السياسية بفضل فساد النظام السابق إلا أن البلطجة والفلول والشعارات الدينية التي أكد عليها عدد من الخبراء وقيادات الأحزاب وشباب الائتلافات ربما تكون قنابل موقوتة تهدد بتأجيل الانتخابات أو الغائها في حال ازدياد اعمال العنف. ورغم تأكيد المجلس العسكري علي امكانية السيطرة علي الوضع الحالي بالتعاون مع جهاز الشرطة إلا أن خبراء الامن والسياسة في ظل حافظة ممتلئة بالوقائع المؤلمة مع الانتخابات أكدوا ان عمليات التأمين لا يمكن ان تكون مكتملة بنسبة 100% والغرض دائما هو الخروج بأقل الخسائر وتحجيم أي أعمال شغب. خبراء: تأمين الانتخابات لا يكون بنسبة %100.. ومقترحات بميثاق شرف للدعاية طالب خبراء أمنيون وسياسيون وحقوقيون بالتأكيد علي قدرة الدولة في السيطرة علي مجريات الانتخابات البرلمانية المرتقبة وضبط النفس دائما من قبل جميع القوي للحفاظ علي سلامة عمليات التصويت. وقال اللواء نشأت الهلالي الخبير الأمني ومدير أكاديمية الشرطة السابق إنه من المفترض أن تضع الداخلية بالتعاون مع المجلس العسكري مجموعة من الخطط الأمنية التي تمكنها من السيطرة علي الأوضاع داخل البلاد والتصدي لاي مفاجآت. وأضاف اللواء نشأت الهلالي إلي أن الانتخابات هذه المرة مختلفة عن المرات السابقة، حيث للمرة الأولي التي يقوم فيها جهاز الأمن بتأمين انتخابات تجري بنظام القائمة فهي تجربة جديدة عليه في حين أن جهاز الشرطة مازال يسترد عافيته وبالتالي فالتعاون مع الجيش لا يمكن ان يقبل الجدل، خاصة مع انتشار الالاف من قطع السلاح وانتشار البلطجية، لافتا الي ان الداخلية أفرجت عن اكثر من 1800 معتقل من العناصر شديدة الخطورة وهي عناصر قد تضر بالعملية الانتخابية. وأكد الهلالي أنه من الصعب أن يتم القضاء علي المشكلات بنسبة 100% ولكن دائما المحاولات تنحصر في إطار تحجيمها، مشيرا إلي أن تأمين الانتخابات لا ينحصر في يوم التصويت فقط بل يشمل أيضا السرادقات والمسيرات التي ينظمها المرشحون بجانب ما يحكم رجال الامن من تدخلات قد تكون مسموحة في حال خروج لقاءات المرشحين عن مسارها بما يبيح للشرطة التدخل، وليس من الضروري ان تكون الدوائر التي حدث بها مشكلات انتخابية سابقة كما حدث في انتخابات 2010 السابقة. وحول اللجوء لاقتراح تشكيل لجان شعبية قال الهلالي إن مثل هذه الاشياء تحتاج الي تفكير دقيق يلزمها بضوابط ومعايير صارمة خاصة مع وجود جرأة كبيرة لدي كثيرين في استخدام السلاح. ومن جانبه قال حافظ أبو سعدة لابد من إصدار قرار يمنع وجود مسلحين أمام اللجان حتي اذا كان سلاحهم مرخصاً، فمصر تحتاج لاستكمال مؤسساتها حتي تستطيع أن تفكر في مشروعات للتمويل، مؤكدا ان المنظمات الحقوقية لا يمكن لها أن تقوم بتأمين اللجان لانها تحتاج الحماية تماما كما هو الحال للمواطنين الآخرين، رافضا الدعوة لتشكيل لجان شعبية لأن دولة كمصر تلتفت اليها الأنظار من شتي البقاع وبالتالي تسوء النظرة الي البلاد التي يفترض انها تستطيع حماية جبهتها الداخلية. واشار د. جمال عبد الجواد الخبير بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام الي أن الوضع الملتهب بالبلاد يحتاج الي ضبط النفس، مقترحا عمل ما اسماه بميثاق شرف بين القوي السياسية وبعضها خاص بالدعاية الانتخابية وحملات المرشحين والابتعاد عن الدعاية السوداء. الإسلاميون: نثق في وعد المجلس العسكري بحماية الانتخابات والجماعة الاسلامية تشكل لجانًا شعبية خاصة سيطر التفاؤل الحذر علي رأي الجماعة الإسلامية بشأن المخاوف من إجراء الانتخابات واجتياز هذه المرحلة الحرجة وقال الشيخ صفوت عبد الغني وكيل مؤسسي حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الاسلامية: إن مطالب القوي السياسية بتأمين العملية الانتخابية لا يمكن أن تأتي بعيدا عن المجلس العسكري الذي تعهد بالسيطرة علي مقاليد الامور وإجراء الانتخابات في أجواء طبيعية، مطالبا بأنه من الممكن ان يتم الاتفاق علي تشكيل لجان أهلية لحماية العملية الانتخابية بالتعاون بين المجلس العسكري ووزارة الداخلية والقوي السياسية. وأشار عبد الغني إلي أن احتمالات حدوث اعمال عنف ببعض المناطق أمر وارد خاصة في محافظات الصعيد بسبب وجود العصبيات القبلية والعائلية وعدد كبير من عناصر الفلول، مؤكدا أن الاجواء الحالية تجعل هناك صعوبة في إمكانية تزوير الانتخابات مرجحا أن تشهد البلاد عرسا ديموقراطيا حقيقيا. وأضاف الشيخ عاصم عبد الماجد أنه لا يتوقع حدوث أي قلاقل أو أعمال شغب خلال هذه الانتخابات نتيجة الحالة الثورية التي تعيشها مصر، موضحا أن جماعته قد تلجأ الي حشد أنصارها في شكل لجان شعبية مع مندوبيها في الدوائر الانتخابية للتواجد أمام اللجان للعمل علي حفظ الامن وعدم حدوث أي توترات تفسد العملية الانتخابية. وفي المقابل قال صبحي صالح القيادي البارز بجماعة الاخوان ومرشح الجماعة بالإسكندرية علي مقاعد مجلس الشعب أن الاختلال الامني الحادث في مصر يعد فوضي منظمة يديرها فلول الحزب الوطني المنحل وفلول جهاز أمن الدولة السابق، غير أن الثقة تظل رهينة بالوعود التي قطعها المجلس العسكري علي نفسه بحماية الانتخابات. وأشار صالح إلي أن كل البؤر الاجرامية معروفة لدي رجال الداخلية، ويجب الإمساك بهذه العناصر المخربة قبل بدء العملية الانتخابية خاصة أن بلطجية الانتخابات دائما ما كانوا يحتمون بعناصر الفلول التي كانت تمولهم بجانب بعض العناصر الامنية الفاسدة التي كانت تسمح لهم بذلك دون التعرض لهم، موضحا أنه لا توجد أي انتخابات قد تخلو من الرشاوي الانتخابية، ولكن الفساد سيقل خلال هذه المرحلة نتيجة ارتفاع وعي الشعب بأهمية القضاء علي الفساد، مطالبا القوي السياسية بعدم اصطناع أي أزمات قد تسمح بوجود مشكلات أكبر نتيجة لاندلاعها. الائتلافات: «احذروا أموال الفلول.. وتوقعوا مزيدا من البلطجة» الحذر من الفلول وتوقع مزيد من عمليات البلطجة هذه الرؤية التي أكد عليها شباب الائتلافات الثورية، خاصة مع انتشار آلاف القطع من الاسلحة داخل الشارع المصري دون أي سيطرة علي ذلك.. قال طارق الخولي "الجبهة الديمقراطية" المتحدث الإعلامي للحركة أنهم سيقومون بمراقبة الانتخابات بالتعاون مع اللجان الشعبية في جميع الدوائر حتي شمال وجنوب سيناء لحماية الصناديق وفضح التزوير في حال حدوثه، معبرا عن قلقه من اعتماد عدد من المرشحين علي قدراتهم المادية خاصة قيادات الحزب الوطني المنحل لذا نتوقع أن تشهد هذه الانتخابات اكبر عدد من البلطجية خاصة في مناطق الصعيد نظرا للعصبيات القبلية، متوقعا أن يستحوذ الفلول علي ثلث البرلمان المقبل. واضاف الخولي أن الرهان علي سلامة الانتخابات بأنه تم اجراء الاستفتاء دون حدوث مشكلات غير صحيح حيث ان المواجهة هذه المرة مع الفلول من النظام البائد. وقال محمد عباس عضو ائتلاف شباب الثورة أنهم بدأوا التنسيق مع اللجان الشعبية بالمناطق والاحياء في العاصمة والمحافظات للعمل علي تأمين عمليات التصويت وخروج الصناديق وحتي الفرز، مشيرا الي توقعه حدوث مصادمات عنيفة في معظم الدوائر التي ينتشر بها البلطجية خاصة أن الانتخابات بالنسبة لهؤلاء موسم للاسترزاق. وأشار عباس الي قلقه من ان تتحول الامور الي مجزرة نظرا لكميات السلاح المنتشرة بالشارع، بالإضافة إلي الاقبال الكبير من المواطنين علي شرائها، حيث يصل سعر الاربيجيه الي اكثر من 10 آلاف جنيه. ومن جانبه قال محمد القصاص المتحدث باسم ائتلاف شباب الثورة أنه من الضروري أن تعمل الدولة علي دمج الشباب في خطة تأمين الانتخابات خاصة في ظل وجود محاولات لافساد العملية الانتخابية برمتها، مؤكدا علي احتمالات حدوث اعمال عنف بنسبة كبيرة نتيجة مشاركة الفلول. واضاف أحمد السكري عضو المكتب التنفيذي لاتحاد شباب الثورة أنهم رغم اعلان الاتحاد مقاطعة الانتخابات الآن انهم سيقومون بمبادرة لتأمين وحماية الانتخابات بالتعاون مع الجيش والداخلية كما حدث خلال امتحانات الثانوية العامة، مشيرا إلي أنهم سيعرضون امكانية المساهمة في ذلك الامر بمختلف المحافظات علي المجلس العسكري. الأحزاب تتخوف من منع الناخبين .. وتوقعات بحدوث صراعات طاحنة بين الإسلاميين قال عبد الغفار شكر القيادي بالجمعية الوطنية للتغيير وحزب التحالف الشعبي: إنه من المفترض أن يتكاتف المجتمع المدني والجمعيات الاهلية والحقوقية لتشكيل لجان شعبية ذات مغزي وهدف واضح هو تأمين العملية الانتخابية ومعاونة الاجهزة الامنية في ذلك، وفض اي خلافات أو مشاجرات تحدث أمام أو داخل المقار الانتخابية، مطالبا بوضع خطة لاحتواء اي اعمال عنف في أي منطقة مرشحة لتصاعد الأحداث بها. وأشار شكر إلي أن الاوضاع السيئة قد تصل خلال الانتخابات إلي منع الناخبين من الوصول إلي صناديق الاقتراع لصالح المنافس الاخر فليس بالضرورة ان تكون البلطجة من خلال الضرب ولكن قد تكون باشاعة جو من القلق والتوتر بما يؤثر علي صوت الناخب، مؤكدا أن كل ذلك بفضل انتشار الفلول وعدد من كبار رجال الاعمال الذين لديهم رغبة في دعم مرشح بعينه، مؤكدا أنه إذا حدثت بلطجة أو أي أعمال عنف بشكل مبالغ فيه سيؤثر ذلك بالسلب علي العملية الانتخابية التي قد تنتهي الي تأجيلها إلي مرحلة أخري. وقال طارق سباق القيادي الوفدي إنه يوافق علي أن تشكل الاحزاب لجاناً شعبية للمساعدة في عمليات التأمين، مطالبا الداخلية بجمع جميع البلطجية لانها تعرفهم بما لديها من قدرات أمنية، مشيرا الي صعوبة اثبات أي وقائع رشوة قد تحدث امام اللجان الانتخابية نظرًا لان المرشح لا يقوم بشراء الاصوات بنفسه وانما من خلال أتباع له، متوقعا مزيداً من الاقبال علي العملية الانتخابية بعد عزوف الناس عن التصويت خلال العهد البائد. وأكد سباق ان المرشحين لديهم القدرة علي توفير عناصر تابعة لهم للحفاظ علي عمليات التأمين، معبرا عن تخوفه من اندلاع اي اعمال عنف في مناطق الصعيد نظرا للطبيعة العائلية لكن في نهاية الامر سنشهد عرساً ديمقراطياً، مؤكدا انه من الممكن ان يتم منع الناخبين من التصويت لذا يجب تكثيف التواجد الامني امام اللجان. وأشار ابراهيم زهران رئيس حزب التحرير الصوفي إلي أنه يتوقع حربا اهلية طاحنة بين التيارات الاسلامية الاخري مثل الاخوان والسلفيين علي المقاعد الانتخابية قد تتحول الامور فيها الي ميليشيات مسلحة اذا تمت الموافقة علي تشكيل لجان شعبية حيث ستتم السيطرة عليها من قبل الاخوان والسلفيين وبالتالي ستحدث احتكاكات. ومن جانبه قال ممدوح رمزي المحامي: إن التأمين هو مهمة القوات المسلحة والشرطة، مستبعدا أن تكون أي من الاحزاب الموجودة علي الساحة لديها القدرة علي التصدي للبلطجة باستثناء الاخوان، مطالبا بالغاء الانتخابات اذا كانت المؤشرات تؤكد التصعيد المستمر لهذه الاعمال خلال فترة الدعاية. وأضاف رمزي ان انتخابات الشعب ليست كالاستفتاء الذي جري علي تعديل الدستور، لذا ينبغي تفعيل دور اللجان الشعبية في الحفاظ علي استقرار الاوضاع، خاصة في مناطق الصعيد. وأضاف مايكل منير مؤسس حزب الحياة "تحت التأسيس" أنه لا يتخيل ان يكون هناك تأمين للانتخابات حتي في وجود الجيش والشرطة فالوضع الامني مقلق للغاية ويصعب السيطرة عليه وبالتالي لا يستطيع الناخب أن يدلي بصوته في حرية.