يتحمل قطاع العلاقات الثقافية الخارجية بوزارة الثقافة، مسئولية التبادل الثقافي بين مصر وبين دول العالم، ويمثل جزءا من السياحة الثقافية التي تعبر عن ثقافة الشعب المصري، عن دوره في تصدير وجه مصر الجديد بعد الثورة للعالم، السابق، تحدث إلينا المهندس والشاعر حسام نصار، الذي كان يعمل مستشارا للوزير السابق فاروق حسني للعلاقات الدولية والتخطيط الاستراتيجي، ثم تولي منصب رئيس قطاع العلاقات الثقافية، بعد خسارة حسني في انتخابات اليونسكو، إلي نص الحوار. تم تعينك كرئيس قطاع العلاقات الثقافية الخارجية بعد فشل الوزير فاروق حسني في انتخابات اليونسكو، فهل أثرت تجربة "اليونسكو" علي العلاقات الخارجية الثقافية؟ كنت مستشارا لوزير الثقافة السابق الفنان فاروق حسني للعلاقات الدولية والتخطيط الاستراتيجي 2008، ثم مسئول عن ملف الترشيح لليونسكو، كانت تجربة مرهقة، فالتعامل مع دول العالم في آن واحد ليس أمراً سهلاً، فقد خصصت الدولة 5 ملايين دولار ميزانية للحملة الدعائية، ولكن فاروق حسني كان شحيحا لا ينفق إلا للضرورة القصوي، لذلك أعدنا إلي الدولة أربعة ملايين دولار، ولم يفارق عقل فاروق أثناء انتخابات اليونسكو حادثة "صفر المونديال"، وكان معه حق، فحرص علي أن تكون الخسائر بأقل التكاليف، وفي تقديري نجحنا ولم نفشل، لأن الفارق كان في صوت واحد فقط، وهو إفريقيا التي كانت جرحاً كبيراً لنا، وكنا متوقعين ذلك من الجولات الأخيرة. لماذا في رأيك خسرنا صوت إفريقيا؟ رغم حصولنا علي نصف أصوات العالم، فإن موقفنا السياسي الخارجي مع الملف الإفريقي كان ضعيفا جدا، وبعد الانتهاء من مشوار اليونسكو، عرض علي الوزير السابق منصب رئيس قطاع العلاقات الثقافية الخارجية، ولكنه اشترط أن أتقدم مثل كل المتقدمين للمنصب، وأقدم خطة استراتيجية للتبادل الثقافي الخارجي، ومن أول يوم عمل غيرت خريطة العلاقات الثقافية الخارجية، وقدمنا أفكارا جديدة للتبادل الثقافي للعالم. البعض يحسبك علي النظام السابق لعملك مع فاروق حسني، فما رأيك؟ - شرف لي أن يتم احتسابي علي فاروق حسني، فهو إنسان راق وفنان تشكيلي له خصوصية متفردة، وخبير في الفعل الثقافي والفني والسينمائي والأوبرا والآثار، وكل فروع الفنون والثقافة والأدب والشعر، ومدرك لكل كبيرة وصغيرة في الثقافة، قضي عمره في المطبخ الثقافي، وتعلمت منه الكثير ولكني لي شخصيتي المستقلة، ولم يتدخل في قراراتي بل كان يشجعني علي الاستمرار باستقلالية، وليس هناك ما يمنعني من القول إن فاروق حسني مدرسة للكثيرين، لماذا الإنكار؟!. هل كان النظام السابق يتدخل في تعاملك مع الدول فيشجع دولاً ويرفض أخري؟ - لا هذا لم يحدث، ولم نميز دولة علي الأخري، ولا أقبل أي تدخل في عملي، ووافقني فاروق حسني علي الاستقلالية التامة، خاصة أنني لا أرتبط بوزارة الثقافة من خلال فنانيها أو الفرق المسرحية أو الكتاب والأدباء، ولا أرتبط بأي تفاصيل روتينية، أنا في حالة بحث دائمة عن الإبداع والجودة، وتبنيت فرقاً غير مشهورة، واخترتها لتمثيل مصر في الخارج. واعتبر القطاع مؤسسة رسمية تمثل الثقافة المصرية، ولا يمثل وزارة الثقافة المصرية، فهناك فرق كبير بين تمثل الثقافة وتمثل الوزارة. ومن أمثلة استقلاليتي، أنني وافقت علي سفر لوحة العام الماضي في معرض "بالدوحة"، لفنان مصري رسم أحمد نظيف وجمال مبارك وحولهما دولارات، وتحملت مسئولية سفر هذا العمل، ودعوت مجموعة من الأدباء المعارضين للنظام في ندوات وفعاليات خارجية، ولا يعنيني إلا الفن الجيد، أنا في الأصل شاعر معارض، وأشعاري ومقالاتي المنشورة من قبل الثورة توضح ذلك مثل: "سبتمبر الحزين" وديوان "كلمة في ودن الموت" و"تايه بيدور عالبلد" وغيرها. ولم أستفد من منصبي بأي شكل، فلم أطبع أي إنتاج شعري داخل وزارة الثقافة، وعندما توجه لي دعوة كشاعر من داخل المؤسسة الثقافية اعتذرعنها، فأنا هنا داخل الوزارة موظف حكومي فقط. ولكننا علمنا أنك تعرضت لهجوم من النظام السابق بشكل شخصي .. ما تعليقك؟ لا أحد يعلم ما تعرضت له بسبب اعتراضي علي الأوضاع التي أرفضها، فقد تعرضت لقهر من قبل التحاقي بوزارة الثقافة من 2003 إلي 2008 بسبب قولي: "لا" لمجموعة من رجال الأعمال الموجودين بالسجن الآن، عملت معهم في شركات كثيرة بصفتي مهندساً، ورفضت إغراءات النظام فمنعوني عن العمل، وسدوا أمامي كل الطرق، لدرجة وصلت لبيع شقتي حتي أكمل مصاريف أولادي، وعندما رشحني الوزير السابق فاروق حسني للعمل في الهيئة العامة للكتاب، وقف ضدي كل رجال الأعمال، وطالبوه باستبعادي، لكن فاروق لم يسمع لهم، لذلك لا أنسي لهذا الرجل موقفه معي، وعرضوا عليه أن يكون لي برنامج تليفزيوني يومي، ولكن رفضت ويقال الذي أوقف تعييني في الهيئة هو وزير الإعلام السابق "أنس الفقي" بإيعاز من حرم الرئيس السابق "سوزان مبارك". هل اعتذرت لشعب الجزائر عن أزمة مباراة الكرة بشكل شخصي أم رسمي؟ - اعتذاري لشعب الجزائر لم يخرج عن حدود الاعتذار الشخصي، وقلت لهم: "إن مصر أكبر من أن أعتذر باسمها"، فالعلاقات بين مصر والجزائر أكبر من مباراة كرة، وقد تم استقبال وزير الثقافة عماد أبو غازي بالجزائر استقبالا جماهيريا رائعا، عندما ذهب لحضور افتتاح الأسبوع الثقافي بالجزائر، وهذا الاستقبال أكبر دليل علي انتهاء الأزمة بين الدولتين، فالعلاقة بين مصر والجزائر أكبر من اختزالها في مباراة كرة القدم، ولا ننسي أن الجزائر قامت بدور مهم مع مصر في اليونسكو وأعطتنا صوتها، رغم أنها كان لها مرشح للمنصب. يشتكي الفنانون من منع بيع أعمالهم في الأسابيع الثقافية المصرية بالخارج، وضعف البدل النقدي، فما ردك؟ - لائحة العلاقات الثقافية تقيم أنشطة وفعاليات غير تجارية، كما أن اتفاقيات التبادل الثقافي بين الدول واللوائح هي التي تمنع البيع، أما البدل النقدي بالفعل هزيل، ولا يغطي نفقات السفر الضرورية، ولا يتناسب مع الحالة الاقتصادية المرتفعة في بعض الدول التي تقام فيها الأسابيع الثقافية، ولكن يجب ألا ننسي أننا نمر بظروف صعبة، فبدل السفر الآن موحد مهما اختلفت صفة المرشحين للسفر، ويطبق علي الجميع بدون استثناءات أو مجاملات. هل كان لفنون الميدان وشباب الثورة نصيبا مع القطاع؟ - نعم للشباب مكان بالقطاع قبل الثورة وبعدها، فالفن المصري الحقيقي الصادق ظهر في التحرير، ذلك الميدان الذي كشف لنا حالات إبداعية رائعة، فسافر معنا فرق شابة مثل: "الشارع" و"السندريللا" و"مسار إجباري"، بالإضافة لعدد من الفنانين المستقلين، ويومياً هناك مشاهدات أقوم بها مع لجنة مشاهدة متخصصة، لاختيار الفرق والمواهب، كما شكلت إدارة جديدة بعنوان "إدراة تحريك ثقافي" نستعد لمعرض "للفنون التلقائية للميدان" التي انتجها فنانون من الشعب غير معروفين، لتحمل روح ونبض الشارع المصري، مثل فنون كاريكاتير ومطربين وشعراء وفرق موسيقية. كم تبلغ ميزانية قطاع العلاقات الثقافية الخارجية؟ - 16 مليون جنيه، أعتبرها ميزانية مضحكة، لا تكفي لتصدير ثقافة مصر واستيراد ثقافات لأكثر من 200 دولة في العالم، ولكن بهذه الميزانية المحدودة نجحنا خارج مصر وداخل مصر في توصيل الموروث الثقافي. كيف تري المشهد السياسي ومدي تأثيره علي العلاقات الثقافية الخارجية؟ - العلاقات الثقافية عليها دائما عبء ومسئولية بإعادة ثقة العالم فيما يحدث في الشارع المصري، وأن الحراك الحادث حاليا بالشارع استكمالا للثورة، ولا خطر منه، وليس أكثر من مجرد خلافات وجهات نظر، وشعارنا هو البحث عن ثقافة المشترك والبعد عن مناطق الاختلافات الجوهرية، التي لا تنتهي ولا داعي للحوار.