حديث دار بين الأستاذ "عادل حمودة" والدكتور "السيد البدوي" رئيس حزب الوفد (الليبرالي)، في برنامج (هنا العاصمة) مساء الأربعاء الماضي أثارني ما جاء في الحديث: بأن كشف الأستاذ "حمودة" عما دار في جلسة خاصة حضرها مع الدكتور "البدوي" ومجموعة من أقطاب التيارات السياسية! وجاء علي لسان أحد هؤلاء الأقطاب ممن يحملون درجة الدكتوراه (دون الإفصاح عن اسمه) بأن الديمقراطية التي تنادي بها القوي السياسية المصرية وعلي رأسهم (حزب الوفد)، هو سعي لإباحة الحريات، والشذوذ الجنسي في المجتمع المصري! (ياخبر أسود) الديمقراطية تعريفها لدي هؤلاء (شذوذ جنسي)! وأن السيادة للشعب معناه خروج عن "حكم الله"! وهذا يذكرنا أيضاً بتعريفات أطلقتها الجماعات السياسية الإسلامية (كالسلفيين) بأن الخروج في مظاهرات ضد الحاكم (حرام)! هذا ما كانوا يطلقونه ويعلنونه صراحة قبل نجاح (ثورة 25 يناير) في إسقاط ركائز النظام السابق (وليس النظام) وهناك أيضاً مقولة أو أقوال صريحة ومعلنة من بعض هؤلاء الملتفحين بالدين وممارسين جدد في السياسة المصرية، بأن السياحة الحرة غير المقيدة بشروط (حرام)! وسفور "المرأة" وعملها حرام!!كما حرموا أن يتولي السلطة قبطياً أو امرأة! وغيرها من تعريفات وتوصيفات وآراء، تهدد بالفعل مستقبل المدنية في مصر! مصر التي قادت الحضارات وقادت المدنية في العالم، بل تميزت (مصر) بأنها صاحبة أقدم وأكبر القوي الناعمة في العالم، قبل أن تمارسها (الولاياتالمتحدةالأمريكية) بأفلامها (الهوليوودية) وموسيقاها، وثقافتها المنادية بالحرية والديمقراطية (في الظاهر) وفي باطن الأمر، مصالح (الولاياتالمتحدة فقط)! دون غيرها! ومع ذلك ونحن علي أبواب مرحلة جديدة من حياة شعب مصر وعلي مدخل تاريخي، حيث أنهينا عصراً من عصور الديكتاتورية، وبدأنا طرق أبواب الحرية، ونسعي للديمقراطية عقب تلك الثورة الشعبية العظيمة، تلك الثورة التي أطاحت (بأنصاف الآلهة)، وجلبت لنا هؤلاء الخارجين من الظلام، لكي يشاركوا في صنع المستقبل بأفكار أكثر سواداًً من (لِحَاهِمْ)! ما هو موقف شعب مصر، الأغلبية العظمي، الثمانين مليون مصري ومصرية؟ ما رأي النخب المصرية من هذه الأفكار، وكيف سنواجهها، رغم ما لديهم من تنظيمات وقدرة علي تجميع أنفسهم، والبسطاء من شعب مصر، أمام تباطؤ وتكاسل، وعدم تلبية نداء صناديق الانتخابات، وأمام عدم القدرة علي حسن الاختيار، لنواب الشعب في برلمان قادم يمثل أخطر برلمان في الحياة السياسية المصرية علي الإطلاق، أمام هؤلاء المتشككين في وجود أحكام دستورية أو مبادئ لوثيقة وطنية، تحدد شكل النظام السياسي في مصر في المستقبل القريب، وأهمها بأن (جمهورية مصر العربية)، جمهورية ديمقراطية تستمد قوانينها من مبادئ الشريعة الإسلامية وأن المواطنة هي الأساس في دستور الدولة المدنية، حتي تلك التوصيفة (المدنية) اتهمها هؤلاء بأنها (علمانية) تدعو (للإلحاد)! وهذا غير صحيح وبعيد عن الواقع وعن حتي التاريخ الإسلامي، حيث ثبت بأن أول دولة مدنية في التاريخ هي التي أنشأها (الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم) بوضعه لوثيقة (المدينةالمنورة)، هذه الوثيقة التي ضمنت للمهاجرين والأنصار واليهود وحتي المشركين في (المدينةالمنورة) للتعايش معاً، دون قهر! ولكن التفسيرات تختلف اليوم بين الملتفحين بالدين وبين القوي السياسية في المجتمع المصري، بل ومن عامة الشعب المصري المؤمن بمدنية الدولة وتمدينها، ولعل وثيقة التحالف الديمقراطي، تلك الورقة التي توافقت تلك القوي بما فيها (حزب الوفد) (بإجماع هيئته العليا) لم يوافق عليها المتشككون! وهنا دور الشعب المصري والنخب الذين لا ينكرون الحق الأصيل لهؤلاء في المشاركة السياسية ولا يجب أن نفكر في إقصائهم عن الممارسة السياسية التي غابوا عنها بالقوة الجبرية في النظم السابقة بإيداعهم في السجون! واجب علي النخب السياسية والشعب أن يحاوروهم، وأن نبذل جهداً لإفهامهم المعاني الحقيقية للديمقراطية وللمواطنة، هذا من جانب النخب، أما في الطرف الآخر فيجب علي هؤلاء أن يسجلوا تنظيماتهم في سجلات الوطن الرسمية والقانونية وبشفافية كاملة، حتي نعلم كشعب من أين يأتيهم التمويل ومن أين يستوردون أفكارهم أيضاً!