يقول تعالي: (قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) «الزمز: 53». تفسير الآية: يخبر الله تعالي عباده المسرفين بسعة كرمه، ويحثهم علي الإنابة إليه قبل أن لا يمكنهم من ذلك ملك الموت، فينادي الله عليهم أن يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم باتباع ما تدعوهم إليه أنفسهم من الذنوب، والسعي في مساخط علام الغيوب. لا تيأسوا من رحمة الله، فتلقوا بأيديكم إلي التهلكة، وتقولوا قد كثرت ذنوبنا وتراكمت عيوبنا، فليس لها طريق يزيلها ولا سبيل يصرفها، فتبقون بسبب ذلك مصرين علي العصيان، متزودين ما يغضب عليكم الرحمن، ولكن اعرفوا ربكم بأسمائه الدالة علي كرمه وجوده، واعلموا أنه يغفر الذنوب جميعا من الشرك، والقتل، والزني، والربا، والظلم، وغير ذلك من الذنوب الكبار والصغار، فالله وصفه المغفرة والرحمة، وصفان لازمان ذاتيان، لا تنفك ذاته عنهما، ولم تزل آثارهما سارية في الوجود، مالئة للموجود، تسح يداه من الخيرات آناء الليل والنهار، ويوالي النعم علي العباد والفواضل في السر والجهار، والعطاء أحب إليه من المنع، والرحمة سبقت الغضب وغلبته، فهلم إلي سبيل الله، والطريق الأعظم.