استمعت إلى خطبة الجمعة الماضية 3/6/2011 بمسجد المرابعين بدمياط لفضيلة الشيخ الأستاذ / السيد حمودة بعنوان (التوبة إلى الله) بدأ فضيلة الشيخ بتعريف التوبة التوبة هي الرجوع إلى صراط الله بعد الانحراف عنه ، و لا تتحقق التوبة إلا بالندم على فعل السيئات ، و العزم على ترك الذنوب و عدم الرجوع إليها ، مع الجد في ترميم الصدع الذي طرأ على حياة الإنسان المعنوية بسب تلك الذنوب ، و المبادرة إلى أداء حقوق الناس و حقوق الله التي ضيعها الإنسان في تلك الفترة . و بعد كل هذا إذا استغفر الإنسان ربه بصدق قَبِلَ الله توبته . ما هي الذنوب التي تغفر ؟ ليس من ذنب إلا و يغفره الله الغفور الرحيم ، قال الله جل جلاله { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * } يخبر الله تعالى عباده المسرفين بسعة كرمه، ويحثهم على الإنابة قبل أن لا يمكنهم ذلك فقال: { قُلْ } يا أيها الرسول ومن قام مقامه من الدعاة لدين اللّه، مخبرا للعباد عن ربهم: { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ } بإتباع ما تدعوهم إليه أنفسهم من الذنوب، والسعي في مساخط علام الغيوب. { لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ } أي: لا تيأسوا منها، فتلقوا بأيديكم إلى التهلكة، وتقولوا قد كثرت ذنوبنا وتراكمت عيوبنا، فليس لها طريق يزيلها ولا سبيل يصرفها، فتبقون بسبب ذلك مصرين على العصيان، متزودين ما يغضب عليكم الرحمن، ولكن اعرفوا ربكم بأسمائه الدالة على كرمه وجوده، واعلموا أنه يغفر الذنوب جميعا من الشرك، والقتل، والزنا، والربا، والظلم، وغير ذلك من الذنوب الكبار والصغار. { إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } أي: وصفه المغفرة والرحمة، وصفان لازمان ذاتيان، لا تنفك ذاته عنهما، ولم تزل آثارهما سارية في الوجود، مالئة للموجود،.تسح يداه من الخيرات آناء الليل والنهار، ويوالي النعم على العباد والفواضل في السر والجهار، والعطاء أحب إليه من المنع، والرحمة سبقت الغضب وغلبته، .ولكن لمغفرته ورحمته ونيلهما أسباب إن لم يأت بها العبد، فقد أغلق على نفسه باب الرحمة والمغفرة، أعظمها وأجلها، بل لا سبب لها غيره، الإنابة إلى اللّه تعالى بالتوبة النصوح، والدعاء والتضرع والتأله والتعبد،. فهلم إلى هذا السبب الأجل، والطريق الأعظم. ومن شروط التوبة : صحيح أن الله سبحانه و تعالى يقبل توبة عباده المذنبين لكنه تعالى جعل للتوبة شروطاً ومنها : أن تكون التوبة قبل معاينة المذنب حالة النزع و الموت ، قال عزَّ ذكره : ﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) ثم تطرق الشيخ إلى نبي الله داود عليه السلام واستغفاره لله وجمع الله لداود الملك والنبوة، فكان ملكًا نبيًّا، وأنزل عليه الزبور، وهو كتاب مقدس فيه كثير من المواعظ والحكم، قال تعالى: {وآتينا داود زبورًا}[النساء:163] وأعطى الله لداود صوتًا جميلاً لم يعطه لأحد من قبله، فكان إذا ق رأ كتابه الزبور، وسبح الله، وقف الطير في الهواء يسبح الله معه، وينصت لما يقرؤه وكذلك الجبال فإنها كانت تسبح معه في الصباح والمساء، .وقد كانَ نبيُ الله داودُ عليه السلام قد أتاه الله تبارك وتعالى من المُلكِ والنِعمِ الكثيرةِ يأكلُ من كَسبِ يدِه، ويقومُ الليلَ والنهار في طاعةِ الله سبحانَه وتعالى، ومن ضمن ما آتاه الله سبحانه: « الحكمة وفصل الخطاب ».. وهذا الفصل من مظاهره القضاء الصحيح في الحكم بين المتخاصمَين المترافعَين. هذه الحقائق التي فاز بها النبيّ داود عليه السّلام قد أثبتها القرآن الكريم له، وهي دالّة على علوّ شأنه، وشدّة ارتباطه بالله تعالى. (وهل أتاكَ نَبأُ الخصمِ إذ تَسوَّروا المحراب. إذ دَخَلوا على داودَ ففزِعَ منهم، قالوا: لا تَخَفْ، خَصمانِ بَغى بعضُنا على بعضٍ، فاحكُمْ بينَنا بالحقِّ ولا تُشطِطْ واهدِنا إلى سَواءِ الصراط: إنّ هذا أخي له تِسعٌ وتسعونَ نَعجةً وليَ نَعجةٌ واحدة، فقال: أكفِلنيها، وعَزَّني في الخطاب. قال: لقد ظلمَك بسؤال نَعجتِكَ إلى نِعاجِه، وإنّ كثيراً من الخُلَطاء لَيبغي بعضُهم على بعضٍ إلاّ الذينَ آمنوا وعملوا الصالحات، وقليلٌ ما هُم، وظنَّ داودُ أنّما فَتنّاهُ فاستَغفَر ربَّهُ وخَرَّ راكعاً وأناب. فغَفَرنا له ذلك، وإنّ له عندَنا لَزُلفى وحُسنَ مَآب. يا داودُ إنّا جَعَلناكَ خليفةً في الأرض، فاحكُمْ بين الناسِ بالحقّ ولا تَتَّبعِ الهوى فيُضلَّكَ عن سبيلِ الله) (الآيات 21 26 من سورة ص ( الذي يبدو من القصة أن الخصمين لم يكونا من البشر لتسوّرهما محراب داود دون أن يطرقا الباب كعادة الناس في الاستئذان، ولذلك فُوجئ داود وفَزِع. خطابهما لدواد بقولهما: « لا تَخَفْ » لا يصحّ أن يكون خطاب محكوم لحاكم، ممّا يُرجِّح أن الخصمين من الملائكة، أرسلهما الله تعالى امتحاناً للنبيّ. من هنا أدرك داود بسرعة أن الله يمتحنه في هذه الواقعة غير العادية، وجاء امتحانه عن طريق هذين الملكَين. الغاية من هذه الحادثة هو تعليم داود وتدريبه في خلافته وحكمه بين الناس، ليمارس القضاء بالشكل اللائق بمقامه، فلا يغفل عن التثبّت، ولذلك خاطَبَه سبحانه بعد قضائه ذاك بقوله: يا داود، إنّا جَعَلناكَ خليفةً في الأرض فاحكُمْ بين الناسِ بالحقّ . ثم ختم فضيلة الشيخ السيد من نعم الله على شعب مصر كثيرة ومنها نهر النيل و هو من أروع نعم الله تعالى على اهل مصر والأزهر الشريف الذي يعد أهم مؤسسة إسلامية على الإطلاق في مصر و العالم الإسلامي ولهذا كان الأزهر الشريف -ولايزال- مقصد طلاب العلوم والثقافة الإسلامية من شتى أنحاء العالم، وهو مصدر الدعوة الإسلامية إلى مختلف الأمم والشعوب، وباعث مئات العلماء إلى مختلف القارات اسأل الله أن يوفق فضيلة الشيخ لكل خير ويبارك فيه 000 ولكم جزيل الشكر والتقدير