عندما تكثر جرائم الإنتحار بين الشباب والفتيات وتصبح ظاهرة في الدول الغربية فهذا أمر طبيعي وأسبابه معروفة وواضحة نتيجة لشيوع الفكر المادي والإلحاد والتطرف العلماني والبعد عن التدين وعدم الاستقرار الإجتماعي الناتج عن تفكك الأسرة والذي أدي بدوره إلي انتشار الأمراض النفسية. لكن أن تنتقل عدوي الإنتحار وحرق النفس البشرية التي كرمها الله سبحانه وتعالي "ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا" آية 70 إلي الدول العربية والإسلامية فهذا أمر غير مقبول ولا يقره شرع ولا دين لأن الإنتحار جريمة في حق الإنسان الذي لا يملك إزهاق روحه وتعد علي حق من حقوق الله عز وجل الذي خلقنا وهو يحي ويميت ولذلك فإن الإنسان الذي يقدم علي هذه الجريمة يلقي ربه كافرا وإيمانه ضعيف لأنه يأس من رحمة الله التي وسعت كل شيء حيث قال تعالي: "قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم" سورة الزمر آية 53. وقال تعالي: "لا تيأَسوا من روح اللّه إنه لا ييأَس من روح اللَّه إلا القوم الكافرون" يوسف87. ثم إن اللجوء للإنتحار هربا من المشاكل التي يواجهها الناس وخاصة المشاكل الاقتصادية وانتشار الفقر والبطالة وضيق العيش تعد جريمة جديدة علي مجتمعاتنا الإسلامية تستوجب دراستها ومحاولة الوصول الي حل لها وعلاجها قبل أن تصبح ظاهرة وتتفاقم مع مرور الوقت. ولذلك يجب علي مؤسسات الدولة أن تجد حلولا لهذه المشاكل التي تؤدي للإنتحار وإيجاد فرص عمل للشباب العاطل وتوفير حياة كريمة للمواطن والحد من انتشار الفقر ولا تترك الناس يحرقون أنفسهم ويقولون مرضي نفسيين وكلنا يتذكر منذ سنوات قريبة الشاب المصري الذي تخرج في كلية الإقتصاد والعلوم السياسية بتقدير عال وتقدم للعمل في وزارة الخارجية واجتاز كل الاختبارات بتفوق ولكن رفض لأن والده فلاح فقير فألقي بنفسه في النيل مات كافرا بعد أن يأس من رحمة ربه ولكن من يتحمل ذنبه؟ الإجابة معروفة لمن يدرك قيمة هؤلاء الشاب الذي يجب أن نساعدهم ونقف بجانبهم ونستفيد منهم ومن طاقتهم وخبراتهم لا أن نتركهم يلقون بأنفسهم إلي التهلكة!! وأحي الدعوة التي أطلقها الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين علي موقعه الإلكتروني الخاص والتي طالب الشباب العربي بالحفاظ علي حياتهم وتجنب محاولات الانتحار وإحراق أنفسهم لعلهم يستجيبون ويصبرون.