د. محمد الشحات انجرفت البشرية في العصر الحديث في تيار المادية الطاغية ونحت جانبا القيم الانسانية التي جاء بها الاسلام الجامع للأديان كدين عالمي اختتم الخالق عز وجل به الرسالات السماوية واكتملت به حلقة الديانات الابراهيمية ومن ثم كان الاسلام متصالحا مع هذه الاديان حرص منذ البداية علي الوفاق لا الاختلاف وعلي إزالة سوء الفهم ونبذ الكراهية بين اتباع الاديان، لايقيم خصومة مع احد ولايكره احدا علي اعتناق عقيدة، الامر الذي جعل الاسلام دينا يجمع بين البشر لايقيم حواجز بينهم يتكامل مع غيره من الاديان ويقارب بين اتباعها. ومن اهم معالم عالمية الاسلام انه اقر بالكرامة لجميع البشر لايميز بين انسان وآخر بسبب الدين او الجنس او اللغة او اللون او المكانة الاجتماعية ونصوصه واضحة وقاطعة في هذا الامر. فالله تعالي يقول: .ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا.. وهذه الحقيقة جزء من عقيدة المسلم وعلي هديها يتشكل سلوكه مع الآخر بما يرسخ وحدة الاصل الانساني ومن اجل ذلك وتجسيدا لهذه الكرامة فإن غير المسلم يتمتع بالاحترام والحرية الانسانية حيا وميتا وفي حالة موته بصفة خاصة فإن علي كل مسلم ان يلتزم باحترام حرية غير المسلم وتقدير شأنه وانزاله المكانة اللائقة به وفي موقفه تجاهه كحق خالص لغير المسلم بمقتضي انسانيته، وهو ما روي في موقف الرسول صلي الله عليه وسلم عندما مرت عليه جنازة ليهودي فنهض لها واقفا فقال له بعض الصحابة: انها ليهودي فقال: .اليست نفسا. ودلالة هذا الصنيع النبوي تتجلي في المسلك الذي يدل علي التوقير للنفس البشرية مجردة عن اي اعتبار آخر وان هذا حق ثابت لكل نفس في كل حال كما يعبر عن استنكار وتخطئة لمن اعتقد او فهم غير ذلك. ان البشر انما خلقهم الله ليتعايشوا ويتعارفوا وليس ليتصارعوا ويتقاتلوا ويحتدم الخلاف ينكر كل فريق علي الآخر الحق في الحياة او الحرية او يحتكر الحقيقة او يستأثر بخيرات وموارد الرزق واسباب الحياة ويحرم الآخرين منها فهذا انحراف عن منهج الله ومعاندة لنواميس الكون لايستقيم به وجود ولاتتحقق به الخلافة التي ارادها الله وخلق من اجلها الانسان وهيأ له الكون وسخر له هذا الوجود وانما يجعل الاجتماع الانساني محكوما بشريعة الغاب وعلي كل انسان ان يدرك هذه الحقيقة المقررة وان البشر وجدوا ليتعايشوا بقوله تعالي: .يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا. الحجرات 13.. .وتعاونوا علي البر والتقوي ولاتعاونوا علي الاثم والعدوان... المائدة: 2