يزداد الرعب السائد فى القصر الرئاسى بأنقرة بعد تنامى أجواء التخبط الذى خيم على العلاقات التركية - الأمريكية على خلفية قضية الفساد والرشوة المتهم بها الإيرانى رضا ضراب، والتى امتدت لاتهام كبار مسئولى الأمن بتركيا والوزراء ورؤساء البنوك حتى طالت أمينة زوجة أردوغان ونجله بلال، والآن تمتد أصابع الاتهام للزعيم الكبير أردوغان الذى اعتبر هذه القضية انقلابًا على حكومته. ووجهت النيابة اتهامات بحق بلال نجل أردوغان لمشاركته أتيلا نائب رئيس البنك السابق وشركاؤه أسلان وبالقان، والإيرانى رضا ضراب والوزراء، والمسئولون الأتراك المتورطون فى قضية الفساد مثل شاغليان، ومسئولون إيرانيون، فى تأسيس شبكة لضمان استخدام الحكومة الإيرانية لعائدات النفط الإيرانى ببنك الشعب ومواصلة التعاون مع الولاياتالمتحدة فى الوقت نفسه، دون أى مراقبة دولية، من خلال تشفير الحسابات الخاصة بعائدات النفط والغاز الطبيعى الإيرانى فى بنك الشعب وتقديمها إلى الحكومة الإيرانية لاستخدامها، مستغلين تجارة الذهب والمستلزمات الإنسانية، ما فتح المجال أمام الحكومة الإيرانية للتصرف بحرية فى النقود الإيرانية التى تم تشفيرها بالاحتيال على النظام المالى الدولي، ومن بينه موقع مالى أمريكي. من جانبها ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية فى تقرير خاص بالقضية أن ملف قضية ضراب قد يطال أردوغان شخصياً. وأشارت الصحيفة إلى أن نائب رئيس حزب الشعب الجمهورى أردال أكسونجال الذى يتابع القضية فى أمريكا، أكد أن تحقيقات الفساد ستطال آجلاً أم عاجلاً «الزعيم الكبير»، فى إشارة منه إلى أردوغان الذى سبق أن وصف رضا ضراب ب«رجل أعمال محب للخير». وأوضح أكسونجر أن تركيا قد تواجه حصاراً دولياً فى أى لحظة وقد يصير الرئيس التركى حبيس بلاده بين ليلة وضحاها، فهذه القضية الخطيرة قد تؤدى فى وقت قريب لمواجهة المسئولين الأتراك والرئيس أردوغان للاعتقال حال خروجهم من حدود البلاد. ولفت أكسونجر إلى أنه قبل زيارة الرئيس أردوغان الأخيرة إلى الولاياتالمتحدة بعشرة أيام، توجه بعض المسئولين إلى هناك بأمر من أردوغان حتى يختبر هل سيتم اعتقالهم أم لا، ما يعكس مدى تدهور وضع تركيا وفقدانها مكانتها خارج البلاد. وكانت السلطات الأمريكية قد اعتقلت رجل الأعمال التركى - الإيرانى الأصل رضا ضراب العام الماضى بتهمة الاحتيال على العقوبات الدولية على إيران بطرق غير قانونية. ووجهت إلى ضراب تهم غسيل الأموال والاحتيال على الولاياتالمتحدة بخرق العقوبات المفروضة على إيران وتزوير التعاملات البنكية. وفى السياق ذاته قالت صحيفة «جمهورييت» إن القضية ستسفر عن صدور قرار «مخجل» بالنسبة لتركيا، مؤكدا احتمالية تعرض البنوك التركية إلى عقوبات مالية بملايين الدولارات بحجة خرق العقوبات الدولية على إيران، بالإضافة إلى تراجع اقتصادي، وهبوط قيمة الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، ما أثر سلبا على الأجواء الاستثمارية فى تركيا. وأضافت «جمهورييت» إن الأزمة مع دولة حليفة فى الناتو هى آخر ما قد يحتاج إليه أردوغان قبيل انتخابات عام 2019 فى ظل تفشِّى الفوضى فى سوريا والعراق والاقتصاد المتزعزع فى تركيا وانخفاض شعبيته وفقدانه حلفاءه ما يرجح كفة ميرال أكشينار منافسته، وهو ما يعنى المصير الأسود لعائلة أردوغان. وعلى الصعيد ذاته، أعلنت النيابة العامة فى جنوبنيويورك أن هيئة المحكمة التى تنظر قضية رضا ضراب الذى يصفه أردوغان ب«رجل أعمال محب للخير»، سوف تستمع لتنصتات الأمن التركى على مسئول تركى رفيع المستوى، كأدلة تثبت إدانة بلال أردوغان بالتعاون مع ضراب والمدير العام لبنك (هالك) الحكومى التركى أتيلا المتهم فى قضية الفساد والرشوة المنظورة فى تركيا، بالإضافة إلى الاستماع إلى أقوال شهود العيان خلال جلسة المحاكمة. وتقدم محامى الدفاع بطلب الطعن على قرار النيابة أمام المحكمة، مدعيًا أن ما سمى «تحقيقات الفساد والرشوة» فى تلك الفترة عبارة عن «انقلاب قضائي»، وأن أغلب المتورطين فى الواقعة قابعون فى السجون حاليًا، وبعضهم الآخر هرب خارج البلاد، على حد تعبيره. يشار إلى أن حدة تصريحات المسئولين الأتراك، وعلى رأسهم الرئيس أردوغان، ارتفعت بشكل ملحوظ، خاصة عقب تحطّم أحلام التوصل إلى اتفاق مع الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب حول إعادة الإيرانى ضراب مقابل تسليم قسّ أمريكى وثلاثة موظفين فى القنصلية الأمريكية فى اسطنبول اعتقلتهم تركيا مؤخرًا، ما أدى إلى اندلاع أزمة التأشيرات بين الطرفين. إذ وصف أردوغان الولاياتالمتحدة ب«بلد غير متحضر»، وتحدى دون تحديد مخاطبه صراحة: «لن نتردد فى قصف مصادر نراها تهديدًا لنا بطائرات إف-16»، وقال أيضاً إن واشنطن تبذل ما بوسعها لممارسة الضغط على ضراب لانتزاع اعترافات تدين عائلة أردوغان مقابل وعود بالإفراج، بالإضافة إلى استخدام قوتهم لإدانة زوجة أردوغان أمينة ونجله بلال، واصدار قرار باعتقال أحد وزرائنا واعتقال أحد المسئولين فى بنكنا، بالإضافة إلى أحد مواطنينا .