كشفت دراسة حديثة عن تفاصيل جديدة للمراكز الفكرية والاجتماعية التابعة للتنظيم الدولى لجماعة الاخوان المسلمين والتى تعد أذرع الجماعة الرئيسية فى تمويل العمليات الإرهابية التى تقوم بها وعلى رأس هذه المؤسسات اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا. وأكد حسام الحداد الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية ومدير مركز «إدراك» للدراسات والذى قام بإعداد الدراسة على أن جماعة الاخوان وتنظيمها الدولى تعتمد على قائمة كبيرة من الكيانات والتنظيمات التى تنفذ مخططات الإخوان فى الخارج على رأسها «المعهد العالمى للفكر الإسلامي، ومنظمة كير الإسلامية الأمريكية، واتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا والجمعية الإسلامية الأمريكية، والمجلس الثورى بتركيا، والاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، ومعهد الفكر السياسى الإسلامى بلندن الذى يديره عزام التميمى، أحد قادة التنظيم الدولى للإخوان، والاتحاد الإسلامى فى الدنمارك، الذى يرأسه سمير الرفاعي، عضو الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، وتحالف المنظمات الإسلامية الذى يتولاه إبراهيم الزيات، القيادى فى التنظيم الدولى. وتابع ويعود تاريخ تلك الأذرع الخارجية، إلى أواخر الستينيات، حيث تعد اتحادات الطلاب المسلمين بالدول الغربية وعلى رأسها أمريكا، أحد أقدم الكيانات الإخوانية التى دشنها الإخوان بالخارج لتتغلغل فى داخل المجتمعات الغربية، حسب موقع «إخوان ويكبيديا» التابع للإخوان، ويعود تاريخ تأسيس أول اتحاد لعام 1962، وتنبثق تلك الاتحادات جميعها من عباءة «الاتحاد الإسلامى العالمى للمنظمات الطلابية»، كما أسس الإخوان الجمعية الإسلامية الأمريكية عام 1993م، وهى جمعية دعوية تعمل فى مجالات الدعوة والتعليم والإعلام والشباب، وتضم نحو 1000 عضو عامل. وبدأ الإخوان تدشين المؤسسات الإسلامية فى أواخر الستينيات، من بينها اتحاد الأطباء المسلمين فى 1967، واتحاد الأطباء والمهندسين الإسلاميين فى 1969، واتحاد العلميين الاجتماعيين الإسلاميين فى 1972، وفى أمريكا الشمالية دشن الإخوان الوقف الإسلامى عام 1973، والجمعية الطبية الإسلامية، ورابطة الشباب المسلم العربي، والشباب المسلم فى أمريكا الشمالية، وتتضمن قائمة الكيانات الإخوانية بالخارج أيضاً، المعهد العالمى للفكر الإسلامى وتتخذ من الإصلاح الفكرى والمعرفى مظلة لوجودها بالخارج وتوجد لها فروع بأمريكا وجميع أنحاء العالم. وبعد انعقاد مؤتمر للإخوان فى ألمانيا عام 1984 توالى انتشار الكيانات الإخوانية بالخارج فى عدد من الدول الغربية، لتشمل عشرات المنظمات ودور العبادة فى كل من بلجيكاوفرنسا وسويسرا وإيطاليا والنمسا وهولندا والنرويج وغيرها، حيث تأسست الجماعة الرابطة الإسلامية الممثلة للجماعة فى بريطانيا، ثم توالت عشرات المنظمات من بينها مبادرة المسلم البريطانى «بى إم أى»، والمنظمات الإسلامية للإغاثة، والمجلس الأوروبى للإفتاء والبحوث، واتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا، علاوة على الجمعية الإسلامية فى ألمانيا التى أصبحت واحدة من أهم المنظمات الإسلامية فى ألمانيا، كما تشمل القائمة الإخوانية اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا، والتى تعد إحدى الفيدراليات الإسلامية، ويستمد هذا التنظيم قوته من شبكة تضم أكثر من 200 جمعية تغطى مختلف ميادين الحياة الاجتماعية، وفق النظرة الشمولية للإسلام الموروثة عن «الإخوان المسلمين». وكشفت الدراسة عن أن الولاياتالمتحدةالأمريكية أحد البلدان المهمة التى تحتضن المراكز الإخوانية، وتضم عدداً من المنظمات الإسلامية التى يسيطر عليها التنظيم، على رأسها منظمة «كير» الإسلامية الأمريكية» والتى تولى فرعها فى مدينة لوس أنجلوس، مسئولية الطالب المصرى عبدالله عاصم، المعروف إعلامياً ب«المخترع الصغير»، وإنهاء إجراءات حصوله على اللجوء السياسى للولايات المتحدةالأمريكية، حيث تتخذ هذه المؤسسة الدفاع عن الحقوق المدنية وحريات المسلمين الأمريكيين أو الأجانب مظلة لها، واستطاع التنظيم الدولى للإخوان السيطرة على عدد من المراكز المهمة بأوروبا، طبقاً لتصريحات إعلامية لأحمد المسلمانى، مستشار رئيس الجمهورية السابق لشئون الإعلام، والتى قال فيها إن «جماعة الإخوان المسلمين تسيطر على 720 مسجداً من إجمالى 2200 مسجد فى فرنسا، علاوة على سيطرتها على اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا الذى يتجاوز عدد أعضائها 1000 منظمة»، وعلى الرغم من الوجود القوى للإخوان بالخارج، فإن عدداً من كياناتها بالخارج لم يعد موجوداً وجرت تصفيته، حيث اختفت منظمتان من أهم وأقدم المنظمات الإخوانية وهى مؤسسة «سار»، وذلك بموجب القانون فى ديسمبر 2000، على الرغم من أن مجموعة «صفا»، ومؤسسة «يورك» اللتين كانتا ضمن هذه المؤسسة لا تزالان قيد العمل دون تغير أو إغلاق، كما اختفى المجلس الإسلامى الأمريكى من على الساحة، خاصة بعد اعتقال «العمودى» فور اتهامه بأحداث إرهابية فى 2004، ومارس المجلس أعماله من خلال الجمعية الإسلامية الأمريكية ومجلس الشئون العامة الإسلامية، وكنتيجة حتمية لأهمية تلك المراكز الإسلامية كوسيلة لوجود التيارات الإسلامية، اندلع صراع بين الإخوان والسلفيين وباقى التيارات الإسلامية الموجودة بالخارج، للاستيلاء على هذه المراكز، حيث يحاول كل طرف فرض سيطرته على تلك المدارس إلا أن الإخوان نجحت فى السيطرة على 70% من تلك المراكز، فهدف التنظيم من السيطرة على تلك المراكز هو استقطاب أعضاء جدد للإخوان قادرون على تغذية التنظيم بالمال اللازم علاوة على استغلالهم لاختراق الجامعات من خلال البعثات الدراسية التى توجد فى الخارج وتردد على تلك المراكز لذلك نجد أن أغلب هيئات التدريس تنتمى للإخوان، كما تستغل الإخوان تلك المراكز الإسلامية للاستيلاء على تبرعات الإسلاميين بالخارج لاستخدامها كأحد موارد التنظيم، وما زال الحديث على لسان عمارة، بخلاف أن عدداً من قيادات التنظيم يسافرون لتلك المراكز لإلقاء محاضرات بها بمقابل مادى وأن تلك المنظمات تتولى رعاية الإخوان الهاربين للخارج منذ عزل محمد مرسى. وأشارت الدراسة الى أن جماعة الإخوان لجأت إلى الجامعات المنتشرة فى دول الغرب،خاصة فى الجامعات التى يتواجد بين طلابها جاليات عربية واسلامية، كما رصدت فى الدول الأوروبية أموالاً طائلة بهدف تشكيل عدد من اللجان الإدارية تكون مهمتها التنسيق مع بعض الجامعات الغربية وخاصة البريطانية والأميركية من أجل عقد ندوات ومؤتمرات للوفود الإخوانية التى تزور تلك الدول، وذلك من خلال ثلاثة تشكيلات دولية وهى: الائتلاف العالمى للحقوق والحريات، والائتلاف المصرى الأمريكى من أجل الشرعية، والائتلاف العالمى للمصريين فى الخارج من أجل الديمقراطية، وجميعها تسعى إلى هدف واحد وهو التحريض ضد الحكومات العربية التى صدت المشروع الإخوانى المدمر فى المنطقة ومنعت الإخوان من تحقيق أهدافهم الوصولية وتدمير الشعوب العربية، أى أن هدف هذه التشكيلات الثلاث هو الانتقام من الأنظمة والشعوب العربية على حد سواء. ولتسهيل مهمة عقد الندوات والمؤتمرات التحريضية فى الجامعات الغربية، استخدمت جماعة الإخوان عدداً من مراكز الأبحاث الأمريكية، لما لها من علاقات قوية ببعض الجامعات الأميركية والأوروبية، واشترت بعض القائمين على هذه الأبحاث من أجل الوصول إلى الأهداف المرجوة، واستخدمت المال السياسى فى توجيه بعض الكتاب والباحثين العاملين فى المؤسسات الإعلامية والمراكز البحثية المنتشرة فى الدول الغربية. كما شهدت الجغرافيا السياسية لجماعة الإخوان فى أوروبا عدة نقلات نوعية منذ تأسيس المركز الإسلامى فى جنيف عام 1961 باعتباره أول مؤسسة إخوانية فى أوروبا، حيث ركزت الجماعة فى مرحلة أولى- فى إطار استراتيجيتها الرامية لتوظيف أوروبا كنقطة انطلاق لمهاجمة الأنظمة العربية - على التوسع الرأسى فى ثلاثة بلدان أوروبية رئيسية وهى فرنساوألمانيا ثم بريطانيا لاعتبارات التاريخ والجغرافيا السياسية فى ضوء أنها أكبر بلدان الاتحاد الأوروبى من حيث المساحة وعدد السكان، فضلاً عن أنها تمثل مركز استقطاب للجاليات الاسلامية القادمة من البلدان العربية والإسلامية التى كانت خاضعة لتأثيرها الثقافى والاستعمارى. وقد وظفت الجماعة وجودها المؤسسى فى البلدان الثلاثة الذى أتاح لها بناء شبكة من التحالفات والاعتماد المتبادل مع الكيانات الممثلة للكتل الإسلامية الرئيسية فى العالم، من خلال الانفتاح على الاسلام التركى الموجود بكثافة فى ألمانيا. غير أن النجاح الأكبر تمثل فى استغلال الجاليات المغاربية الكبيرة الموجودة فى فرنسا كبوابة عبور لجماعة الإخوان إلى منطقة المغرب العربى باعتبارها إحدى الكتل الإسلامية الرئيسية فى العالم العربي- الإسلامى. وقد عزز من ذلك، قيام العديد من الحركات الإسلامية المغاربية الموالية للجماعة أو القريبة منها بتأسيس مكاتب لها فى فرنساوبلجيكا بشكل خاص مثل حركة النهضة التونسية وجماعة العدل والإحسان المغربية، بالإضافة إلى عدد آخر من الأحزاب الإسلامية المؤثرة فى المغرب العربى، كما أدى الوجود الإخوانى فى الدول الأوروبية الثلاثة الكبرى إلى خلق امتدادات مؤسسية اخوانية فى الدول الأصغر المجاورة التى تدور فى فلكها، كما فى حالة بلجيكا بالنسبة لفرنسا وإيرلندا بالنسبة لبريطانيا وسويسرا بالنسبة لألمانيا. كما شهدت أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات بروز «الجيل الثانى» من المؤسسات الإخوانية من خلال التوسع الأفقى فى أوروبا وذلك فى إطار توظيف التنظيم الدولى للإخوان للموجات الجديدة للهجرات العربية الإسلامية لأوروبا بالتوازى مع بدء بروز الجيل الثانى من مسلمى أوروبا فى تلك الحقبة. وقد أنشئ فى هذا الإطار اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا كواجهة أمامية للتنظيم الدولى للإخوان وكمظلة تضم كل الجمعيات الاخوانية والاسلامية المحسوبة على التيار الإخوان فى أوروبا والذى يبلغ عددها أكثر من 500 منظمة بدول الاتحاد الأوروبى وخارجها، بالإضافة إلى الكيانات غير الرسمية التى تعمل فى إطاره. كما يوجد إطار مواز غير رسمى يتمثل فى الأفراد المنتمين للإخوان من خارج الإطار التنظيمى ويتولون مهمة ادارة عدد من الجمعيات والمنظمات الأصغر التى تقوم بأدوار بعيدة عن الإطار الدينى والدعوى للجماعة بهدف جذب تعاطف الأوروبيين لأفكار الإخوان عبر تسويقها فى إطار علمانى يستهدف الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، مثل الكيانات الإعلامية الإخوانية الموجودة فى بريطانيا وتلك المعنية بالتعليم والثقافة والشباب التى تركز على قضايا ادماج المسلمين فى أوروبا. من بين المراكز المهمة فى أوروبا والتابعة بشكل مباشر للتنظيم الدولى لجماعة الإخوان «اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا» بالإنجليزية: Federation of Islamic Organizations in Europe وهذا الاتحاد كما يعرف نفسه، هيئة إسلامية أوروبية جامعة تشكل إطاراً موحداً للمنظمات والمؤسسات والجمعيات الإسلامية الأوروبية الأعضاء فيه ويضم الاتحاد اليوم هيئات ومؤسسات ومراكز فى 30 بلداً أوروبيًا، ويعتبر اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا الجناح الأوروبى لتيار الإخوان المسلمين العالمي وأختتمت الدراسة بالتأكيد على توظف الحكومات الغربية لجماعة الإخوان المسلمين ومؤتمراتهم لخدمة مصالحها فى خلق مزيد من الانقسامات فى المجتمعات العربية، وشق الطريق أمامها لترسيخ الحضور فى العالم الإسلامى، وترى فى جماعة الإخوان المسلمين أداة للضغط على الأنظمة والشعوب العربية فى آن واحد، وقد رأينا ذلك جلياً فى السياسة الأميركية المتبعة مؤخراً من قبل الرئيس الأميركى باراك أوباما تجاه الحكومة المصرية الجديدة عندما سقطت جماعة الإخوان بإرادة شعبية لذا لابد من مكافحة النوايا الإخوانية من وصولها إلى المؤسسات التعليمية والإعلامية والبحثية الغربية، ووضع برامج عربية متكاملة لصد الأفكار والإشاعات التى تحاول قيادات الإخوان بثها بين صناع القرار فى الدول الأجنبية بهدف إضعاف الأنظمة العربية وتمزيق الشعوب، وهذا يحتاج إلى إعداد دراسات وبحوث وتقارير من قبل جامعة الدول العربية ومراكز الدراسات والبحوث والجمعيات الحقوقية العربية والدولية، تتناول حقيقة الإرهاب الإخوانى وممارساتهم الشيطانية، من أجل الجهات التى يحاول الإخوان الوصول إليها وخداعها بأفكارهم المضللة وخاصة الجامعات الأوروبية والأميركية والمراكز البحثية الغربية. كما كانت استراتيجية الإخوان الأيديولوجية فى الثمانينيات والتسعينيات مبنية على توظيف الفضاء الأوروبى سياسياً كمنبر للأنشطة المضادة للأنظمة العربية المتصادمة مع الجماعة، فضلاً عن استغلال العلاقات مع الأنظمة والدوائر السياسية الأوروبية لا سقاط الأنظمة العربية تتمثل استراتيجية الإخوان الأيديولوجية فى أوروبا فى العمل على الترويج لفكرة الإسلام الشامل والسلوك الاجتماعى القائم على المواءمة بين متطلبات تعليم الإسلام ومتطلبات الحياة الأوروبية وثقافتها من خلال تبنى خطاب إخوانى مستند إلى ضرورة الاندماج فى الفضاء السياسى والاجتماعى الأوروبى عبر تشجيع كوادر التنظيم والشباب المتعاطفين معه على ضرورة المشاركة السياسية سواء فى الانتخابات المحلية والنيابية أو التشجيع على الانخراط فى الأحزاب السياسية الأوروبية.