واحة الإبداع .. قصة قصيرة لحم

يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين. إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة بإرسال مشاركتك من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:
[email protected]
اللوحات بريشة الفنان عصام طه
بقلم- ضحى عاصى
جلست صابحة مع سلفتها هنية، الليلة شديدة البرودة، الحطب الموجود لا يكفى لإحراقه فى الفرن من أجل التدفئة، بالكاد يكفى خبزه، بكت صابحة بدون مقدمات: هجرنى وراح مصر بيقول الشغل هناك أحسن والدنيا ساقعه ومفيش حطب، وإيه اللى دخل أبو قرش على أبو قرشين، انتى بتعيطى على الحطب ولا على عبدالله، بقالك سنين على الحال ده إيه اللى جد، - فى إيه يا هنية هو أنا بس اللى ببكى ما انا كل ليلة بسمع نهنهتك وطول الليل تصرخى فى العيال «ناموا فى حذا بعض الدنيا برد ومفيش حطب حاذوا بعض «الدنيا ساقعة أووى ومفيش حطب - صابحة هو احنا هنقضى حياتنا كده انتى كل ليلة تعيطى على عبد الله وانا كل ليله اعيط على اللى ما يتسمى اخوه ده اللى هج هو كمان - طيب ايه - ولا حاجة تعالى نسعد نفسنا نبطل نجيب سيرتهم ونتكلم فى حاجة حلوة.. أقولك نكتة -نكتة هواحنا بنعرف نكت -تصدقى يا بت مبنعرفش نكت - طيب ايه تيجى نعمل حاجة حلوة حاجة تسعدنا - تيجى نعمل فته لحمة - اه تصدقى انا هفتانه تصدقى لحمة من زمان ما كلناش لحمة نفسى فى لحمة ترم عضمى - بدأت هنية تتخيل شكل طاجن اللحمة فى الفرن وتشاركها صابحة التخيل، قاطعتها صابحة قائلة: بس نفسى فى شوربه وفيها لسان عصفور وعليها ليمون -ولايهمك يا بت نعمل شوية لحمة فى الطاجن وشويه نسلقهم نعمل شوربة، ارتسمت الابتسامة بدئا يتخليا شكلهما وهم يتلهمان اللحم بشراهة ونهم وشيع انطلقت ضحاكتهما النادرة كأنهم أطفال فى ليلة عيد، نظرت صابحة الى هنية ضاحكة - تصدقى اللحمة طلعت أحسن من أى حاجة - تصدقى يا صابحة واحنا اللى مضيعين عمرنا فى البكا -طيب هنعمل الطاجن إمتى ؟ سكتا للحظه -هو إحنا عندنا لحمة لا -طيب هو إحنا معانا فلوس نجيب لحمة، لا سكتتا ... وعاودتا البكاء.