لا مجال بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو للحديث عن ضعف الأحزاب.. فقبل الثورة كانت الأحزاب التى لم تزد على 24 حزبا فى هذا التوقيت تعلق فشلها فى الشارع وضعف تأثيرها السياسى على تدخلات أمن الدولة فى تخريب الأحزاب من الداخل.. والآن وبعد ثورتين مازالت الأحزاب تعانى من سوء أوضاعها وحجم هائل من الصراعات الداخلية.. خاصة مع زيادة أعدادها التى تجاوزت 100 حزب أغلبها غير معروف حتى بين النخب السياسية. المشهد السياسى الآن ومع اقتراب إتمام الاستحقاق الثالث بالانتخابات البرلمانية والمنتظر الانتهاء منها خلال نهاية 2015 ومع بروز الخلافات الحزبية على مستويات مختلفة ينذر ببوادر تغيير فى تركيبة الحياة الحزبية بعد 5 سنوات من الثورة باحتمالات كبيرة بانهيار وتفكك بعض الأحزاب واندماج بعضها للنقل فى العام السادس للثورة إلى حياة حزبية مختلفة بمجموعة حزبية أقل عددا من الأحزاب الموجودة بالساحة. أبرز الخلافات الحزبية على الساحة غير مقتصرة على الأحزاب الصغيرة أو تلك التى تعانى ضعفا فى تمويل أنشطتها.. فهناك شقاق عميق بين قيادات ورموز حزب الوفد.. والمصريين الأحرار والمصرى الديمقراطى والدستور والحركة الوطنية والتحالف الشعبى وأحزاب التيار الديمقراطى.. فى المقابل لا يوجد أى خلافات داخل الأحزاب السلفية التى تعد المستفيد الأكبر من هذه الخلافات. وبالنظر للمشهد السياسى بصورته الراهنة نجد أن الصراعات الداخلية الحزبية تجلت فى الشقاق الكبير الحادث بين قيادات ورموز حزب الوفد .. الذى بلغ ذروته بين جبهة إصلاح الوفد التى تضم الرموز والقيادات المفصلة من جانب.. وبين رئيس حزب الوفد د.السيد البدوى ومؤيديه من جانب آخر.. خاصة مع تحركات الجبهة الساعية لإسقاط رئيس الوفد بجمع 15 ألف توقيع من أعضاء الحزب بغرض سحب الثقة من البدوى.. بجانب فشل كل جهود التوسط لرأب الصدع ولم شمل الحزب حتى بعد تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسى.. فضلا عن أن هذا الشقاق افرز لأول مرة منذ عهد النحاس باشا ومكرم عبيد بوادر تأسيس حزب جديد مواز للحزب الرئيسى.. حيث بدأت الجبهة فى عمل مقرات بديلة للوفد الحالى على مستوى عدد كبير من المحافظات.. بجانب أن قيادات الجبهة استأجرت مقرا بنفس المنطقة الكائن بها المقر الرئيسى للحزب بحى الدقى.. الأمر الذى ينذر بتوسيع الشقاق الوفدى ما لم يلتفت حكماء الحزب إلى السيطرة على الخلاف. الحال نفسه داخل حزب المصريين الأحرار الذى لم تمنع سطوته وقدراته المالية الكبيرة التى اكتسبها من قدرات مؤسسة رجل الأعمال نجيب ساويرس.. من وجود خلافات.. حيث أتاحت الإمكانات المالية الواسعة للحزب التوسع فى عدد المقرات بالمحافظات.. واتباع نفس طريقة الإخوان فى الترويج بتوزيع شنطة رمضان..فيما اعلنت جبهة إصلاح الحزب رفضها لسياساته نتيجة احتكار القائم بأعمال رئيس الحزب عصام خليل للقرار بفضل قربه من مؤسس الحزب حتى أن بعضهم يصفه برجل ساويرس.. وهو ما تجسد فى استقالة عدد كبير من قيادات ورموز الحزب.. فضلا عن رغبة أعضاء الجبهة فى إجراء انتخابات داخلية تحدد رئيسا للحزب وتنهى سيطرة خليل على مقاليد الأمور. فيما يعانى حزب المصرى الديمقراطى اضرابا كبيرا على المستوى الداخلى نتيجة عدد من الاستقالات بين أعضائه ومن بينهم مؤسسين تجاوزت 2000 عضو حسبما قدرها د. عماد جاد القيادى المستقيل قبل أشهر من الحزب.. إضافة إلى انسحاب 40 عضوًا بالهيئة العليا، وكذا انسحاب 15 أمانة من الحزب بعدة محافظات فضلا عن الارتباك الشديد فى اتخاذ القرارات بشأن الأحداث التى تجرى.. وبالتالى لا توجد قرارات حاسمة.. تجلت صورتها فى الموقف من الائتلافات الانتخابية الأخرى.. الأمر الذى قد لا يسمح للحزب بتحقيق نتائج قوية فى انتخابات الرئاسة. حديث الحزب عن الاندماج مع حزب الدستور لا ينقطع لكنه لا يتقدم أى خطوة للامام مما خلق حالة خلافية داخل الحزبين بسبب تباين الآراء بين الأعضاء حول جدوى الاندماج.. وعدم وجود خط فكرى واضح يجتمع حوله الأعضاء والقيادات التى مازالت تعانى من انقسام حول ثورة 30 يونيو وترشح الرئيس السيسى لانتخابات الرئاسة وفوزه بها بنتيجة كاسحة. المشهد السياسى متشابه بين المصرى الديمقراطى الاجتماعى وحزب الدستور من ناحية الخلاف الداخلى فى الآراء حول القضايا السياسية.. إلى جانب اشتعال الصراع بين المجموعات الشبابية على كرسى رئيس الحزب للدرجة التى وصلت إلى رفع السلاح والتهديد بالقتل بين الأعضاء.. حينما اقتحم اجتماع الهيئة العليا ومحاولة قتل الامين العام وهو ما تسبب فى صدور قرار بفصل 20 عضوا من مقتحمى الاجتماع مراحل التمزق داخل الدستور تصاعدت مع انتهاء ولاية رئيسة الحزب الدكتورة هالة شكر الله.. وكذلك انتهاء ولايات الإدارات والهيئات العامة بالحزب والتجهيز لانتخابات الحزب.. والتى كان مقررا ان تتم خلال يونيو الماضى.. ثم تم التأجيل نتيجة للخلافات والشقاق بين قيادات الحزب ورغم إعلان الفريق أحمد شفيق عن سحب استقالته من رئاسة حزب الحركة الوطنية الا أن الأمر يكشف عن صراع دفين داخل الحزب.. الأمر الذى دفع الفريق للاستقالة.. خاصة مع وجود خلاف عميق بين المستشار يحيى قدرى النائب الأول لرئيس الحزب والدكتور صفوت النحاس الأمين العام للحزب الذى أعلن استقالته أيضا.. وهو ما خلق جبهتين متضادتين داخل الحزب وكذلك بعد اعتراض النحاس على قرار قدرى بتعيين هشام الهرم الأمين المساعد فى منصب أمين شباب الحزب.. بزعم أنه لا يصلح للمنصب لأسباب مختلفة ما جعل الدكتور النحاس يطلب من الفريق شفيق تحديد اختصاصاته واختصاصات المستشار قدرى ولكن الفريق فاجأ الجميع وأعلن بعد هذا الموقف استقالته من رئاسة الحزب ومع تراجع الفريق عن الاستقالة فإن الصراع ربما يظل دفين لفترة أخرى. لم يتوقف الصراع عند هذا الحد بل امتد لصفحات التواصل الاجتماعى التى استخدمها أنصار كل طرف ضد الآخر حيث أنشأ مناصرى الدكتور النحاس صفحة ضد المستشار يحيى قدرى وفعل مناصرى قدرى ذلك أيضا ضد الدكتور النحاس. حالة الشقاق السياسى بين القوى السياسية الحزبية ممتدة إلى أحزاب أخرى أبرزها التحالف الشعبى الذى أعلن عدد من أعضائه نيتهم فى تشكيل حزب آخر بجانب الخلاف البارز بين حزبى الكرامة والتيار الشعبى نتيجة رغبة بعض قياداتهم فى الاندماج.. لكن خلافات القواعد الحزبية حول جدوى الأمر.. فضلا عن الخلاف داخل الحزب الناصرى الذى لم يعد له أى تأثير على مستوى الشارع السياسى.