كل مذيع أو مذيعة فى محطة فضائية عنده أو عندها جملة خالدة وعبارة رائعة يتم تردديها بمناسبة وغير مناسبة وهى عبارة أو جملة ميثاق الشرف الإعلامى!! الكل راكب عفريت اسمه «الشرف الإعلامى» وهات يا تنظير وكلام عن مبادئ وملامح ذلك العفريت الذى أسمه «الشرف الإعلامى». وما أكثر الندوات والمؤتمرات التى يشارك فيها نجوم الفضائيات للحديث عن «الشرف الإعلامى». لكن بتأمل الواقع ومتابعة ما يبث فى البرامج سواء كانت سياسية أو فنية أو رياضية لا تجد فى المفردات وما يقدمونه ما يمت بصلة لعبارة «الشرف الإعلامى». وأحياناً أظن أن حرف «الشين» قد سقط فى بلاعة تلك الفضائية وحل محل حرف «الشين» حرف «القاف» فأصبحت العبارة ميثاق القرف الإعلامى. نعم القرف الإعلامى وليس الشرف الإعلامى هو التعبير الأصلح والأنسب لكثير من ممارسات وسلوك نجوم لامعة تبرطع فى الفضائيات، وكذلك ضيوفهم الأعزاء من خبراء وكبراء، ومحللين ومتشنجين ونشطاء وجهلاء!! نعم انتقل إلى رحمة الله «ميثاق الشرف الإعلامى» ولم يبك عليه إعلامى واحد، ولم تصرخ بالصوت الحيانى باكية مذيعة واحدة: ياسبعى ياجملى، ياميثاق شرفى!! وعلى ما يبدو فقد كان ميثاق الشرف الإعلامى قيداً وأغلالاً على حرية الفضائيات وأهل الفضائيات، كان يلجمهم ويكبلهم بتعليمات بالية عفنة مثل البيوت لها حرمة!! لا تهينوا المشاهد!! لا تنقلوا بذاءات الشارع إلى البرامج!! إلخ الفضائيات يحكمها الآن ميثاق «القرف الإعلامى»، القرف بكل ألوانه وأشكاله، من القرف السياسى والفكرى إلى القرف الفنى والجنسى!! وكلما زادت نسبة «القرف الإعلامى» فى برنامج ما، زادت نسبة المشاهد، ويتباهى صاحب المحطة بما يقدمه من «قرف» سواء جاء فى برنامج سياسى أو برنامج ترفيهى أو حتى برنامج طبى!! وإذا نجحت إحدى المشاهدات فى الاتصال تليفونياً بالمذيع أو المذيعة لتعاتبها أو تناشدها ايقاف هذا «القرف» الذى يذاع ويقال، فسوف تصدمها إجابة المذيع الأفندى والمذيعة اللهلوبة: حضرتك معاك جهاز الريموت كونترول وتقدرى تغيرى المحطة!! للأسف الشديد أن البعض من هؤلاء الذين يبرطعون فى الفضائيات يتصور واهمًا أن البطولة تكمن فى سب الآخرين وإهانتهم بالأب والأم بل يصل القرف والغباء إلى أقصى مدى عندما تقوم مذيعة - كان لابد من غلق و«خياطة» فمها - بإهانة نساء شعب عربى شقيق متهمة إياه بالدعارة!! أى قرف إعلامى أكثر من هذا!! أى بطولة وأى شجاعة أن يشتم ويسب أحدهم والدة أو زوجة أو أسرة حاكم عربى حتى لو كنا نختلف معه سياسياً بنسبة مائة فى المائة. أى تنوير وأى ثقافة طبية أو جنسية عندما تتصل مشاهدة مراهقة بأحد البرامج التى تستضيف طبيبة شهيرة فى العلاقات الزوجية وتشرح للمذيع اللامع والطبيبة كيفية ممارستها للعادة السرية، فتقول لها الطبيبة: ما تلعبيش فى نفسك!! وبدلا من تطبيق شعار محترم اسمه «مقاومة الفكر بالفكر» أصبح شعارهم مقاومة القرف بمزيد من القرف»، مقاومة البذاءة بالمزيد من البذاءة. كيف يسمح مذيع يحترم نفسه ويحترم مشاهديه (إذا افترضنا هذا) أن يهاجم مخالفيه قائلاً: يانسوان.. ياجزم!! والمحزن فى الأمر كله أن فضائيات الجماعة والعشيرة تستعين بهذه اللقطات والعبارات لتعيد بثها ثانية فى توظيف سياسى يخدم نظريتها اليائسة قائلة: هذا هو إعلام الانقلاب!! وللحق فإن هذه الفضائيات بكل مذيعيها وأفنديتها ومحلليها وحتى مشاهديها هم أساتذة البذاءة والشتائم والقرف كله. شتائم وسباب لا ينتهى إلا بنهاية البرنامج أو الارسال، لكنهم ولأنهم يكذبون كما يتنفسون يتبارون فى استخدام كل مفردات ميثاق القرف الإعلامى للهجوم على مصر وشعبها وقيادتها وثورتها وجيشها وشرطتها أيضًا!! ولعل أنبغ ومؤسس مدرسة القرف الإعلامى هو «فيصل القاسم» مذيع الحوار المعاكس أو الحمار المشاكس الذى يترك ضيوفه يشتمون ويسبون ويصرخون وهو فى غاية السعادة والانشراح والانشكاح! فعلا وكما كان يقول استاذ النقد الرياضى بحق وحقيق - الراحل العظيم الاستاذ «نجيب المستكاوى» فى ختام تعليقه على الأشياء الهابطة: جاتوا القرف! صحيح جاتوا القرف يا اساتذة القرف الاعلامى والأخلاقى!!