كتب : ناصر حسين لا يمكن أن يحدث في بلد أن يكون لديه كم هائل من الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة كما حدث في مصر.. ولغة الأرقام تقول إن عدد القنوات المرئية وصل إلي عشرين قناة ما بين قنوات تليفزيونية أرضية وقنوات إقليمية ومتخصصة وأن الشبكات المسموعة وصلت إلي تسع شبكات وأن الذين يعملون في ماسبيرو مقر القنوات المرئية والشبكات المسموعة وصل عددهم إلي 40 ألف موظف وأن المرتبات المطلوبة لهم كل شهر تصل إلي 122 مليون جنيه... وهذا يعني أن بند المرتبات يصل إلي مليار وأربعمائة مليون جنيه في العام.. في المقابل نجد أن رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون قد طلب من القطاع الاقتصادي أحد قطاعات الاتحاد دراسة حول الوضع المالي في ماسبيرو وقد تضمن تقرير قدمه القطاع أن الإيرادات المتوقفة لجميع المنابر التليفزيونية أو الإذاعية قد تصل إلي 400 مليون جنيه من حصيلة الإعلانات ومبيعات المسلسلات التليفزيونية والبرامج.. ونلاحظ أن الفرق كبير بين مرتبات العاملين في ماسبيرو والتي تتحملها الدولة وبين الإيرادات التي يحصل عليها اتحاد الإذاعة والتليفزيون.. الفرق يصل إلي ملياري جنيه وهذا ما جعل نظام الحكم السابق أن تخصص ميزانية للإعلام تصل إلي 6 مليارات جنيه في العام وهو رقم لم تخصصه الدولة للبحث العلمي.. أو علي سبيل المثال لا الحصر.. والسؤال الذي نطرحه ما هو دور الإعلام خلال الثلاثين سنة الماضية التي تسلط المخلوع فيها علي رقاب الشعب المصري وأفسد عقول شبابه وحطم طموحاتهم ومعنوياتهم؟! والمتابع لما كانت تقدمه وسائل الإعلام المرئية والمسموعة من برامج أو أخبار تمجيد للحاكم وأسرته.. ففي نشرات الأخبار كان الخبر الأول عن الرئيس المخلوع والثاني عن زوجته الملكة شجرة الدر آسف سوزان ثابت والثالث عن المهزوز الذي لا يملك أي كريزما أو قبول لدي الجماهير كما أجمع عليه آراء علماء النفس والمتخصصين في السياسة وعلم الاجتماع الوريث «جمال مبارك».. وبعد ذلك تأتي الأخبار العامة.. نفس الشيء يحدث في البرامج التي كان يقدمها القارقون من خارج ماسبيرو والتي كان يتقاضي مقدموها ملايين الجنيهات بحجة الإعلانات ففي إحصائية أن برنامج مصر اليوم تبلغ تكاليفه الشهرية خمسة عشر مليون جنيه.. وتطبيقاً للنظريات الاقتصادية بأن مثل هذا البرنامج لابد وأن يحقق مائة وخمسين مليون جنيه حصيلة إعلانات.. وهذا لم يحدث أما ما كان يردده المسئولون في ماسبيرو ما هو إلا ضحك علي الدقون. ما ذكرناه من أرقام يعني قرب إفلاس ماسبيرو وحتي يتم إنقاذه من الإفلاس وضع إعلاميون وأساتذة الإعلام في الجامعات المصرية خارطة طريق لإصلاح ما أفسده الدهر أو أفسده صفوت الشريف الذي كان يحكم ماسبيرو سواء أكان وزيراً للإعلام أو رئيساً لمجلس الشوري منذ عام 1979 وذلك عندما عين وزيراً للإعلام وحرصاً علي مستقبل أهم وسائل الإعلام والتي دورها الحقيقي تقديم معلومات صحيحة سواء سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية للإنسان المصري.. وتتلخص خارطة الطريق في عدة محاور.. حيث يتضمن: المحور الأول: تقليص عدد القنوات خاصة الإقليمية أو قنوات النيل المتخصصة أو الغاؤها والإبقاء علي قنوات قطاع التليفزيون وهي القناة الأولي والثانية والفضائية المصرية.. دون المساس بالعاملين في القنوات التي سيتم إلغاؤها أو تقليص عملها.. حيث يوجد لهم أماكن بديلة تناسب إمكانياتهم وتخصصاتهم. المحور الثاني: تحديد الموقف من شراء المسلسلات المتميزة حصرياً سواء كانت محلية أو أجنبية وكذلك البطولات الرياضية مثل دوريات كرة القدم والذي يدفع لاتحاد كرة القدم 23 مليون جنيه نظير إذاعة المباريات وأن تقوم بتحصيل مبالغ من القنوات الخاصة التي تذيع المباريات مجاناً. المحور الثالث: تحديد مساحة إعلانية جديدة علي أن توافق عليها لجنة السياسات الإعلانية وعلي أن يتم الإعلان عنها في ممارسة تشارك الوكالات الإعلانية والشركات. المحور الرابع: إعادة النظر في الأجور التي يتقاضاها كبار المسئولين في ماسبيرو ووضع لائحة تتقارب فيها الأجور حيث إن المساحة بين الأجور التي يقاضاها الرؤساء وبين باقي العاملين بعيدة. خارطة الطريق التي تنقذ اتحاد الإذاعة والتليفزيون يحتاج إلي مسئول قوي يستطيع أن يقوم بتنفيذها ولا نحتاج إلي من ترتعش يده عند اتخاذ القرار.