لا أعرف إن كنت سأستمر طويلاً في كتابة هذا المقال، والتعبير عما أراه وأشعر به، دون حدود أو قيود، لذلك أجد لزاما علي بعد نحو أربع سنوات من الكتابة المستمرة، والتعامل اليومي، مع الزملاء الصحفيين في «روزاليوسف» أن أكتب عنهم وإليهم، بعد أن انهالت عليهم سهام الغدر من كل صوب وحدب. حينما أتيت إلي "روزاليوسف" في ظرف عصيب من حياتي المهنية، كنت قد توقفت منذ سنوات عن رؤية عبدالله كمال، صحيح أنه صديق قديم منذ التسعينيات، حين كنا نجلس في مقهي في شارع قصر العيني، مجموعة من الشباب الطموح، من بينهم حمدي رزق وإبراهيم عيسي وعمرو خفاجي وطارق حسن وإبراهيم منصور، وغيرهم، لكن الحياة أخذت كل منا إلي طريق، حتي طلبت من الصديق العزيز حازم منير وكان مديراً لتحرير «روزاليوسف» استضافتي علي صفحات الصحيفة، فلم يتردد عبدالله كمال وفتح لي بابا في وقت أغلقت فيه كل الأبواب الأخري. وخلال هذه السنوات استعدت بعض صداقاتي القديمة في روزاليوسف، لكن الأهم من ذلك تعرفي عن قرب علي جيل جديد من شباب الصحفيين، يؤمنون بقيمة العمل، ويصارعون في سوق الإعلام الذي انفتح علي مصاريعه، رغم ضآلة أجورهم مقارنة بزملائهم في الصحف الخاصة والقومية علي حد سواء. عرفت رشدي الدقن الذي يتولي الآن منصب نائب مدير التحرير قبل دخولي روزاليوسف، لكن في هذا المنصب الرفيع الذي يشغله في عالم الصحافة مجموعة من الشباب المميز، الذين فتح لهم عبدالله كمال باب الترقي المهني السريع دون أن يغار منهم كما يفعل آخرون، مثل أحمد إمبابي وهو واحد من أهم العارفين والعالمين بالشأن السوداني رغم صغر سنه، وأحمد الطاهري المحرر الدبلوماسي الفريد من نوعه، في الحصول علي الانفراد الصحفي في ذات الوقت الذي يتمتع فيه بحس وطني عاٍل، ومحمد صلاح الذي يأتي من إحدي مدن محافظة الدقهلية تاركاً أسرته هناك، وكان رئيسًا مميزاً لقسم الأخبار، وإيهاب كامل الصحفي الهادئ الذي ترأس القسم الثقافي وجعله واحداً من أهم الأقسام الثقافية في الصحف المصرية قبل أن يلحق بقطار نواب مدير التحرير. لن أنسي بالطبع مصطفي رجب، وهو نموذج للصحفي الذي يمتلك خيالاً ورؤية، وقدرة علي صياغة الأفكار، والخروج منها بموضوعات صحفية مميزة، تجعله واحداً من أهم نجوم مطبخ «روزاليوسف»، رغم أن اسمه لا يظهر كثيراً علي ورق الصحيفة، لكن قلمه وخياله يصنع الكثير من القصص التي تظهر علي الصفحات. وحين توقف المصريون عن العمل تقريباً منذ 28 يناير الماضي، حافظ القسم الاقتصادي علي حضور جسدي ومهني، بفضل رئيس القسم سيد إسماعيل، ومعه مجموعة مميزة من الصحفيين منهم النشيطة جداً، وصاحبة أكثر انفرادات صحفية في مصر علي الإطلاق، والمحررة المالية التي لا يضاهيها أحد إسلام عبدالرسول. وفي قسم الأخبار محررة شئون الصحة هبة فرغلي التي تبكي حين يتراجع خبر لها من الصفحة الأولي إلي صفحة داخلية، وهاني النحاس الذي يعرف كل "خرم" في مطار القاهرة، وفي القسم السياسي جميع محرري شئون الأحزاب بلا استثناء خاصة فريدة محمد، وهويدا يحيي التي تعرف منظمات المجتمع المدني أكثر من غيرها.. ومي أبو زيد رئيس القسم الثقافي التي كانت تشارك في الثورة، وتأتي إلي عملها، لتشرف علي صفحة يومية يتحدث عنها جميع المثقفين في مصر. عشرات من الصحفيين الشباب في مستهل أعمارهم، كل منهم صنع مجده الشخصي في سنوات معدودة، وساهم في إخراج صحيفة مهمة بأقل الإمكانيات، يستحقون جميعا الشكر.. حتي من لم أكتب أسماءهم لضيق المساحة. وبعد 23 عاما في بلاط صاحبة الجلالة يحق لشباب «روزاليوسف» ان أشكرهم جميعاً: عرفت جيلاً جديداً.. تعلمت منه الكثير.. وأضفتم إلي أكثر مما قدمت لكم.. فشكراً لكم علي تفانيكم المهني والإنساني وعلي تمسككم بالعمل في وقت تخيل فيه الناس أن الوقوف في الشوارع المنفلتة هو قمة النضال!