هذه هي الأيام التي يستحق كل يوم منها وبحق كلمات ابراهيم ناجي (أجل.. إن ذا يوم لمن يفتدي مصرا).. ولكن الذين ضحوا من أجل مصر وبحق هم مَن فقدوا حياتهم ثمنا للحرية.. أما هؤلاء الذين ما زالوا علي قيد الحياة فمن الصعب القول بأنهم جميعا يفتدون مصر!! الحقيقة أن الكثيرين قد اندفعوا لاستغلال الظروف الحالية للمصالح الشخصية.. ولا ينطبق هذا علي رجل الشارع فحسب، ولا علي المزارعين الذين أتلفوا زرعهم وبنوا بالطوب علي أراضيهم فحسب، ولا علي المشردين الذين احتلوا الشقق السكنية المملوكة لغيرهم فحسب.. بل امتدت هذه المصالح الشخصية لتشمل الشخصيات الكبيرة من نجوم المجتمع ومفكريه وكبار إعلامييه.. فصار الهم الأكبر لهؤلاء جميعا هو كيفية الاستفادة مما يحدث بأكبر شكل ممكن إما بتنصيب الذات كمشارك أساسي في صنع الثورة.. وإن لم يكن هذا ممكنا فعلي الأقل بالتخلص من الأعداء الشخصيين والبحث عما يصمهم بالانتماء للنظام القديم حتي يتم لفظهم من الجديد. وهؤلاء الذين يشكلون النخبة والذين يتلمس فيهم عامة الناس التوجه الصحيح والطريق المنير للخروج من أزمة الفوضي وعودة الحياة إلي طبيعتها وبداية الشعور الحقيقي بثمار التغيير، لا يقومون علي الإطلاق بواجبهم تجاه العامة.. ولا يهتمون بصقل الفكر وتنمية الشعور الوطني ودفع الجماهير نحو الإحساس بقيمة الوطن وتعلية مصلحة الوطن ككل فوق تلك المنافع الشخصية.. وكيف بالنخبة أن تقوم بهذا الواجب وهي لا تعتبر الوطن ولا مصلحته بل يهتم كل فرد منها بإبراء ساحته من الارتباط بالنظام القديم ومحاولة البحث عن مقال قديم أو حلقة فضائية قديمة قال فيها شيئا يرتبط ولو من بعيد بمصطلحات: الثورة.. التغيير.. الشباب.. الإنترنت.. وقد ضاع تماما من كلمات الغالبية العظمي ما يتصل بكلمات ناجي: (أجل.. إن ذا يوم لمن يفتدي مصرا.. فمصر هي المحراب والجنة الكبري.. تعالوا فقد حانت أمور عظيمة.. فلا كان منا غافل يصم العصرا).. كنت أتمني أن يقوم أحد المفكرين أو الإعلاميين الذين نري عشرات منهم كل يوم بمخاطبة المصريين بهذه الكلمات.. هذه أيام لا ينبغي فيها إلا أن نولي وجوهنا جميعا نحو مصر المحراب والجنة الكبري.. أيام ننسي فيها قليلا أشخاصنا ونبذل بعض الصبر والجهد مثلما بذل غيرنا العمر.. أيام حانت فيها أمور عظيمة تهدد استقرارنا وأمننا ولا ينبغي أن نكون فيها كغافل يسب العصر الماضي أو الحالي، بل ننتبه إلي وطننا إلي أن تستقر الأمور. ما زلت أتمني أن يخرج العقلاء بمقولة واحدة: لن نتحاسب الآن.. ولن نتبادل الاتهامات أو نبحث عن التبرئة الآن.. ربما فيما بعد.. ربما نترك هذا للجهات المختصة لتقوم بدورها مع كل من يستحق أن يحاسب.. أما هذه الأيام فهي عصر جديد فارق.. نتسابق فيه حول من منا سيحافظ علي وحدة مصر، ويبنيها، ويعمل وينتج وينمي فيها.. نسعي فيها لنضحي من أجل مصر ومن أجل الحفاظ عليها.. حتي لا تضيع دماء من افتدوها دون ثمار.