سبع سنوات تمر اليوم علي رحيل الروائي الفذ عبدالرحمن منيف، الذي فقدته الثقافة العربية في الرابع والعشرين من يناير سنة 2004، بعد أن قدم من الروائع ما يتيح لاسمه أن يتصدر صفوف خريطة الإبداع الأدبي في الربع الأخير من القرن العشرين. ينتصر الروائي الكبير، سعودي الأصل لعظمة الإنسان المهدد بإهدار الكرامة وضياع الحقوق، ويقدم شهادة موجعة صادقة عن عالمنا العربي الذي يكتوي في الأغلب الأعم من أنظمة حكمه بنيران الديكتاتورية والقهر والتعذيب في روايتيه الفريدتين: «شرق المتوسط» و«الآن هنا.. شرق المتوسط مرة أخري»، لوحة فنية بديعة، بقدر ما هي قاتمة السواد عن واقع كابوسي مأساوي، لا يضمن الإنسان فيه غده أو يومه، أو حتي الساعة التي هو فيها! كان عبدالرحمن منيف في الأربعين عندما ظهرت روايته الأولي المتميزة «الأشجار واغتيال مرزوق» ثم توالت رواياته ذات المذاق المختلف، ولد عملاقاً ناضجاً مكتمل الأدوات، فهو مسلح بثقافة رفيعة وتجربة عميقة ولغة مضيئة وإحساس مرهف، وما الأسلحة التي يحتاجها الروائي أكثر من هذه المفردات؟! شخوص منيف لا يعرفون الخطب العصماء والشعارات الرنانة والوعظ الزاعق المباشر، فهم من البشر الحقيقيين الذين لا يصدرون أحكاما سابقة التجهيز، والروائي المتمكن يعي أن تأثير الإبداع يقترن دائماً بالهدوء وتجنب الإسراف الانفعالي، ينتهي القارئ من روايته فيشعر بخليط من الألم والأمل: الألم لوجود كل هذا العناء والقهر والأمل في النهوض واستعادة مجد الإنسان. أسماء رائعة ذات شأن مثل منيف «السعودي» والطيب صالح «السوداني» وزكريا تامر «السوري» وغالب هلسا «الأردني» وإميل حبيبي «الفلسطيني» والطاهر وطّار «الجزائري» وعشرات غيرهم، تبرهن علي أن الأدب العربي قادر علي توحيد ما تفرقه السياسة ويفسده السياسيون، لكن التواصل الثقافي يعاني من الأزمات والمشاكل، والتقوقع القُطري ضيق الأفق يفضي إلي نتائج سلبية وخيمة وليس أدل علي ذلك من أن كرة القدم ومعاركها الوهمية هي التي تطغي وتسود وتهيمن. ولنا الله