"إذا أراد الشعب أن يأكل فعليه أن يشرب.. وإذا أراد الشعب أن يشرب فعليه أن يعمل".. بهذه الكلمات استطاع محمد عبدالله إبراهيم، وشهرته الصعيدي، أن يواجه قسوة الحياة في جنوب السودان علي مدار 6 سنوات، جاء ليبحث عن لقمة العيش بينما مدافع ورشاشات صاحبة الصوت الأول والأخير وقتها بين الشماليين والجنوبيين. استخدم الصعيدي تلك الكلمات كشعار له في عمله حتي يخفف علي نفسه ما يواجه من مواقف وصعوبات كفيلة بأن تودي بحياته في أي وقت.. درس شخصية الجنوبيين وعرف سبل التعامل معهم دون صدامات أو خسائر، وبعد شهور من العمل في الصحراء لم يتقاض في بدايتها أي أجر استطاع أن يبني علاقات مع قادة الحركة الشعبية والجيش الشعبي وبعض المستثمرين والدبلوماسيين، حتي أطلق عليه عمدة المصريين في الجنوب باعتباره أكثر الشخصيات تواجدت وعمرت هناك علي عكس زملائه الذين حضروا معه وعادوا مرة أخري. محمد الصعيدي - ابن قرية الشيخ علي شرك مركز دشنا قنا - يروي بداية قصته مع الجنوب عندما سافر إلي جوبا في منتصف عام 2006 دون أن يعرفها أو يسمع عنها، حيث استقدم وقتها مستثمر لبناني 86 مصريا من مختلف المحافظات للعمل في شركة مقاولات هناك بمقابل مغرٍ وقتها 450 دولارًا في الشهر، لكن الملاريا أصابت 25% منهم في أول 15 يومًا هناك كما أن أصحاب العمل لم يصرفوا لهم أجورهم أول 6 شهور وهو ما دفع معظم المصريين للعودة أو الاتجاه للعمل في الخرطوم. يقول الصعيدي إنه عاني كثيرا في تلك الفترة لدرجة أنه كان يسير أكثر من 10 كيلو مترات علي قدمه لأنه كان لا يملك نصف جنيه يركب به السيارة وهو يساعد الجميع حاليا بسبب تلك المعاناة، ويضيف: أنه حضر في وقت الحرب ولم تكن هناك أي حياة، واستطاع من خلال إنشاء فلل قادة الجيش الشعبي في منطقة بيلفوم أن يبني علاقات قوية مع قادته مثل رياك مشار نائب رئيس حكومة الجنوب. ويضيف: أنه أصر علي الاستمرار مع المستثمرين اللبنانيين وتحديدا مع رجل الأعمال خليل نصور وقاموا بإنشاء فندق سحارة في جوبا باسم شقيقته سحر وهو الفندق العربي الوحيد هناك حتي الآن، وقال: إنه بدء العمل معهم ب450 دولارًا ثم زادت إلي 600 دولار وبعدها إلي 800 دولار وأخيرا إلي ألف دولار في الشهر، مشيرًا إلي أنه سيظل في الجنوب حتي يفتتح مشروعًا في بلده ويساعد أسرته الفقيرة لأنه يتمني زيادة مساحة الأرض التي اشتراها مؤخرا. وحول التواجد المصري قال: لا توجد استثمارات مصرية في الجنوب بسبب القلق الأمني رغم أن السوق هنا مكسبها كبير والمليون يمكن أن يضاعف إلي 10 أضعاف، فالتراب والمياه تباع هنا، وقال إن الجنوبيين يحترمون المصريين لكن هناك نبرة عداء للعرب عموما بسبب ما فعله الشماليين فيهم طوال فترة الحرب.